نلسون مانديلا الذي تحول، ومن سجنه الطويل، ورغم إرادة كل قوى الاستعمار الغربي، الى رمز للتحرر ومحاربة العنصرية والتمييز، استسلم بهدوء للمرض، ورحل عن العالم.
خلال 95 سنة، ظل مانديلا يعاند كل المصاعب، ولم يستسلم. نحو 30 سنة في سجنه الذي تحول الى مزار في رون آيلاند، كان مانديلا يكسر نظام الفصل العنصري الذي أحكم قبضته على شعوب جنوب افريقيا وقبائلها أكثر من 300 سنة، حجراً حجراً، بين عامي 1964 و1990.
وما أن خرج، بعدما صار رمزاً عالمياً أكثر سطوعاً، كان العد العكسي لنهاية حكم الظلم في بلاده، قد تسارع.
عاند شعبه مثله. قاوم، عندما كانت كل الأمم الكبرى تتآمر عليه، وعلى حريته، وعلى الدرب فقد العديد من رفاقه حياتهم، واستبيح دم شعبه في شوارع سويتو وغيرها، ولم ينكسر.
ولم يخرج مانديلا حاقداً. خرج مبتهجاً بانتصار الارادة، وفكرته. خرج ليصنع بريتوريا الجديدة. جنوب أفريقيا سلمت له أمرها واختارته في العام 1994 رئيساً في اول انتخابات ديمقراطية متعددة، شارك فيها السود والبيض، وأصبح أول رئيس أسود لها، ورمزاً للمصالحة.
ولد مانديلا في 18 تموز (يوليو) 1918 في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) في قبيلة ملكية واطلق عليه والده اسم «روليهلاهلا» أي المشاكس الذي يجلب المشاكل. وفي سن مبكرة بدا مانديلا فتى متمرداً وأقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب. وفي جوهانسبرغ، التحق المحامي الصاعد الذي يعشق النساء والملاكمة، بحزب المؤتمر الوطني الافريقي وأسس مع أشخاص آخرين رابطة الشباب في الحزب. وأمام السلطة التي تطبق نظام الفصل العنصري في العام 1948 تولى مانديلا رئاسة الحزب. واعتقل مراراً وحكم مرة أولى بتهمة الخيانة قبل تبرئته في العام 1956. وبعد عام قاد مانديلا النضال المسلح واعتقل وحوكم بتهمة التخريب والتآمر ضد الدولة في إطار محاكمة ريفونيا (1963-1964). وصدر على مانديلا حكم بالسجن المؤبد لكنه أعلن مبدأه بالقول «إن مثلي الأعلى كان مجتمعاً حراً وديمقراطياً… اني مستعد لأن اضحي بحياتي في سبيل ذلك».
وقد أعلن الرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما عبر التلفزيون الرسمي مباشرة، الخميس الماضي، أن مانديلا، توفي عن عمر 95 عاماً في منزله بجوهانسبورغ. وقال زوما «الرئيس السابق نلسون مانديلا فارقنا (…) إنه الآن بسلام. خسرت الأمة ابنها الأكثر تأثيراً».
يشار الى ان نلسون مانديلا كان أول رئيس اسود في جنوب إفريقيا من 1994 حتى 1998، وجاءت وفاته بعد صراع طويل مع مرض في الرئة.
وأدخل مانديلا إلى المستشفى عام 2011 بعد تعرضه لالتهاب حاد في التنفس، وبدأ صراعه مع المرض، الذي أدخله إلى المستشفى مرات عدة، كانت آخرها في الثامن من حزيران (يونيو) الماضي، بعد إصابته مجدداً بعدوى في الرئة، حتى وافته المنية الخميس كما أعلنها رئيس جنوب افريقيا زوما.
Leave a Reply