بيروت – إنطلقت في لاهاي الأربعاء الماضي أولى جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانيّ الأسبق رفيق الحريري، بعد انفراجة سياسية خجولة، في لبنان مع بدء المساعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة 8+8+8، قبل أن يطل الإرهاب مجدداً عبر عملية انتحارية استهدفت مدينة الهرمل البقاعي وأودت بحياة خمسة أشخاص.
يذكر أن الإنفجار وقع في وقت الذروة حيث يخرج المواطنون إلى وظائفهم كما إن المنطقة المستهدفة تعتبر منطقة حيوية لكونها تضم عدداً من الدوائر الحكومية بالإضافة إلى مدرستين، وقد سقط أكثر من 40 جريحاً بحسب قناة «الميادين».
ويبدو أن قواعد اللعبة قد تغيرت باستهداف مدينة الهرمل، حيث لم تعد الضاحية الجنوبية لبيروت الهدف الأوحد لمسلّحي المعارضة السورية لإيلام «حزب الله» انتقاماً لتدخّله في القتال السوري. وباتت تُرسم خطوط تماس جديدة بين عاصمة «الثورة السورية»، عرسال، التي تعبر منها سيارات الموت إلى كل لبنان، وبين جارتها الهرمل، «عاصمة المقاومة» في البقاع.
ولاحقاً أعلن تنظيم «جبهة النصرة» التابع «للقاعدة» مسؤوليته عن الهجوم، وذلك عبر حسابه على «تويتر».
ويأتي الانفجار غداة اعتقال الجيش اللبناني لجمال دفتردار أحد أبرز قادة «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بـ«القاعدة».
وأشار الجيش في بيان له إلى تورّط المتّهم في اعتداء ضدّ الجيش اللبنانيّ الشهر الماضي مضيفاً أن «التوقيف جرى عقب عملية دهم في البقاع الغربيّ تخلّلها إطلاق نار من قبل أحد العناصر المسلحة ردّت عليه عناصر الجيش.
وأفادت المصادر عن نجاح وحدات تابعة لـ«حزب الله» بإيقاع عناصر مجموعة كاملة من «جبهة النصرة» بكمين محكم على الحدود اللبنانية السورية شمالاً، ما دفع المسلحين الى تنفيذ العملية الإنتحارية في الهرمل. وبحسب المعلومات، أوقعت وحدات من «حزب الله» مجموعة من المسلحين بين قتيل وجريح أثناء محاولتها التسلّل من يبرود في القلمون، نحو رأس المعرة فجرود النعمات عبر جرود عرسال بهدف الوصول إلى جوسيه في ريف القصير على الحدود اللبنانية السورية.
انطلاق المحكمة الدولية
«بداية زمن العدالة» هو الشعار الذي اطلقه «تيار المستقبل» وقوى «14 آذار» على هذه المرحلة بعد طول انتظار ورهان على «العدالة الدولية» في جرائم الاغتيالات التي استفاقت قبل اسابيع من موعد بدء المحاكمة في ملف الرئيس الحريري لتودي بضحية جديدة هي الوزير السابق محمد شطح عشية رأس السنة الجديدة.
وافتتح رئيس المحكمة الدولية دايفيد باراغوانث الجلسات العلنيةَ وسط تغيب المتهمين من «حزب الله» الذين حضر عنهم محامو الدفاع. وأعلن القاضي عن بدء الاستماعِ الى الشهود في القضية، يوم الأربعاء المقبل،
قدم الادعاء العام تصريحات تمهيدية ضد خمسة متهمين مقربين من «حزب الله»، فوجد أن مصطفى بدر الدين، وسليم عياش رأسان مدبران، ووضع حسين عنيسي واسد صبرا، والواصل الأخير الى لائحة الاتهام حسن مرعي، في خانة المشاركين في مراقبة تحركات الرئيس رفيق الحريري، قبل اغتياله، وتضليل التحقيق بإعداد شريط وهمي لأحمد أبو عدس، وهو يعلن مسؤوليته عن الجريمة، في 14 شباط (فبراير) 2005.
فاريل أشار إلى أن «أطرافاً داخلية وخارجية كانت ضالعة في الاغتيال، لافتاً إلى جهود بذلت لإخفاء الجريمة»، مشيراً إلى «أن الحقيقةَ لا تحجب».
وقبيل هذه الجلسات قال انطوان قرقماز، محامي الدفاع عن المتّهم مصطفى بدر الدين «إن المحكمة الدولية لا تملك أدلة على اشتراك المتّهمين في جريمة اغتيالِ الحريري».
ولم يقدم الإدعاء جديدا يذكر، ولم تكشف ادلة تثبت الاتهام بما لا يرقى اليه الشك. كرر ممثلو الإدعاء ما نشر سابقا من قرارهم الاتهامي. ركزوا على «دليل» الاتصالات، وتعاملوا معه كما لو أنه الأكثر صدقية.
وفي خطوة لها أبعاد سياسية، أوقفت المحكمة وقبلها لجنة التحقيق الدولية عدداً من قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية لنحو أربع سنوات لاتهامهم بالمشاركة في اغتيال الحريري ولكنها عادت وأطلقتهم.
الحكومة
ومع ان انطلاق المحاكمة حجب الى حد بعيد التحركات الجارية في شأن تشكيل حكومة جديدة، فان المساعي استمرت بوتيرة نشيطة ترجمتها جولة الوزير وائل أبو فاعور على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف تمّام سلام الذي اجتمع بدوره مع الرئيس سليمان والتقى الوزير علي حسن خليل، ولكن موقف تيار المستقبل لم يتبلور بعد، رغم موافقة سعد الحريري على التشكيل وفق الثلاثة أثلاث.
وذكرت صحيفة «النهار» أنه في الأيام الماضية حصلت مراوحة في الاتصالات الخاصة عكست بعض التعثر مما استدعى من رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط إعادة تنشيط مسعاه الوفاقي.
وفي ظل الحركة الكثيفة التي تشهدها الساحة الداخلية، يبدو تكتل التغيير والاصلاح ابرز الغائبين عن الساحة، ما يطرح جملة اسئلة عن سر هذا الانكفاء، الذي زادته حدة مغادرة العماد ميشال عون لبنان في هذا التوقيت.
Leave a Reply