عملت في السعودية عام 1996 لشهرين، وكنت أؤسس مجلة تعنى بالذهب والمجوهرات وقد أحضر أصحاب المشروع عاملا للمكتب، فيلبيني الجنسية يدعى مايك وكان يحمل شهادة ثانوية، وسائقاً هندياً يدعى محمد خان. وكنا مضطرين نحن الثلاثة للتفاهم بحكم العمل اليومي سيما وأن ثلاثتنا لا نتقن الانكليزية كما يجب، وهي القاسم المشترك بيننا.
وذات مساء كنا في طريق العودة الى المنزل وصادف خروجنا وقت آذان العشاء فطلب مايك من السائق تشغيل الراديو (ميوزيك) رد الهندي بغضب «ميوزيك؟!!، الله اكبر، ميوزيك، بوليس يسمعك ياخدك كالابوسو»، بمعنى أن الموسيقى ممنوعة أثناء رفع الأذان وإذا سمعك الشرطي سيأخذك إلى السجن.
وهكذا خلط السائق الهندي اللغة العربية بالانكليزية بالأوردو لتخرج منه لغة هجينة، لكن للأسف هي اللغة المحكية في منطقة الخليج العربي التي تضم الملايين من العمالة الوافدة من شرق آسيا لدرجة انها خلطت ثقافتها بالثقافة المحلية لاسيما مع الأطفال والأسر فنتج عن ذلك ثقافة غريبة لا تمت للعربية بصلة.
ولم يزل تعجبي من تلك اللغة الهجينة إلا بعد أن وصلتني نسخة من خطاب عممته وزارة الداخلية السعودية تطلب فيه من الوزارات والهيئات الرسمية والمؤسسات التخاطب فيما بينها باللغة العربية، بدلا عن الإنكليزية أو اللغة الهجينة، التي يتقنها موظفوها الرسميون الذين لا يتقنون العربية لأن معظمهم من دول شرق آسيا.
المهم، وبعد قدومي الى أميركا، وتحديداً الى ديربورن، صرت أسمع كل يوم مفردات لا هي عربية ولا هي إنكليزية وإنما جملاً خليطة بين هذه وتلك، وبعضها إنكليزية بلكنة عربية مضحكة، مثل الإنشورنوس والتهييت والتلييت (التأمين والتدفئة والكهرباء)، وخود السيارة عالديلر.. خلينا نروح ناخد درنك أو بَابْ، السيارة عم تلييك، برك السيارة، بدي غّير اللوك للباب، وغيرها.
كنت أراجع إحدى الدوائر الحكومية الأميركية بشأن بعض المعاملات الضرورية المتعلقة بالضمان الصحي، حيث يوجد من يتقن العربية تماماِ للتعامل مع غير الناطقين بالانكليزية، وأسعفني الحظ عندما استقبلتني صبية جميلة في غاية اللطافة، وأثناء تدوين البيانات الخاصة بي عرفت مهنتي، وعرفتني بنفسها بأنها خريجة إعلام وتناقشنا عن الكتابة باللغة العربية وضرورة إجادتها، خاصة في المغترب كي لا تضيع الهوية العربية لأبناء الجالية، وعندما انتهت من تدوين الطلب دفعت لي بالورقة وقالت لي باسمة «صيّن هون»، فوقّعت، وشكرتها على حسن استقبالها ومضيت الى بيتي لانتظر الجواب على «الأبليكيشن» خلال «ويكين».
Leave a Reply