آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر
إنني العاشق والأرض حبيبة
هذا ما خاطب به الشاعر الكبير محمود درويش الأرض.
والجرح المكابر هو شوق المهاجر لأرضه والغريب لحضن أمه.
كل واحد منا غريب عن وطنه في قلبه جرح مكابر، كحال الشاعر العراقي الراحل، بدر شاكر السياب الذي فقد أمه ولم يعثر على وطنه. تربى ونشأ في كنف أقارب له عديدين، لكن كل كنف غير حضن الأم غربة. ولذلك جعل قريته، «جيكور»، أمه ووطنه معاً.
ربما كان يحن إلى ماضٍ لم يكن له وجود، فاتخذ من القرية بديلاً عن الأم والوطن وحتى الحبيبة.
لكن ليس في الكون أعظم من الأم، طيبة ومحبة وعطاء. فراقها حزن يحفر في النفس. وعذاب يقبض القلب. كذلك هو حال القرية، كحال الأم تحتضننا في جنباتها كما تحتضن الأم طفلها فيكون فراقها والإنفصال عنها صعب ومرير، وهذا حالي مع قريتي الجميلة، برعشيت. كما هو حال الكثيرين من أبنائها وبناتها المهاجرين في منافي الغربة.
ليس أقسى من الحياة فيها، إلاٍّ الموت بعيداً عنها.
لكن الموقع الإلكتروني الرائع الذي أسسه بعض الشباب من قرية برعشيت على شبكة الإنترنت، قصر مسافات التواصل بين المغتربين والمقيمين في لبنان وفي برعشيت.
«برعشيت قلبنا النابض» هو اسم الموقع. اسم مميز ورائع بين كل أسماء مواقع القرى والمدن في جنوب لبنان. الذي أنشأ الموقع وأطلق عليه هذا الإسم الجميل هو فنان مرهف وصاحب ذوق وذكاء، فشكراً له.
يغطي الموقع أخبار برعشيت الجميلة وأخبار أبنائها، سواء الأفراح أو الأتراح. يتواصل شباب وشابات من جيل أبنائي، أحياناً تعجز ذاكرتي عن معرفتهم..
من هؤلاء ومَن أهلهم؟.
يؤلمني هذا السؤال.
لكني كالكثيرين في ديار الغربة، توليفاتهم الطريفة والخطاب الراقي المتبادل بينهم، يخفف هموم غربتنا ولوعة فراقنا لتراب برعشيت.
برعشيت.. قلبنا النابض بحب لبنان. نحن أبناؤك العشاق، وأنت الحبيبة.. قبلة حارة مني لكل الأهل والأمهات.
Leave a Reply