واشنطن – مزيد من القلق ينتاب المسؤولين الأمنيين في أميركا بعد ورود معلومات تفيد بتجنيد أميركيين يقاتلون في سوريا لينفذوا عمليات وهجمات داخل الولايات المتحدة. وقد أفاد مسؤولون استخباراتيون أميركيون وخبراء في مكافحة الإرهاب بأن جماعات جهادية ترتبط بتنظيم «القاعدة» تسعى للوصول إلى أميركيين وغربيين في سوريا، من أجل تجنيدهم لتنفيذ الهجمات حين يعودون إلى بلدانهم. وتشكل هذه المحاولات، التي قال المسؤولون الأميركيون إنها ما زالت في مراحلها المبكرة، تحدياً جديداً أفرزته الحرب في سوريا، ليس للدول الأوروبية فحسب، بل للولايات المتحدة أيضاً.
ويقدر المسؤولون الاستخباراتيون الأميركيون أن 70 أميركياً على الأقل سافروا إلى سوريا، أو حاولوا السفر إليها منذ اندلاع النزاع قبل نحو ثلاثة أعوام. وهو رقم لم يُكشف عنه من قبل.
وقال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، إن تعقب الأميركيين الذين عادوا من سوريا أصبح في مقدمة أولويات المكتب في مجال مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية الأميركية تريد أن تعرف ما يبيته هؤلاء، ومَنْ منهم يتعيّن استجوابه أو مراقبته أو اتهامه. وأكد المسؤولون الأميركيون أن مكتب التحقيقات الفدرالي يراقب على مدار الساعة عدداً صغيراً من هؤلاء. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع طلب عدم ذكر اسمه القول: «نحن نعرف أن تنظيم القاعدة يستخدم سوريا للوصول إلى أفراد يمكن أن يجندهم ويمدّهم بتثقيف عقائدي إضافي، كي يزيدهم تطرفًا، ويحوّلهم جنوداً له في المستقبل، ربما داخل الولايات المتحدة».
وفي أوروبا، حيث تغادر أعداد أكبر إلى سوريا، يشاطر المسؤولون نظراءهم الأميركيين مخاوفهم، ويعملون بصورة وثيقة مع السلطات الأميركية على تنسيق الإجراءات الرامية إلى الحدّ من تدفق هؤلاء الأفراد، ورصد من يعود منهم.
ويقول محللون إن 1200 مسلم أوروبي على الأقل توجّهوا إلى سوريا للقتال هناك منذ اندلاع النزاع. وفي مذكرة سورية بتاريخ 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حذر منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيليس دي كيرشوف من أن أول المغادرين عادوا.
وقال المسؤولون إن غالبية الأميركيين الذين غادروا إلى سوريا ما زالوا هناك، وعدد منهم لقوا حتفهم في ساحات القتال. وأكد المسؤولون لصحيفة «نيويورك تايمز» أن مخاوفهم بشأن تجنيد هؤلاء وتدريبهم تستند إلى معلومات مستقاة من «مصادر بشرية» داخل سوريا، واعتراض اتصالات إلكترونية ومواد على مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبة أميركيين في الخارج أبدوا رغبة في السفر إلى سوريا.
ويمثل التعرف إلى الأميركيين الذين يحاولون السفر إلى سوريا واحداً من أكبر التحديات التي تواجه الجهاز الجديد لحماية حدود الولايات المتحدة، منذ استحداثه في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 عقب هجمات 11 أيلول (سبتمبر).
وتعاملت السلطات الأمنية وأجهزة مكافحة الإرهاب الأميركية مع تهديد مماثل خلال السنوات الماضية مصدره نحو 36 أميركيًا من ذوي أصول صومالية سافروا إلى الصومال للقتال هناك. لكن بخلاف الصوماليين الذين كانت أماكن سكنهم وتحركاتهم معروفة، فإن الأميركيين الذين يتوجهون إلى سوريا مجموعة أكبر، ويسافرون لأسباب متعددة.
Leave a Reply