قال رئيس بلدية ديترويت المنتخب مايك داغن فور عودته من واشنطن إنه سيكرر زيارته الى العاصمة الأميركية لعقد مزيد من المشاورات مع مسؤولين في الادارة الاميركية لتعزيز دور الحكومة الفدرالية في جهود إنهاض ديترويت. في الوقت الذي أعلن فيه مدير الطوارئ في ديترويت عن إعادة بعض الصلاحيات لرئيس البلدية المنتخب.
وقد شارك داغت يوم الجمعة ١٣ الجاري في عشاء أقامه الرئيس باراك أوباما بالبيت الأبيض لرؤساء بلديات أكبر مئة مدينة أميركية. كما التقى داغن في زيارته نائب الرئيس، جو بايدن، إضافة الى عدد من المسؤولين في الحكومة الفدرالية.
كما حضر داغن اجتماع خاص استغرق ساعة مع الرئيس أوباما وعدد من رؤوساء البلديات المنتخبين حديثاً، في كل من نيويورك وبوسطن وبيتسبورغ ولوس أنجلوس وتشارلوت، حيث تمت مناقشة السبل الكفيلة بخلق الوظائف وعقد شراكات بين الحكومة الفدرالية وهذه المدن.
وأكد داغن، الذي يستعد لتولي دفة المدينة، أنه سيسعى الى تمتين العلاقة مع الحكومة الفدرالية للمساعدة في جهود إنهاض ديترويت. ولفت المدير التنفيذي السابق لـ«مركز ديترويت الطبي» الى أنه سيعود الى واشنطن لمزيد من اللقاءات التي لم يستطع استكمالها في هذه الزيارة.
وكان داغن شكر أوباما أثناء اللقاء على الجهود التي بذلها لمساعدة ديترويت، مشيداً بـ«الشراكة العظيمة» مع البيت الابيض بما في ذلك العلاقة مع اثنين من أبرز مساعدي الرئيس الإقتصاديين، وهما جين سبيرلنغ، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، وهو في الاصل مواطن من ميشيغن، ودان غرايفس وهو مسؤول في البيت الأبيض عيّن منسقاً للعلاقات الفدرالية مع ديترويت، وقد أكد غرايفس بعد الاجتماع «أننا مصممون على مساعدة ديترويت وإنجاح مهمة داغن في رئاسته للبلدية»..
وقال داغن لوسائل الإعلام أثناء استراحة قصيرة بين اللقاءات «إننا هنا لنعصر أفكارنا بغية ابتكار نوع جديد ومختلف من الشراكة»، لكنه لم يكشف مزيداً من التفاصيل. وقال إنه لم يأت الى البيت الأبيض طلباً للإنقاذ ولا طلباً للمال، وإنما لمناقشة السبل التي من شأنها جذب الاستثمارات الى المدينة وتدريب الكوادر وخلق مناخ اقتصادي ينهض بديترويت. وقال إن أوباما ورؤوساء بلديات المدن الأخرى مهتمون بملف قضية الإفلاس ومؤمنون بضرورة إعادة الهيكلة.
وبعد تحدثه الى الصحافة، عاد داغن واجتمع مع سبيرلنغ وغرايفس، قبل أن يتناول طعام الغداء مع وزير الإسكان شون دونوفان، ووزير الزراعة طوم فيلساك، كما التقى بكبير مستشاري أوباما فاليري غاريت، ورئيسة مكتب السياسات المحلية في البيت الابيض سيسيليا مانوز، وهي في الأصل من ديترويت.
وبدوره، أوضح رئيس بلدية نيويورك المنتخب بيل دي بلازيو أن 12 من رؤساء البلديات الكبرى أعربوا عن اهتمامهم بإنقاذ ديترويت من عثرتها وبأن «ازدهار ديترويت مسألة تهم أميركا برمتها».
وقبيل الاجتماع، قال أوباما إن المدن «ستشكل رافعة مركزية للنهوض بالولايات المتحدة على مدى السنوات القادمة». وأضاف «قلت مراراً وأعيد التأيكد على أن رؤساء البلديات عليهم ألا يكونوا مرتبطين بأجندات أيدولوجية أو حزبية، لأن من واجبهم أن يكونوا على خط المواجهة لتأمين الخدمات للمواطنين». وأشاد أوباما بهذه الكوكبة من رؤوساء البلديات مشيراً الى أن «لديهم رؤية مشتركة للمدن باعتبارها مراكز لخلق الوظائف وإقامة الأعمال والتنمية وتوفير الفرص للسكان في المناطق المجاورة والولايات والمناطق المحيطة بل والعالم… لأني أعتقد أن مدنكم فيها جاليات مهاجرة تعطيها الحيوية والتنوع».
ومن اللافت أن أوباما لم يتحدث علناً عن إفلاس ديترويت قط رغم أنه زار المدينة قبل عام، ولكنه جاء على ذكرها في كلمة القاها بداية الشهر الحالي، حيث قال «لقد وضعنا خططا جديدة لمساعدة هذه المجتمعات وسكانها، لأنني شاهدت مدناً تنهض مثل بيتسبورغ أو مسقط رأسي شيكاغو… وعلينا إعطاء المزيد من المدن الأدوات للقيام بذلك مثل ديترويت والتي تستطيع أن تفعل ذلك أيضاً»، مؤكداً «أننا سنمد يد العون لهذه المدن وليس التبرعات».
الصلاحيات
وفي سياق متصل، أعلن مدير الطوارئ المالية في المدينة، كيفن أور، يوم الخميس الماضي، أنه سيعيد صلاحيات رئيس البلدية المتعلقة بإدارة الشوؤون اليومية لكن احتفظ بسلطة الإشراف على شرطة المدينة وعملية إعادة الهيكلة في الدوائر البلدية.
ويأمل الطرفان بالإبقاء على مستوى عال من التنسيق لإدارة شوون المدينة التي لا تزال قضية إفلاسها تراوح في المحكمة. وكان داغن قد أفرد مساحة واسعة من حملته الانتخابية في التحدث عن اهتمامه بالخدمات، ما زاد من التفاؤل بنهوض ديترويت واسترجاع أمجاد الماضي حين كانت المدينة واحدة من أكبر وأكثر المدن الأميركية ازدهاراً.
وجاء فوز داغن بالحملة الإنتخابية مدعوماً بتمويل من كبار المستثمرين في منطقة وسط المدينة التي تشهد تحولات حيوية منذ أشهر مع ضخ للإستثمارات وانتقال الشركات والسكان الجدد اليها، في ظل قانون الطوارئ المالية الذي وضع كافة السلطات بقبضة مدير الطوارئ، كفين أور، الذي عينه الحاكم ريك سنايدر في الربيع الماضي لإدارة شؤون المدينة التي كانت تعاني من العجز المالي والفساد.
ويسعى داغن حالياً لاستعادة أكبر قدر من سلطات رئيس البلدية من أور الذي تحققت في عهده العديد من التبدلات في إدارة المدينة لناحية إنارة الشوارع وإزالة المباني المهجورة وإصلاح دائرة الشرطة بالتوازي مع رفع مستوى التنسيق والتعاون مع وكالات أمنية محلية وفدرالية
ويقول داغن إنه تناقش مع أور حول المسؤوليات التي ستناط به اعتباراً من تسلمه لمهام منصبه مطلع العام الجديد. أما أور فقد أكد الأسبوع الماضي أن خلال أشهر من إدارته ورغم توجه المدينة للإفلاس، تم إصلاح ٢٦ ألف عمود إنارة وتم تفعيل جهود إزالة المباني المهجورة وتحسين إستجابة الشرطة لنداءات الإستغاثة في المدينة.
دور فدرالي
بالإضافة الى الدور الأمني الذي تؤديه الأجهزة الفدرالية لمكافحة الجريمة في ديترويت، وتقديم منح المواصلات والإسكان وغيرها من الأموال التي توفرها واشنطن للمدينة، وصل وزيران من إدارة أوباما مطلع الأسبوع الماضي الى ديترويت لإطلاق مبادرة بالتعاون مع القطاع الخاص، تهدف الى دقع الشركات الى توظيف شخص واحد على الأقل من العاطلين عن العمل في ديترويت.
وقد حضر وزير العمل الأميركي طوماس بيريز، ووزير التربية آرني دانكن، حفل إطلاق المبادرة بعنوان «وظفوا ديترويت» التي تعاني من مستويات مرتفعة من البطالة تصل الى 16 بالمئة، مع العلم ان الرقم الحقيقي يصل الى الضعف، بحسب الخبراء. وهناك 66 ألف عاطل عن العمل مسجلون رسمياً.
وقال الوزيران إن هدف المبادرة تشغيل حتى الأشخاص غير الماهرين، لكن هناك «وظائف شاغرة لكن لا يوجد مؤهلون لإشغالها»، وحث الوزيران، الشباب على التدرب واكتساب المهارات الأولية للتمكن من إيجاد فرص للعمل.
لكن اشمائيل تيري من رابطة تعليمية في المدينة قال إن هناك شباب من ديترويت لديهم المهارات اللازمة ولا يجدون فرصا للعمل، وأضاف أنه في كل مرة يحاول توظيفهم، «أقابل أرباب عمل لا يرغبون بتعيين هؤلاء الصبية ظنا منهم أنهم نوع من الاشخاص الذين يرتكبون الجرائم في ديترويت».
وفي السياق أيضاً، حضر بيريز ودانكن لقاء خاصاً في كلية ماكومب، وهي واحدة من ثماني كليات في ميشيغن تلقت منحة فدرالية بقيمة 25 مليون دولار لعقد برامج تدريبية للعمال ضمن شراكة بين هذه الكليات وعدد من الأعمال التجارية.
وكان لافتا منذ طلب إشهار إفلاس ديترويت عدم قيام الحكومة الفدرالية بتقديم مساعدات مالية مباشرة، إلا أن دانكن أشار الى أن البيت الأبيض يزمع إقامة «شراكة ذات جدوى مع المدينة». وأضاف «نعرف أهمية العمل ونعرف أنه السبيل الى النهوض وإعادة ديترويت الى سكة الإزدهار، ونحن معكم الى آخر الطريق».
بينغ يلقي كلمة الوداع
وفي سياق آخر، ألقى رئيس بلدية ديترويت المنتهية ولايته دايف بينغ كلمة الوداع الأسبوع الماضي في نادي ديترويت الاقتصادي حيث اعتبر أن إدارته وضعت ديترويت في أول طريق العودة الى الإزدهار. وقال بينغ، الذي امتنع عن الترشح لولاية ثانية، إنه كان مضطراً لاتخاذ «قرارات صعبة وغير شعبية» في عهده، مثل تقليص عدد العاملين في البلدية بحوالي الثلث. وقال «لكن ذلك يمهد الطريق امام مايك داغن لتحقيق النجاح».
واعتبر بينغ أنه وإدارته وضع خارطة طريق يمكن لمن يخلفه البناء عليها لإحداث نقلة نوعية في مسار المدينة. ونوه بينغ الى جملة مشاريع ملموسة نفذها بضمنها إزالة 10 آلاف منزل مهجور وإقامة مقر جديد للسلامة العامة.
وقال إن تعيين مدير الطوارئ المالية في العام 2013 كان بمثابة «خيبة أمل» الا أنه حث داغن على التعاون مع كفين أور حتى خروجه من المنصب في الخريف المقبل. وأضاف أن المدينة شهدت في عهده انتكاسات كثيرة كان السبب فيها شح المال وعدم تقديم مساعدات كافية من الولاية.
Leave a Reply