استيقظ حوالي 1500 طالب من جامعة ميشيغن-آناربر صباح الثلاثاء الماضي على أمر بـ«إخلاء» شققهم في ست مبان سكنية تابعة للجامعة بعد أن وجدوا إشعارات تحت الأبواب تطالبهم بالإخلاء بحلول الـ13 من الشهر الجاري، الساعة السادسة مساء. والا سيواجهون اجراءات الاخلاء القسري ودفع غرامات من حساباتهم الطلابية، وتحمل مسؤولية ما يجري تجاه سلامتهم الشخصية وممتلكاتهم.
لحسن الحظ لم يكن ذلك سوى إشعار وهمي، أو حيلة لجأ لها «تحالف طلاب من اجل الحرية والمساواة»، وهي منظمة طلابية داخل الجامعة معنية بتعزيز حقوق الانسان والعدالة وتقرير المصير، وكان الهدف منها لفت انتباه طلاب الجامعة والعاملين فيها الى المعاناة الشديدة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية.
وكانت هذه المنظمة الطلابية على مدى الشهور الماضية دعت الجامعة لسحب استثماراتها لدى شركات أميركية داعمة لاسرائيل وبضمنها «كاتربلر»، و«نورثروب غرومان»، و«هيوليت باكرد»، حيث قال أعضاء «لجنة المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات» في المنظمة إنهم لجأوا الى إشعارات الإخلاء الوهمية في محاولة لتسليط الضوء على استمرار الطرد غير القانوني وغير الأخلاقي الذي تمارسه اسرائيل ضد الفلسطينيين حيث تتعرض آلاف العائلات في المناطق المحتلة لهدم منازلهم ما يؤدي في كثير من الأحيان الى تشريدها ووقوعها في براثن الفقر.
أدت هذه الحركة من جانب «التحالف» الى جذب انتباه العديدين بضمنهم «اتحاد الطلاب السود»، وتم تناقل الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة «تويتر»، وقد حرص اعضاء التحالف القائمين على الفكرة عدم نشر اسمائهم خشية استهدافهم من إدارة الجامعة وأصحاب الأعمال وحتى المسؤولين الاسرائيليين. وقال أحد الطلاب العرب الاميركيين لصحيفة «صدى الوطن» إن اموال «جامعة ميشيغن» لا تزال تخصص لعمليات الجيش الاسرائيلي. واضاف «جامعتنا ضالعة في استمرار الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وفق البيانات المالية للعام 2011.. وكان هدفنا الرئيسي سحب استثمارات الجامعة من اسرائيل».
في المقابل، كانت هناك جهات مناوئة لحيلة الاخلاء الوهمي ومن هؤلاء منظمة «هليل» وهي فرع لأكبر منظمة يهودية موالية لاسرائيل في العالم، والتي قامت على الفور بارسال رسائل الكترونية للطلبة اليهود في الجامعة تحثهم فيها على اللجوء لإدارة الجامعة إذا شعورا بتهديد سلامتهم. كما عقد طلاب «هليل» في نفس اليوم اجتماعاً طارئاً حضره 40 من اعضائها تم فيه مناقشة تعميم الاخلاء. وأكدوا أن ذلك شتت تركيزهم في المذاكرة للامتحانات النهائية. وقال المدير التنفيذي للمنظمة، تيلي شمس لصحيفة «ميشيغن ديلي» الجامعية إن الإشعار الوهمي ربما أدى الى الانقسام في أوساط الطلبة و«اهتزاز القيم المجتمعية السائدة».
رد عليه أحد أعضاء في التحالف بالقول إن ما فعلوه جزء من حقهم في التعبير بحرية، و«الهجوم علينا يأتي لا لشيء الا لكوننا متعاطفين مع القضية الفلسطينية، لدرجة ان البعض وجهوا لنا الإهانات اللفظية والفعلية بما في ذلك البصق». وأضاف قائلاً «إننا كمسلمين وعرب وفلسطينيين، مستهدفون من أعضاء هذه الجماعات بسسب موالاتنا لفلسطين وضد الاحتلال الاسرائيلي».
وأكد أن تعميم الاخلاء الوهمي لم يكن موجها لمجموعة بعينها وإنما وزع على أبواب الجميع في ست مبان سكنية مخصصة للطلاب. «والآن تحاول اكبر منظمة صهيونية استغلال هذا الحدث لبث الكراهية ضدنا في الحرم الجامعي»، وأضاف أن حقوق الانسان «ينبغي أن لا تكون عامل انقسام في الجسم الطلابي، بل علينا أن نكون جميعا موحدين خلف شعار المحافظة على هذه الحقوق في كل زمان ومكان».
وكان مدير السكن الطلابي قد أرسل «إشعارا الى التحالف من اجل العدالة والمساواة» اوضح فيه ان ما قاموا به من توزيع للتعميم يعد مخالفة لسياسة الجامعة. يشار الى ان تحركات الطلبة تجاه دعوة الجامعة لسحب استثماراتها من اسرائيل منيت على مدار السنوات الماضية بنكسات متتالية في العامين 2000 و2006 حين صوت مجلس امناء الجامعة ضد قرار بسحب تلك الاستثمارات.
ورغم ذلك تقدم التحالف في الفصل الدراسي الحالي من خلال حكومته الطلابية بمشروع قرار لسحب استثمارات الجامعة من اسرائيل، وهو بصدد التحضير لمشروع مماثل سيرفعه للتصويت خلال الفصل الحالي. ومع ذلك فإن هذا المطلب يحقق مع الوقت زخماً كبيراً في العديد من الجامعات الكبرى على المستوى الوطني.
في وقت سابق من الشهر الحالي، توصلت جمعية الدراسات الاميركية (أي أس أي) الى قرار بالاجماع لمقاطعة اسرائيل أكاديمياً. وهذه اقدم واكبر جمعية متخصصة في الدراسات الثقافية الاميركية يصل عدد اعضائها الى 5000. كذلك نجح الطلاب في عدد من الجامعات خلال العامين الماضيين، في استصدار قرار بسحب الاستثمارات من اسرائيل مثل جامعة يو سي بيركلي وجامعة اريزونا ستايت, اضافة الى 2200 من المشتركين في المعاهد والمكتبات.
Leave a Reply