واشنطن – نظم «مركز سابان للسياسة في الشرق الأوسط» يومي السبت والأحد الماضيين «منتدى سابان العاشر» حول العلاقات الأميركية الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة، في ظل التوتر القائم في العلاقات على خلفية الإتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى، ومحاولات واشنطن لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أوباما متحدثاً في منتدى «سابان». |
واستضاف المنتدى، الذي أقيم في معهد «بروكينغز» بواشنطن، الرئيس الأميركي باراك أوباما، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، حيث كان الملف النووي الإيراني والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية محور النقاشات.
وقد دافع أوباما عن الاتفاق المؤقت المبرم مع إيران للحد من أنشطة برنامجها النووي، متعهداً بتشديد العقوبات أو الإعداد لضربة عسكرية محتملة إذا لم تلتزم طهران بالاتفاق، سعياً منه إلى طمأنة إسرائيل.
وقال أوباما «الآن نسمع حججاً مثل تلك التي يوردها بنيامين نتنياهو بأنه لا يمكن أن نقبل أي تخصيب على الأراضي الإيرانية، نقطة على السطر»، ولكن هذا النوع من الحجج «موجودة في عالم مثالي» ليست واقعية، معتبراً أن نسبة التوصل إلى اتفاق نهائي مع طهران تصل إلى حوالي 50 بالمئة.
واعتبر أوباما، أن التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يفكك «حتى آخر مسمار» البرنامج النووي الإيراني، أمر غير واقعي. وأضاف «أريد أن يفهم كل شخص أن هذا الخيار المحدد ليس ممكناً ويجب أن نعمل نتيجة لذلك، بشكل يوفر لنا الوسائل المناسبة من أجل إيجاد أفضل خيار للتأكد من أن إيران لا تمتلك السلاح النووي»، موضحاً أنه «يمكننا أن نتخيل عالماً مثالياً تقول فيه إيران: سوف ندمر كل عنصر وكل بنية تحتية، ولكن أعتقد أنه يتوجب علينا أن نكون أكثر واقعية».
وأشار أوباما إلى نتنياهو بوصف «صديقي بيبي»، لكنه أقر بأن هناك خلافات «تكتيكية كبيرة» تنشب بينهما أحياناً.
وأكد الرئيس الأميركي أن جميع الخيارات ما زالت مطروحة إذا لم تف إيران بالتزاماتها، قائلاً إنه «إذا لم نستطع الوصول إلى وضع نهائي شامل يرضينا ويرضي المجتمع الدولي… سيكون الضغط الذي مارسناه عليهم والخيارات التي أوضحت أن بإمكاني اللجوء إليها بما فيها الخيار العسكري، هي الخطوة التي سننظر فيها ونعد لها».
وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمام المنتدى، إن الخلافات مع إيران ستستمر في ما يتعلق بمسائل، من بينها دعم إيران لـ«حزب الله» وللرئيس السوري بشار الأسد.
واعتبر كيري أن إبرام «اتفاقية (نووية) شاملة، لن تحل كل خلافاتنا مع إيران. مهما كانت نتيجة المفاوضات المقبلة، سيظل أمام إيران الكثير لتقوم به».
ودعا إسرائيل إلى تقديم دعم أكبر للاتفاق المؤقت مع إيران، مؤكدا أنها ستكون «أكثر أمناً» بعد توقيع الاتفاق بصيغته النهائية مع إيران.
حل الدولتين يضمن أمن إسرائيل
وعلى الرغم من أن النقاش في معهد «بروكنغز» تركز بشكل أساسي على إيران، فقد تناول أوباما أيضاً، عملية السلام في الشرق الأوسط، والتي تهدف إلى إنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقد أعلن أوباما أن الولايات المتحدة توصلت إلى نتيجة مفادها بأن حل الدولتين في الشرق الأوسط يتضمن بقوة الضمانات الضرورية لأمن إسرائيل.
وقال أوباما أمام المنتدى السنوي لمركز «سابان» للسياسة في الشرق الأوسط من واشنطن، إن المستشار الخاص من أجل الشرق الأوسط، الجنرال جون آلان توصل إلى النتيجة بأنه من الممكن التوصل إلى حل الدولتين الذي يضمن الحاجات الأساسية للأمن الإسرائيلي.
والتقى الجنرال آلان، رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى جانب كيري، الذي أطلق مفاوضات السلام من أجل 9 أشهر تنتهي بنهاية (تموز) يوليو.
وحذر الرئيس الأميركي أيضاً من أنه في إطار احتمال التوقيع على اتفاق سلام، يجب أن يوافق الفلسطينيون على رغبة إسرائيل في قيام «فترة انتقالية» للتأكد من أن الضفة الغربية لا تشكل مشكلة أمنية مشابهة لتلك التي شكلها قطاع غزة بقيادة «حماس».وقال أوباما «هذه الفترة الانتقالية تتطلب ضبط النفس من قبل الفلسطينيين أيضا. لا يمكنهم الحصول على كل ما يريدون منذ اليوم الأول».
أما صحيفة «هآرتس» فتحدّثت عن الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية، معتبرة أن الاقتراح الأميركي للترتيبات الأمنية في الضفة ضمن اتفاق سلام مستقبلي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، يضمن الإحتفاظ بقوات من الجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن لعدة سنوات. وقال موظف إسرائيلي كبير للصحيفة إن «الأمر يتعلق بفترة زمنية طويلة يبقى خلالها الوجود العسكري الاسرائيلي على طول نهر الأردن، أي ما يزيد على ثلاث سنوات». وأشار الموظف الإسرائيلي الذي اطلع على تفاصيل الاقتراح الاميركي إلى ان الولايات المتحدة تبنّت الموقف الاسرائيلي المبدئي في موضوع أهمية الترتيبات الأمنية، كشرط للتقدم في المفاوضات. ورئيس الحكومة راضٍ عن اجزاء واسعة من الاقتراح الأميركي، لكنه طرح بعض التحفظات وحتى أنه اعرب عن تشكيكه إزاء الإستعداد الفلسطيني لقبول هذا الإقتراح.
ومن جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، السبت، أن الاحتمال ضئيل بأن تتوصل مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى نتيجة خلال التسعة أشهر، ولكنه أشار إلى أن الحوار مع ذلك يجب أن يستمر. وقد أكد نتنياهو في كلمة بثت عبر الفيديو في اليوم التالي من ندوة أوباما في «بروكنغز»، أن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كـ«دولة يهودية»، يشكل الحد الأدنى المطلوب لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وفي تحول عن الموقف المتشنج تجاه أوباما، شكر نتنياهو الرئيس الأميركي على التزاماته، وعلى التعاون العسكري والاستخباراتي مع تل أبيب.
وقد قرأ المحللون الاسرائيليون في كلام نتنياهو «لهجة تصالحية في محاولة لاحتواء الأزمة مع الأميركيين»، معتبرين أن نتنياهو «غير تكتيكه المتبع هذه المرة في مواجهة الادارة الأميركية»، من مرحلة المواجهة العلنية واتهام الأميركيين بأنهم لا يفقهون شيئاً حيال ايران وأن الصفقة سيئة، إلى لهجة أخرى.
لهجة لم تنفع برأي البعض في اخفاء الخلافات القائمة بين الادارة الأميركية وإسرائيل. فكانت تصالحية في الظاهر، خلافية في المضمون، حيث ربط في كلمته بين المسألة الايرانية والمفاوضات الفلسطينية، بمعنى أنه، من دون تفكيك البرنامج النووي الايراني لن تكون هناك دولة فلسطين.
وقد ذكرت صحيفة «معاريف» أن اتفاق جنيف بين إيران والدول العظمى يدخل حيّز التنفيذ في منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل.
Leave a Reply