وسط التغييرات الكبيرة داخل دائرة شرطة ديترويت وبالتعاون مع شرطة الولاية والمقاطعة والوكالات الفدرالية، سجل العام ٢٠١٣ تراجعاً طفيفاً في مستويات العنف في المدينة رغم التحسن الملحوظ في الأسابيع الأخيرة من العام الجاري. الأبرز في ما تباهت به شرطة المدينة، كان تراجع عدد ضحايا جرائم القتل إلى مادون 350 قتيلاً، وهو مستوى يسجل للمرة الرابعة فقط خلال ثلاثين عاماً، وفق بيانات أصدرتها دائرة الشرطة يوم الجمعة الماضي.
كريغ |
لكن هذا التقدم، لا ينال رضا الأهالي والمسؤولين في ديترويت، فالمدينة تظل واحدة من أخطر المدن الأميركية على الإطلاق. وقد وصل عدد قتلى جرائم القتل هذه السنة إلى 315 شخصاً، حتى صدور هذا العدد، مقارنة بـ375 في نفس الفترة من العام الماضي وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 16 بالمئة عن ٢٠١٢، وهذا الرقم مستثنى منه حوادث القتل المبررة.
كما سجلت شرطة ديترويت تراجع عدد الجرحى بنسبة 7,6 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، حيث أصيب خلال العام الجاري 88 شخصاً فقط جراء إطلاق نار.
ورغم أن عدد القتلى يبقى مرتفعاً، إلا أنه منذ العام 1983 لم تشهد ديترويت انخفاضاً في عدد الضحايا الى ما دون ٣٥٠ شخصاً إلا في الأعوام 2008، 2010، 2011 مع الأخذ في الإعتبار أن عدد السكان في تلك السنوات كان يفوق ما هو عليه الآن (حوالي 700 ألف نسمة). وعند الأخذ بالإعتبار عدد السكان فإن معدل جرائم القتل وصل إلى 45 قتيلاً لكل 100 ألف نسمة هذا العام، مقارنة بـ54,6 في العام 1974 حين قتل 700 شخص وحينها صنفت ديترويت بـ«عاصمة القتل» في أميركا.
والجدير بالذكر، أن مدينة فلنت صنفت العام الماضي كأخطر مدينة أميركية إذ وصت نسبة القتلى مقارنة بعدد السكان الى 62 لكل 100 ألف نسمة، فيما اقتربت نيو أورليانز من معدلات القتل في ديترويت بنسبة 53 قتيلاً لكل 100 ألف نسمة.
حين تولى جيمس كريغ منصب قائد شرطة ديترويت في تموز (يوليو) الماضي كان عدد جرائم القتل حينها أقل بـ14 من نفس الفترة من السنة السابقة. ولكن كريغ الذي أعاد الروح المعنوية لشرطة المدينة، يقول إن خطته لإعادة الأمن لن تؤتي ثمارها سريعاً، مؤكداً تركيز إدارته على تكنولوجيا البيانات لكبح الجريمة على المدى البعيد.
أمن وقائي
وقد نجحت الشرطة بالتعاون مع «معهد مانهاتن» و«مجموعة براتون» من إنشاء برنامج «كومبستات» الذي يحمل مسؤولية الأمن في كل منطقة من ديترويت الـ١٣ للضابط المسؤول عنها في وحدة القيادة التي استحدثها كريغ في إطار خطة إعادة هيكلة الدائرة، ويجتمع ضباط هذه الوحدة أسبوعيا لمناقشة وتقييم أداء الشرطة ووضع خطط للمرحلة القادمة بالإعتماد على البيانات المتوفرة عن أسماء المجرمين وعناوينهم وأيضا الشهود والمخبرين والأماكن الخطرة، وأنماط الجرائم بحسب المناطق والمشتبهين.
وبضمن أهداف «كومبستات» إعتماد أسلوب الأمن الوقائي، أو الإستباقي، المعني بإحباط الجرائم قبل وقوعها، ولهذا تعتمد الشرطة أيضاِ استراتيجية ميدانية عبر تطبيق سياسة «التوقيف والتفتيش» العشوائي للسائقين والمارة دون أي مبرر قانوني، تماماً مثلما هو معمول به في نيويورك، حيث أثار هذا الأسلوب جدلاً حقوقياً واعتبرته القاضية في المحكمة الفدرالية، شيرا شيندلين، بأنه نوع من التنميط العنصري حيث أن الأغلبية الساحقة من المستهدفين في عمليات التفتيش كانوا من أبناء الأقليات، إلا أن محكمة الاستئناف الفدرالية لم تأخذ بحكمها واعتبرته غير مستند الى حقائق واقعية.
وكان داوود وليد وهو مدير مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية (كير) فرع ميشيغن إنتقد أسلوب التوقيف العشوائي باعتباره يستهدف أشخاصاً بحسب المظهر أو السن أو المنطقة السكنية، وقال إن هذا يزعزع الثقة بالشرطة ولا يؤدي إلى مزيد من الأمن. من جانبه، قال كريغ إن الشرطة توقف الشخص إستناداً إلى أسباب منطقية وإن دائرته تمارس عملها وفق الدستور.
وبضمن عمليات الشرطة الوقائية، يتم إستهداف أصحاب السوابق المطلوبين على ذمة قضايا في المناطق الأكثر خطراً، مثال على ذلك حملات الإعتقال الواسعة التي طالت أكثر من مئة مطلوب، في ثلاث غارات كبرى، الأولى شُنّت منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) على مجمع «كولوني آرمز» السكني، وأخرى استهدفت مجمع «مارتن لوثر كينغ» في 3 كانون الأول (ديسمبر)، فيما استهدفت الحملة منطقة كوينزي التي تعج بأوكار المخدرات والمجرمين. وقد ووجهت هذه الحملات بالنقد من عديدين بإعتبارها نوعاً من إستعراض الشرطة لقوتها، غير أن كريغ أكد بالقول إن هذه الحملات كان ينبغي شنّها منذ مدة طويلة و«قد أثمرت عن تراجع بمعدلات الجريمة في المدينة» لاسيما خلال الشهرين الأخيرين.
Leave a Reply