ضرب إنفجار إرهابي جديد الهرمل، مدينة الشهداء والكرامة ومصنع الرجال الأوفياء والامَّهات اللواتي يحملن شجاعة الرجال، الهرمل الأبية عرين الإمام القائد السيِّد موسى الصدر التي لم تعرف وجه الدولة منذ البداية باعها اليوم هذا النظام اللبناني المهتريء بثلاثة مليارات دولار. ويأتي هذا الإجرام الجديد في وقتٍ مشبوه تضمَّن موت إرهابي كتائب «عبدالله عزام» ماجد الماجد والقبض على مساعده الموتور دفتردار ثم ظهور المجرم الفار أحمد الأسير مجدداً بعد انكشاف علاقته مع الماجد الذي «هُرِّبتْ» جثَّته الى السعودية على عجل ثم قيام ٢٠٠٠ مقاتل إرهابي من «عرساليا»، التي يتدفق عليها المال الخليجي، بالذهاب للقتال في سوريا. كذلك تزامن التفجير مع انعقاد جلسات المحكمة الصهيونية في لاهاي بينما الفريق الوطني مازال ينتظر قرار حاضني بيئة الارهاب وقتل شعبنا ًعلى موافقتهم على إدخاله في حكومة واحدة! إنَّ الدماء الغالية التي أُريقت في الهرمل وقبلها في الضاحية والجناح هي أغلى من كل المحكمة البتراء وكل مقاعدهم الحكومية! ولكن، للأسف، دائماً يخرج أقزام ١٤ آذار على إنَّهم المهاجَمُون والرابحون والضحايا ودماؤهم هي «أرفع» من دمائنا وتبقى ٨ آذار، حتى عندما يقع عليها الموت، في موقع الدفاع والجاني عليهم، لماذا؟ الله أعلم.
وبحصول التفجير الأخير في الهرمل تمَّتْ مصداقيَّة وصوابية قرار المقاومة بالدخول الى سوريا ولو متأخرة (مع أنها ليست بحاجة لشهادة من أحد) وثبتتْ صحة معركة القُصير مهما تشدَّق ميشال سليمان وصغار ١٤ آذار، لأنَّ دولته عاجزة، وعن قصد، عن الدفاع عن القرى اللبنانية المتداخلة مع سوريا أمام موجة السفاحين التكفيريين.
ويأتي هذا الإرهاب الجديد في وقتٍ حسَّاسٍ أيضاً بعد تخلِّي آل سعود وبني عثمان عن صنمهما «الدمية الاسلامية في العراق والشام» (داعش)، التي نقلوها من العراق حيث أنَّ الوهابيين مازال صوابهم «طائراً» من حكم الأغلبية هناك بعد رحيل الطاغية صدَّام حسين الذي جعلوه صنماً آخَريحارب إيران وعندما انتهى مفعوله تركوه لمصيره الأسود! «داعش» دُفشَتْ إلى سوريا لمحاربة الجيش العربي السوري من قبل نظام بندر بينما الخزمتشي «الزرقاوي» عقاب صقر تكفَّل بتأمين «الحفَّاضات» والحرامات في سوريا تأكيداً لعطف ونُزعة معلِّمه الإنسانية، هذا العطف الذي لم يأبه للاجئين السوريين في لبنان والأردن ومصر وباقي دول الجوار الذين يموتون في العراء حيث لم نرَ تدفُّق المساعدات السعودية والقطرية والتركية والفرنسية إليهم خصوصاً بعد العاصفة الشتوية التي ضربَتْ المنطقة مؤخراً! بالمناسبة، وأخيراً كشف المدعو سليم ادريس المنشق عن المنشق «الجيش اللحدي الحر» أنَّ رأس الفتنة كان صقر و«المنسِّق» المزندق لؤي المقداد الذي وصفه بالشبِّيح، وذلك في تغريدة له على «تويتر»!!
«داعش» المصنَّفة إرهابية حسب المفهوم الأميركي لم يمنع آل سعود من دعمها بكافة الوسائل طالما تقوم بمحاربة «العدو» السوري، فدشرَتْ وفلتَتْ كالثور الهائج في أنحاء سوريا تفتك بكل أسباب الحياة والدين والحضارة والرقي والإنسانية والتمدُّن متفوقة على المغول والتتار وهولاكو نفسه وحتى «أتيللا» البربري السفاح الذي كان يُميت الزرع والحرث بـ«دعش» خطواته! وهكذا قامت «داعش» وأخواتها المجرمات من الحركات التكفيرية الوهَّابية من «النصرة» إلى «الجبهة اللاإسلامية» إلى «فجَّار الشام» إلى «أحفاد الرسول»، حاشا رسول الله، وحتى كتيبة «يزيد بن معاوية» بإشعال الفتن المذهبية والمجازر البشرية بشكلٍ لم يشهده التاريخ الدموي برمَّته، لكن كل هذه المذابح وهذا التآمر على سوريا لم ينجح وبعد سنتين ونصف من «جهاد النكاح» باءت بالفشل كل محاولات أميركا وبريطانيا وإسرائيل وآل سعود وقطر وتركيا والأردن وحتى «حماس» الإخوانية القليلة الوفاء لتفضيلها الأيديولوجيا على الثوابت والتحرير لكن من سوء حظها فإنَّ صفحة «الإخوان المسلمين» انطوتْ إلى غير رجعة بعد إندحارها في مصر. هذه الحملة الوهَّابية التكفيرية لم تحقق مرادها رغم الإسناد الكبير من قبل نظام «شبه الوطن» العاق وسياسة اللعي بالنفس التي كان الهدف منها تأمين كل الحرية والغطاء للمجرمين السلفيين من خلال كسر شوكة الجيش اللبناني لصالحهم وتعزيزهم بنقلهم بسيارات الوزراء وتركهم يجولون بحرية في طرابلس رغم صدور عشرات مذكَّرات التوقيف بحقِّهم، ومعاقبة الضباط للتعرض لهم على الحواجز، والشكوى ضد الحكومة السورية أمام الأُمم المتَّحدة و«جبَّانة الدول العربية»!
وبعد يأس آل سعود وعثمان، إتُّخذ القرار، حسب جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، بضرب «داعش»، من ناحية بسبب الضغوط الأميركية التي ربَّما هالها أنْ تُكرِّر السعودية تمويل الإرهاب كما فعلتْ في «هجمات أيلول» ضد أميركا حيث كان ١٥ من المجرمين الإنتحاريين من السعوديين، ومن ناحية ثانية خوفاً من الرياض، المرعوبة دوماً من الثورات، من وصول الإرهاب «القاعدي» اليها من الأردن وتركيا.
واستعرتْ المعارك بين حلفاء الإجرام فوقع اكثر من ألف قتيل حتى الآن حيث قاموا بتصفية حتى السجناء منهم، وهذا خير نموذج عن الاسلام يُقدَّم للعالم. والسؤال الذي أصبح ملحَّاً هو مَنْ مِنَ القتلى سيذهب إلى الجنَّة ومَنْ سيذهب إلى النار؟! ثم من ستستقبل الحوريات بعد ذلك، عناصر «داعش» أم «النصرة» أم جماعة الشيشاني؟!
وبينما تتحقق الانتصارات على أيدي الجيش العربي السوري والمقاومة، نتراجع في «شقفة الوطن» بشكلٍ مريع لا يتناسب مع النصر والمنجزات على أرض الواقع. وبعد المأزق الذي وضع ميشال سليمان نفسه فيه بالتهديد بتأليف حكومة «أمر واقع» غير ميثاقية قبل أنْ «يفلَّ» من بعبدا، سارعتْ ٨ آذار كالعادة إلى نجدته عبر موافقتها على صيغة حكومة من ثلاث ثمانيات أي ثمانية وزراء من ٨ آذار و٨ من الصغار في ١٤ و٨ من الوسطيين! هذه الصيغة كانت ترفضها القوى الوطنية لأنها تُرجِّح كفَّة الفريق البندري، مقابل غُنجه ودلعه ثم موافقته على مضض بعد التعليمة السعودية التي جاءَتْ بإلهامٍ أميركي خوفاً من رد فعل المقاومة وسيطرتها على لبنان حسب مفهومهم. لقد كان الأجدى أنْ يُترك سليمان وراعيه السعودي حتى النهاية ومن دون تنازل غير مُبرَّر بعد الانتصارات الحاسمة في سوريا، ولنرى ما إذا كانتْ لديهما الجرأة على تشكيل حكومة حمقاء ويتحمَّلا معاً مسؤولية ماذا سيحصل من تداعيات كارثية. وبعد تذليل عقدة الصيغة الحكومية، برزتْ عقَبة البيان الوزاري حيث يريد فؤاد السنيورة مثل عادته التآمرية أنْ «يُحرِّم» ذكر كلمة مقاومة ويلغي معادلة «الشعب والجيش والمقاومة» المقدَّسة التي هي من علائم الانتصار المدوِّي ضد العدو الإسرائيلي، مستبدلاً إيَّاه بإعلان «بعبدا» التافه. بالمناسبة، تعاقد ميشال سليمان مع دور نشر بريطانية لإصدار كتاب خاص عن سنوات حكمه الخمس والإنجازات «الخارقة» التى حقَّقها في عهده الميمون وربما يمنحه اللص محمد عبد الحميد بيضون شهادة بالوطنية في الكتاب بعد أن «بخَّر» له أنه الرئيس الوحيد اللبناني المستقل!
إنَّ المعادلة الثلاثية هي علَّة وجود المقاومة والممانعة والكرامة وهي إِنْ ذهبت فلا أسف على الصف الوطني إذا تهاون في هكذا مسألة وجود مصيرية بامتياز مهما كانت المغريات و«عمرها» ما تتألف حكومة على حساب المباديء والقيم والثوابت أو مقابل قبول «صغار ١٤ الشهر» بالتنازل عن عروشهم والجلوس مع حكومة تضم «حزب الله»! وإذا كان لا بد من تنازل الفريق المقاوم من أجل المصلحة العامة فيجب أنْ تصبح المعادلة «المقاومة ثم المقاومة ثم المقاومة ثم الجيش» ثم الشعب! فالمقاومة هي كالأم الحنون التي تُذكر ثلاث مرات.
والمُزري في الموضوع هو أنَّ سمير جعجع مصرٌ على رفض الدخول في حكومة واحدة مع «حزب الله» وهو أعرب مع باقي «جمعية الصداقة اللبنانية الإسرائيلية» عن السعادة العارمة لبدء المحكمة الإسرائيلية جلساتها مشيداً بالعدالة الدولية، هذه العدالة التي يعرفها جيداً صاحب السجل العدلي الناصع في لبنان والتي تضمَّنتْ إغتيال الرئيس رشيد كرامي وقبله طوني فرنجية وعائلته وداني شمعون والعقيد خليل كنعان والزايك وتفجير كنيسة «سيَّدة النجاة» وغيرها من «المآثر» القواتية العادلة! إنَّ هذه المحكمة، التي لم يشهد التاريخ مثيلاً لها من حيث التسييس و«التتييس» والإخلال بالمعايير القانونية وشهود الزور والرشاوي والابتزاز وتهريب المحكمة من دون شرعية وموافقة رئاسة الجمهورية، قد حكمتْ عليها محكمة الشعب الشريف بل أشرف الناس، وأعلنتْ أنَّ خُفي طفلٍ مقاوم في مناطق العزَّة والكرامة هو أرفع من كل قضاة ومتآمري المحكمة ومنتظري نتائجها الصهيونية الواضحة! لذا، مرة أخرى، «إنقعوها في ماء موحلة هذه المرَّة واشربوا ماءها»!
Leave a Reply