أقر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في معرض عرضه للجهود الدبلوماسية التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في المنطقة بعدم وجود ضمانات لنجاحها وخاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا، غير أنه أوضح أن الفرصة ما تزال قائمة لتحقيق السلام في أكثر مناطق العالم اضطراباً.
وقال كيري في ندوة نظمتها مجلة «فورين بوليسي» وإدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء الماضي، بمناسبة عيد ميلاد كيري السبعين، إنه بالنظر إلى التاريخ، فإنه يمكن رؤية الدور الفعال الذي لعبته الولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى حلول لمشاكل العالم المعقدة، مضيفاً إنه «يتعين علينا أن نلجأ دائماً للدبلوماسية أولاً، وأن الحرب تعني فشل الدبلوماسية».
وذكر كيري أنه شارك في الجهود التي بذلها مجلس الشيوخ الأميركي خلال وجوده في المجلس لثلاثين عاماً، من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مذكراً بمدى صعوبة لعب دور الوسيط لعقد اتفاق ينهي الصراع العربي-الإسرائيلي. وقال «إن الوضع الراهن غير مستدام» لأن إسرائيل تواجه «قنبلة ديمغرافية موقوتة» ناجمة عن ارتفاع معدلات مواليد الفلسطينيين بينما الوقت ينفذ أمام الزعماء الفلسطينيين لكي يظهروا لشعبهم أن اللاعنف يمكن أن يحقق مكاسب ملموسة.
وقال كيري «لقد سمعت كل الحجج من جميع النقاد من مختلف الأطراف»، وأضاف موضحاً صيغة هذه الحجج «الصراع مجمد أيضا. انه معقد للغاية، وهم لا يثقون ببعضهم البعض بما فيه الكفاية. لا توجد وسيلة ممكنة أن هناك مكونات في محاولة صنع السلام. انها مهمة الحمقى الذين يعتقدون بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل من الماضي. الرئيس أوباما وأنا أرفض تلك السخرية».
وجاء حديث كيري عشية سفره إلى المنطقة حيث يقابل كبار المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والأمنيين.
وقال كيري إن اللقاءات التي لا تحصى مع رؤساء ورؤساء حكومات على مدى سنين عديدة قد أظهرت بوضوح ما هو شكل حل الدولتين، واضاف «هذا ليس هو القضية. القضية تكمن في كيفية تحقيق ذلك». وقال «زعماء اليوم -على كلا الجانبين- اتخذوا بالفعل بعض القرارات الصعبة، خيارات صعبة، وخيارات شجاعة، في محاولة لاتخاذ خطوات للتحرك في الاتجاه الصحيح».
وكرر كيري التزام أوباما بتسوية الصراع العربي الإسرائيلي «لأنه يفهم أن احتمالات السلام مثيرة وتستحق القتال من أجل: دولة يهودية آمنة وإسرائيل ديمقراطية تعيش جنبا الى جنب مع دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة؛ إسرائيل تتمتع بالسلام وتطبيع العلاقات مع 22 دولة عربية. هذا ما ينتظر إذا كان يمكن تطبيق سلام لأن هذا ما تعهدت به مبادرة السلام العربية التي جرى تحديثها لتشمل مقايضة أراضي على طول خطوط عام 1967 ما دام يتم الاعتراف بإسرائيل من قبل 57 دولة إسلامية في ضربة واحدة».
وقال كيري إنه في زيارته يوم الخميس سيواصل الحديث مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني مشيراً إلى أن الرؤية لديه واضحة حول التحديات ولكنه يعلم أن «الوضع الحالي لن يستمر». مؤكدا على أن «التزام الفلسطينيين بمسار اللاعتف قد غير الوضع لكنه لن يتغير إلى الأبد إذا لم يتم حل قضايا الوضع النهائي . الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وليس هناك بديل واقعي عن حل دولتين لشعبين».
وكان كيري قبل حضوره الندوة قد قضى معظم يوم الأربعاء في اجتماعات مغلقة في مجلس الشيوخ ضمن مساعي البيت الأبيض لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ بعدم الانضمام إلى مجلس النواب في فرض عقوبات إضافية جديدة على إيران من شأنها أن تطيح بالجهود الدبلوماسية التي أسفرت عن توقيع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين اتفاقا مؤقتا مع إيران بشأن خفض تخصيب اليورانيوم لقاء تخفيف العقوبات.
وركز كيري في حديثه المطول إلى الجهود التي بذلتها حكومة الرئيس أوباما، في التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجهاالنووي، والإتفاق الذي تم التوصل إليه لتدمير السلاح الكيمياوي السوري، وجهود مفاوضات السلام الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ونفى كيري أن تكون الولايات المتحدة تلعب دور شرطي العالم، مؤكداً أن العالم نفسه لم يمنحها هذا الدور، وأن الولايات المتحدة لا يمكنها منفردةً تحقيق الأمن للعالم بأسره.
وقال كيري «إذا كانت الدبلوماسية المدعومة بالتهديد العسكري، تبدد مخاطر السلاح الكيمياوي السوري، وتحول دون خطر السلاح النووي الإيراني، وتفتح الطريق أمام الأمن والسلام بين إسرائيل وفلسطين، وإذا كان بإمكاننا التغلب على تلك التهديدات دون اللجوء إلى الحرب، فإن المنطقة والعالم بأسره سيكونان في حالة أفضل».
Leave a Reply