لايزال مؤتمر الحوار في اليمن يتابع أعماله بين مد وجزر، وسط خلافات وتباين في الآراء لاسيما حول عدد الأقاليم ومطالب الجنوبيين بالإنفصال. ومع تعثر الحوار وقرب انتهاء المرحلة الإنتقالية التي نصت عليها «المبادرة الخليجية» تطرح مسألة التمديد للرئيس هادي منصور أسئلة كثيرة، لا يمكن معها تجاهل العراقيل «التي يضعها اتباع النظام السابق في وجه الحوار».
منير الماوري (الى اليسار) والزميل صخر نصر |
«صدى الوطن» التقت منير الماوري، عضو مجموعة استرداد الاموال والأراضي المنهوبة، بفريق العدالة الانتقالية عن قائمة الرئيس هادي منصور بمؤتمر الحوار، الذي يزور الولايات المتحدة حالياً.
يقول الماوري إن الحوار الوطني على وشك الإنتهاء الآن وهو يعمل بآلية لا تسمح بالفشل، ومن الطبيعي أن تكون هناك عقبات ومشكلات، كان آخرها القضية الجنوبية، «لكننا نستطيع القول إنه تم انجاز نحو90 بالمئة من الحوار وبقي 10 بالمئة تتعلق بقضية الجنوب».
وأشار الماوري الى أن الحوار سيتواصل يوم الاحد القادم 29 كانون الأول (ديسمبر) الجاري حيث ستبدأ المداولات الختامية، وخلال أسابيع سيختتم الحوار الذي حددت مدته مابين الستة أشهر والسنة، وقد مضى من المدة المقررة تسعة أشهر و«أستطيع القول أن الحوار كان حقيقياً وجاداً لحل مشكلات البلد».
وعن مسألة التمديد للرئيس هادي منصور، قال الماوري «ليست هناك مشكلة في التمديد أو عدمه»، وإن «ما يشاع في الشارع عن التمديد هو تمديد للأزمة»، وأردف الماوري أن الرئيس هادي «رئيس شرعي ومؤسسة الرئاسة تحظى بشرعية دستورية، ومدة الرئاسة سبع سنوات وقد مضى منها سنتان»، وأضاف «بعضهم يخلط مابين بقاء الرئيس في الرئاسة وبين الفترة الانتقالية، لأن تمديد الفترة الانتقالية يعني تمديداً للأزمة، وخلاصة القول إن الرئيس لايحتاج الى تمديد وإنما الحكومة هي التي تحتاج أي تمديد».
وعن العقبات التي تقف في طريق الحوار، قال: «هناك معوقات رئيسية أولها قضية الجنوب التي انعكست على شكل الدولة، هل هي اتحادية أم اندماجية، فدرالية، مركزية، لامركزية؟ لم نتفق على ذلك بسبب العقبة الجنوبية، وهناك عقبة ثانية واجهتنا تتعلق بالعدالة الانتقالية، وفريق العدالة يتألف من 80 عضواً وتم طرح آراء تطالب بالعزل السياسي لرموز النظام السابق ورفع الحصانة عنهم إضافة الى أفكار كثيرة شكلت عقبة أيضاً، لأن النظام السابق لا زال موجوداً بقوة داخل البلد».
والعقبة الثالثة، بحسب الماوري، هي صعدة في الشمال، «قضية الحوثيين وكيفية استيعاب المسلحين وحل مشكلتهم» وفي هذا السياق، يقول عضو الحوار اليمني إنه «تم التوصل الى صيغ تتجاوز هذه العقبات وأنجز نحو 99 بالمئة وبقي اخراج التوافقات للعلن والتصويت عليها داخل الحوار».
وأضاف أن حركة الحوثيين في الشمال تشجع بصورة أو بأخرى على انفصال الجنوب عن طريق المطالبة بـ«إعطاء الجنوبيين حقوقهم»، وأن «لهم الحق بالانفصال»، و«هذا حق يراد به باطل»، بحسب الماوري، لأن الحوثيين يريدون إقامة دولة خاصة بهم ولكنهم لا يعلنون ذلك، غير أن ممارساتهم تشجع الجنوبيين على المطالبة بالانفصال، فليس هناك رأي واضح بهذا الخصوص».
وتابع «لكن الإصرار على أن المركزية في الحكم سبب مشاكل اليمن، ولا بد من حل هذه المشكلة بتوزيع الصلاحيات السياسية والادارية والمالية على إقليمين شمالي وجنوبي –وهو ما يطالب به الجنوبيون وبعض القوى من الشمال- حتى أن بعضهم طالب بتقسيم اليمن إلى خمسة أو ستة أقاليم وآخرون طالبوا بواحد وعشرين اقليما بعدد المحافظات اليمنية ،والكل يجمع على فشل الوحدة الاندماجية، وأن تشطير اليمن قد جرب وتحاربنا مع بعضنا عام 1994».
ولدى سؤاله عمن يتحمل فشل تجربة الوحدة اليمنية وتهميش الجنوبيين قال: «لا يتحمل النظام السابق وحده مسألة تهميش الجنوبيين، فالتهميش بدأ من الجنوبيين أنفسهم، لأن الجنوب لم يدخل في الوحدة موحداً، بل كان منقسماً على ذاته، وكان شرط علي سالم البيض لإتمام الوحدة إقصاء الرئيس علي ناصر محمد الذي يدعمه نصف الجنوبيين تقريباً، وبعد عزل البيض من منصبه همش النصف الثاني وتم الاستعانة بأنصار الرئيس علي ناصر محمد الذين قاتلوا في حرب 94 واستشهد منهم 47 ضابطا كبيرا برتبة عقيد فما فوق في حين لم يستشهد من الشماليين ضابط كبير واحد، وأنصار علي ناصر محمد هم الذين دافعوا عن الوحدة في الحرب التي دارت بين وحدويين وانفصاليين وليس بين شمال وجنوب».
وتابع «السعودية يومها دعت إلى الإنفصال، وهي لم تدعم الوحدة اليمنية وتشجع الآن على انفصال حضرموت، والسعودية كانت تخشى الحوثيين وهم الآن حلفاؤها، لأنهم ينفذون أجندات تسعى إلى تقسيم اليمن، وقد التقى الحوثيون مع السعوديين في لقاءات سرية وعلنية، والسفير السعودي في اليمن كان يحضر الحوار ويتفاخر بأنه يلتقي مع الحوثيين».
وعن علاقة إيران بالحوثيين قال «هذا الاعتقاد سائد في الشارع ووسائل الاعلام ولم يتوفر لدينا دليل على ذلك، وإيران لم تسع لتقسيم اليمن، فهي مع الوحدة اليمنية، بينما السعودية تسعى لتقسيم اليمن». وعن دور إيران قال الماوري إن الغرب يمول الحوار في اليمن وكذلك السعودية، أما إيران فلا تتدخل في الشأن الداخلي وإنما تدعم الوضع القائم في اليمن ومع الوحدة اليمنية.
وحول اتهام الرئيس السابق علي عبدالله صالح و«القاعدة» بمحاولة افشال الحوار قال: «الإتهام لم يأت من الحوار، وعلي عبدالله صالح يشارك في الحوار بممثليه (لديه مائة ممثل بالحوار) ومؤتمر الحوار لا يتهم أحداً، هناك من اتهم قوى لم يسمها وفهم من كلامه ذلك، نحن لا نستطيع أن نحدد للناس كيف يفهمون وما أشيع عن رفع الحصانة عن علي عبد الله صالح غير صحيح فالحصانة للرئيس السابق هي عن فترة رئاسته وليست صالحة لكل زمان ومكان فأية أعمال له ما بعد فترة رئاسته خارج إطار القانون يجب أن يُحاكم عليها».
وأضاف أن «المشكلة حاليا في الحكومة (حكومة محمد سالم باسندوة) التي لم تقدم دليلاً واضحاً على من يضع العصي في عجلات الحوار».
وعن الرئيس السابق للعودة الى الحكم، قال الماوري: «بكل تأكيد له فرصة، لأن علي عبدالله صالح يستمد قوته من الحكومة الحالية، وإذا استمرت الاوضاع المهترئة فإني لا أستبعد عودته عن طريق مؤيديه وهو يعيش حالياً في الداخل اليمني ونحن كدعاة تغيير نرى أن في ذلك عاملاً إيجابياً، وأن يكون رئيسا سابقا يعيش في بيته هذه سابقه في اليمن ونريد من خلالها أن نتخلص من ثقافة العزل والإقصاء».
أما عن علي ناصر محمد «فهو مشارك بالسلطة من خلال انصاره لكنه جرب السلطة ولا يبدو أنه راغب فيها، وأنا من الذين عرضوا عليه الترشح باسم المعارضة للرئاسة لكنه رفض».
وعن توقعاته لمستقبل اليمن، قال الماوري إن «الرئيس هادي يشبّه الحالة اليمنية بسيارة إسعاف أصواتها معطلة والناس لا تبتعد من طريقها وهناك قوى من النظام السابق تعرقل مسيرها، هناك من يضع العصي في عجلات المسيرة اليمنية» وأضاف «التحديات كبيرة وهناك إجماع دولي على أهمية الاستقلال في اليمن ورغبة عالمية بالاستقرار».
حول التفجيرات الاخيرة واعتذار «القاعدة» عنها قال الماوري أن «اعتذار القاعدة كان بمثابة إعتراف بأنها وراء عمليات التفجير وهذا ما يهمنا في الموضوع.. أما أن تعتذر عن القتل فهذا شيء مخجل فيجب ألا ترتكب هذه الجريمة من الأساس، «القاعدة» اعتذرت عن الخطأ في اختيار المكان وليس عن الفعل، لأنه مشفى، وكانوا يعتقدون أنهم هاجموا وزارة الدفاع وإن المنفذ دخل المكان الخطأ، لكن العملية نفذت والضحايا أطباء ومرضى ومدنيون ولم يقتل أحد ممن ادعوا أنهم أميركيون أو قادة عسكريون.
وعن اعتقاده ان ماتحقق لليمن هو ربيع قال: «لقد تغير النظام، لكن لم يتحقق الرخاء ولا الاستقرار وما يحصل الان هو محاولات لبناء دولة.. وأرى أن اليمن لم يلجأ الى ثقافة القتل والسحل والابعاد، احتفظنا برئيسنا داخل اليمن ونريد أن نرسخ هذه الثقافة والتغيير يتحقق بالتبادل السلمي للسلطة عبر انتخابات حقيقية».
Leave a Reply