القدس المحتلة – وافقت بلدية الاحتلال في القدس المحتلة الأسبوع الماضي، على عدة خطط لبناء 558 وحدة استيطانية جديدة في الجهة الشرقية من المدينة. كما هدمت جرافات الاحتلال بأمر من البلدية ذاتها أربعة منازل مقدسية، لتترك عائلات فلسطينية من دون مأوى، على وقع السجال السياسي بين واشنطن وتل أبيب.
وجاء هذا القرار الإستيطاني على أثر مناوشات أميركية-إسرائيلية سارعت حكومة تل أبيب الى احتوائها بعد أن وصلت الإنتقادات الإسرائيلية الموجهة لوزير خارجية واشنطن، راعي «إتفاق الإطار» الذي يعول عليه لإحداث خرق في عملية السلام، الى مستويات غير مسبوقة في العلاقة بين البلدين.
ولاحتواء الموقف، هاتف رئيس الحكومة الإسرائيلية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتحدثا مطولاً في العلاقات بين الدولتين، كما اجتمع وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل مطولاً أيضاً مع نظيره الإسرائيلي موشي يعلون، الذي كان اتهم كيري بالهوس وطالب بمنحه جائزة «نوبل» وإبعاده عن وهم التسوية مع الفلسطينيين.
وأشارت «هآرتس» إلى أن موجة الحملات والإهانات الإسرائيلية لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أخرجت الإدارة الأميركية عن طورها. وحذرت الصحيفة من أن استمرار الحملة الإسرائيلية هذه قد يجر رداً أميركياً يخرج عن قواعد اللياقات المعهودة. فالتغريدات التوبيخية، التي نشرتها مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس على موقع «تويتر» دفاعاً عن كيري، تشهد على شعور الإدارة بأن إسرائيل تتجاوز حدودها. وأوضحت «هآرتس» أنه حينما تبدو الحملة الإسرائيلية موجة عكرة، فإن الرد الأميركي سيخرج قريباً عن قواعد اللياقة.
وقبل أن تهدأ عاصفة اتهامات يعلون لكيري بـ«الهوس» و«المسيحانية» قبل أسبوعين، جاء اتهام عضو الكنيست من الائتلاف الحكومي موتي يوجاب، ليصف وزير الخارجية الأميركي بـ«المعادي للسامية» و«الوسيط غير النزيه». ولكن قبل أن يغيب صدى هذا الاتهام جاءت أيضاً الحملة الرسمية على كيري، واتهامه بأنه يضع المسدس على صدغ إسرائيل، وأنه صار «بوقاً للمقاطعة المعادية للسامية».
وهكذا، فإنه بعدما كان شخصياً والعديد من وزرائه قد وجهوا الاتهامات لوزير الخارجية الأميركي بسبب أقواله في مؤتمر الأمن في ميونيخ عن المقاطعة الأوروبية للبضائع الإسرائيلية، أدرك نتنياهو أن الأمور قد تفلت من بين يديه. وهكذا طالب نتنياهو في جلسة كتلة الليكود مؤخراً من الوزراء وأعضاء الكنيست الكف عن مهاجمة كيري شخصياً. ولتأكيد طلبه هذا قال لهم إن كيري خلال المكالمة الهاتفية، التي أجراها معه، أكد معارضته لكل مقاطعة يمكن أن تفرض على إسرائيل. وقال نتنياهو في الجلسة إن «الولايات المتحدة تعارض كل مقاطعة لإسرائيل وهي تعمل لمنعها ونحن نأمل أن يواصلوا فعل ذلك». وبدوره، صرح وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاربعاء الماضي بأن انتقادات اعضاء في الحكومة الاسرائيلية «لن تخيفه»، مؤكدا انه سيواصل جهوده من اجل احلال السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
ورد كيري على هذه الاتهامات مشيراً الى انه لا يعلق إلا نادراً على ما يقوله الآخرون. وقال لشبكة «سي أن أن» «لقد هوجمت في السابق من اناس يستخدمون رصاصا حقيقيا وليس كلمات وهذا لن يخيفني». وأكد «لن أتخلى عن القيام بما تعهد به الرئيس باراك أوباما في السعي لصنع السلام في الشرق الأوسط».
وكان كيري نجح في إحياء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في تموز (يوليو) لمدة تسعة أشهر. وهو يحاول إقناع الجانبين بنص اتفاق إطار للأشهر المقبلة للمحادثات، لم يكشف مضمونه.
وفي ظل الحديث عن اتفاق إطار محتمل أقرت السلطات الصهيونية في القدس بناء 558 وحدة سكنية في جبل أبو غنيم والنبي يعقوب، وستبنى الوحدات السكنية على أراض احتلها الكيان الصهيوني عام 1967 ثم ضمها إليه وسط تغيير لمعالم المدينة المقدسة. ويعتبر القانون الدولي المستوطنات الصهيونية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الخطوة كفيلة بأن تقوض المحادثات السلمية الهشة بين الطرفين والتي تجري بوساطة أميركية. وقالت المسؤولة الفلسطينية حنان عشراوي إن إسرائيل تتعمد بهذه الخطوة استفزاز الفلسطينيين لدفعهم إلى ترك المفاوضات ويجب تحميلها مسؤولية قتل العملية السلمية.
يذكر أن حوالي نصف مليون مستوطن يهودي يقيمون في مستوطنات في الضفة الغربية، ويعيش 200 ألف مستوطن في القدس الشرقية إلى جانب 370 ألف فلسطيني.
Leave a Reply