كييف – تعرضت السياسة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي الى فضيحة من العيار الثقيل منيت معها المعارضة الأوكرانية بنكسة سياسية خطيرة كشفت مدى هيمنة واشنطن عليها في خضم الأزمة السياسية في الجمهورية السوفياتية السابقة. الفضيحة التي عرت المعارضة جاءت بعد تسريب تسجيل لمكالمة هاتفية داخل السلك الدبلوماسي الأميركي يعتقد بأن المخابرات الروسية تقف وراءها.
نولاند |
كل شيء بدأ بينما كانت فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأميركية، تجول بين السلطة والمعارضة في العاصمة الأوكرانية للتوسط في الأزمة السياسية الدائرة في البلاد على خلفية الصراع الروسي-الغربي على النفوذ. ومن حيث لا تدري، وصل إلى وسائل الإعلام تسجيل لمكالمة هاتفية خاصة بها، بُثّت على موقع «يوتيوب».
وقد بث تسجيل لصوت نولاند تتحدث من واشنطن مع سفير بلادها في كييف جيفري بيات قبل أقل من أسبوعين، بعدما عرض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش على المعارضة قيادة حكومة جديدة، بدلاً من المستقيلة، للشروع في إنجاز صفقة التسوية.
وخلال التسجيل، ومدته أربع دقائق، يتحدث المسؤولان الأميركيان عن خطتهم لتشكيل الحكومة. يتفقان على أن هذا المعارض هو رجلهم، وذاك عليه أن يبقى جانباً.
بعد الاتفاق بين الاثنين، يصل الحديث إلى مستوى آخر من إمساك خيوط الأزمة. تقول نولاند إنها تواصلت مع مواطنها جيفري فيلتمان، مستشار الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية.
ولا تخفي نولاند سعادتها بالخطوة، وتقول إن دور المبعوث الأممي سيساعد في تركيب التسوية التي تريدها واشنطن.
هنا تظهر نولاند ضيقها من دور «الاتحاد الأوروبي»، وتشير لمحادثها أنه بعدما مشت قصة المبعوث الأممي يمكن القول «كما تعرف، فليُنكح الإتحاد الأوروبي» (Fuck the EU). يرد السفير الأميركي «بالضبط».
السفير الأميركي عاد ليؤكد أن مبعوثاً دولياً يمكنه المساعدة في جعل تركيبة واشنطن للتسوية «تلتصق»، ويذكر محادثته بالتأكيد أن روسيا «ستعمل من خلف الكواليس» لتحقيق مصالحها.
وقبل أن تنتهي المحادثة، يذكر بيات الجزء الآخر من لعبة بلاده المتمثلة في اللعب على الحبلين و«مد اليد إلى يانوكوفيتش» المقرب من موسكو.
واشنطن أكدت أن التسريب صحيح، وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن نولاند اعتذرت للأوروبيين عن الشتيمة. وحدها ألمانيا علقت، حيث اعتبر المتحدث باسم المستشارة أنجيلا ميركل أن تعليق نولاند «غير مقبول إطلاقاً». آخرون التفوا على الموضوع الأهم، كما فعلت واشنطن لاحقاً، مركّزين على اتهام موسكو بالتجسس وتسريب شريط المكالمة.
لم يسعف حس الفكاهة نولاند، وبدت ثقيلة وهي تقول من كييف إن تقنية التجسس «مثيرة للإعجاب لأن نقاوة التسجيل كانت عالية جداً».
الاتحاد الأوروبي بالطبع محرج من فضائح «الحلفاء»، لكن من جهة أخرى ليس منزعجاً من ظهور سياسته بهيئة من تخرج واشنطن عن طورها.
حداد في معسكر المعارضة الأوكرانية، فوسط خلافاتها صارت عارية أمام الاحتجاجات ومطالبها. احتفالات لدى فريق السلطة. كانت هدية ثمينة للرئيس يانوكوفيتش بينما كان يتصافى مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش افتتاح أولمبياد «سوتشي» الأسبوع الماضي.
Leave a Reply