مات أهلي وأهلكم أيها السوريون، فماذا نستطيع أن نفعل لمن لم يمت منهم؟
إن نواحنا لا يسد رمقهم، ودموعنا لا تروي غليلهم، إذن ماذا نفعل لننقذهم من الجوع والشدة؟ هل نبقى مرتابين، مترددين، متكاسلين، مشغولين عن المأساة العظمى بتوافه الحياة وصغائرها؟ إن العاطفة التي تجعلك، يا أخي السوري، تعطي شيئاً من حياتك لمن يكاد يفقد حياته هي الأمر الوحيد الذي يجعلك حريّاً بنور النهار وهدوء الليل. وأن الدرهم الذي تضعه في اليد الفارغة الممدودة إليك هو الحلقة الذهبية التي تصل ما فيك من البشرية بما فوق البشرية.
جبران خليل جبران
مجلة الفنون عام 1917
جانب من المتطوعين في حملة «صيدلية ناديا» |
كلام الفيلسوف والشاعر والرسام اللبناني الأميركي، جبران خليل جبران، لم يكن حياً كما هو اليوم بعد حوالي قرن من كتابته. جبران كان ينادي شعب سوريا الكبرى، الذي كان يعاني من كوارث الحرب العالمية الأولى، وما أشبه اليوم بالبارحة.
لا يخفى أن الأزمة السورية، والإنقسام القائم حولها، قد أوجدا شرخاً غير مسبوق بين أبناء الجالية العربية التي لطالما كانت مواقفها موحدة حيال أبرز قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي -للأسف- لم تحيي الجالية العربية في ديربورن ذكرى نكبتها هذا العام، وذلك لأول مرة منذ سنوات طويلة.
الأزمة اتسعت ومعها جراح الشعب السوري الذي استضاف اللاجئىن العراقيين واللبنانيين في البيوت بدل الخيم، ولكنه اليوم يعاني الأمرين بسبب الحرب الدائرة في وطنه والتي دفعت الملايين من أبناء سوريا للجوء الى دول الجوار بحثاً عن الأمان.
«هذا شعب لا يمكن أن ننساه في محنته»، تقول ناشطة لبنانية أميركية، انضمت الى العديد من المتطوعين المنشغلين هذه الأيام في تنظيم حملات جمع التبرعات لصالح اللاجئين السوريين.
تحرُّك هؤلاء جاء تعبيراً عن إرادة حقيقية داخل الجالية لمساعدة اللاجئين الذين يعانون من البرد القارس في خيمهم المنتشرة في البلدان المجاورة بعيداً عن مدنهم وقراهم التي دمرتها الحرب، «بينما نتمتع نحن هنا بالتدفئة في بيوتنا وننشغل في الخلافات بوجهات النظر حول ما يجري هناك»، تقول ناشطة أخرى.
واحدة من الجهات المشرفة على جمع المساعدات، هي «صيدلية ناديا» التي أرسلت الأسبوع الماضي مستوعباً (كونتاينر) من البطانيات والثياب الشتوية إلى آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في خيم بدائية لا تقيهم شر الطقس القاسي، وذلك بعد أن ضربت العاصفة الثلجية «ألكسا» منطقة الشرق الأوسط وعرضت حياة آلاف اللاجئين للخطر.
الصيدلانية المختصة، ناديا حيدر، قالت إن بناتها الأربع، ميساء وأليس وسارين ونادين، طرحن الفكرة عليها، فقامت هي والصيدلانية سوسن بري، بدفع تكاليف شحن المستوعب إلى لبنان.
وقد نشرت حيدر عبر صفحات التواصل الإجتماعي رسالة تدعو فيها الجالية للتبرع للاجئين في ١٢ كانون الأول (ديسمبر) وقد تم ملء «كونتينر» (٤١ قدماً)، بالتبرعات العينية. وأشارت حيدر إلى «أن الإستحابة كانت غير معقولة حيث رأينا البعض من المتبرعين الكرام يأتون لكي يتبرعوا بأحذية وكفوف وكنزات وجوارب وبطانيات جديدة». وأضافت أن بناتها مع المتطوعين من الجالية تفحصوا التبرعات من أجل إنتقاء المناسب منها لإرساله، أما الأشياء غير المناسبة فأرسلت لصالح مؤسسة «زمان انترناشونال» الخيرية.
وأكدت حيدر أن حملة التبرع هذه حصلت بصفة فردية من دون تدخل أية جمعية خيرية أو مؤسسة حكومية وعندما تصل الشحنة إلى لبنان فستوزع المساعدات على اللاجئين من قبل «أفراد موثوق بهم». وأردفت «ليس عندي شك واحد بالمئة بأن المساعدات سوف ترسل إلى اللاجئين المستحقين وسيقوم المتطوعون الموثوق بهم بتوزيعها على مخيمات عديدة».
وأكدت ناديا على المهمة الإنسانية للمساعدة وعدم وجود طبيعة سياسية لها. كذلك قالت إبنتها ميساء التي نشرت دعوات التبرع عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أنها شعرت بضرورة القيام بعمل ما، بعد أن أرسلت صورة طفل سوري على الأخبار مات متجمداً من البرد. وأضافت «هؤلاء الأطفال لم يموتوا بسبب حرب كيميائية بل الذي قتلهم هو البرد وهذا أمر يمكن تلافيه»، وأعربت عن سرورها من تجاوب الجالية الإيجابي وخصوصاً أن المساعدات تدفقت من مختلف الناس من دون تمييز ديني أو عرقي. وأكدت أن «بعض التبرعات جاءت من أناس نحن نعرف أنهم فقراء. لكن نحن بحاجة إلى توسيع قاعدة المتبرعين والكل يتمنى فعل شيء ضد هذا الظلم لكننا بحاجة الى المزيد من الناس المبادرين».
ولم تهتم ميساء كثيراً بحجم المساعدات وكم ستنقذ من الأرواح، لأننا لو نجحنا بإنقاذ حياة واحدة فتكون أهداف المهمة الإنسانية قد تحققت».
وأشارت إلى أن هذا المشروع الصغير يمكن للناس إستخلاص درس منه بالوحدة حيث «أتى الناس من روتشستر» وتوليدو» وويندزور الكندية، كما اتصل آخرون من تورنتو، وكانت جنسيات المتبرعين من لبنان والعراق وسوريا وفلسطين وحتى من غير العرب. «لقد كان المشهد باهراً وحبذا لو نقوم بمشروع موحد كهذا على صعيد أكبر».
وسوف تصل الشحنة التي أرسلت الأسبوع الماضي، بعد ٢٧ يوماً إلى لبنان وتعزم «صيدلية ناديا» شحن مستوعب آخر من المساعدات بالتعاون مع باقي الصيدليات بعد وصول الشحنة الأولى. وتتضمن المساعدات المرسلة أيضاً معدات طبية وأدوات نظافة ومنتجات طبية.
كذلك دعت جمعيتا «نساء من أجل الإنسانية» و«كونتاينرات من أجل الأمل» إلى جمع تبرعات من البطانيات والمعاطف لإرسالها إلى سوريا هذا الشهر. وقالت منسقة الحملة، يارا راس، إن جمعية «كونتينرات» تأسست في حزيران (يونيو) الماضي وأرسلت بالتعاون مع «الجمعية الطبية السورية الأميركية» سبعة صناديق شحن إلى سوريا مليئة بالمساعدات، كما أرسلت سابقاً شحنات من الأدوية والمعدات الطبية.
ويمكن جمع التبرعات من بطانيات وثياب شتائية يوم الجمعة ٢٧ كانون الأول (ديسمبر) في الأماكن التالية:
The Muslim Unity Center
1830 W. Square Lake Rd., Bloomfield Hills.
The Islamic Cultural Institute
30115 Greater Mack Ave, St. Clair Shores.
The Balkan Center
1451 E. Big Beaver Rd., Troy.
The Grand Blanc Islamic Center
1479 E Baldwin Rd, Grand Blanc Township.
The Flint Islamic Center
9447 W. Corunna Rd., Swartz Creek
للمزيد من المعلومات أو من أجل التطوع يرجى الإتصال بـ يارا راس على الرقم التالي: ٠٤٤٢-٨٢٤-٢٤٨
Leave a Reply