جنيف، دمشق – يبدو ان الخلافات بين المتحاورين في جنيف، قد انتقلت علانية الى الراعيين الاساسيين للمؤتمر الدولي وبات الحديث جهاراً عن خلافات روسية أميركية بشأن جدول الاعمال والأفكار التي طرحها طرفا الحوار، ما ينذر بتطيير جلسات جنيف في ظل التوتر في العلاقات بين موسكو وواشنطن على خلفية أكثر من ملف دولي يبقى الشأن السوري من أهمها، إذ من المتوقع أن ينتقل «الكباش» من جنيف الى نيويورك، حيث يدرس أعضاء مجلس الأمن مسودتي مشروعين بخصوص سوريا.
كما أعلن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي الاربعاء أن بلاده ستقدم الى مجلس الأمن في القريب العاجل مشروع قرار بمكافحة الإرهاب في سوريا، مقابل مشروع مدعوم من واشنطن يحمّل نظام دمشق مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في سوريا.
وبعيداً عن المفاوضات في سويسرا ومسوّدات نيويورك، يشهد الميدان حملة عسكرية جديدة لها أبعاد إقليمية ودولية، حيث أعلن الجيش السوري سيطرته الكامله على قرية الجراجير المطلة على مدينة يبرود في جبال القلمون المحاذية للحدود اللبنانية والقريبة من منطقة عرسال في اطار استعداداته لعملية عزل الحدود اللبنانية بالتزامن مع مواصلة حملته العسكرية على منطقة الزارة والحصن اللتين تشكلان آخر معاقل المسلحين الحددودية في ريف تلكلخ.
واستعادة يبرود من قبل الجيش السوري تعني سيطرته الكاملة على طريق دمشق–حمص، وقطعَ تدفق السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري، والسيارات المفخخة والانتحاريين إلى الداخل اللبناني.
وبالعودة الى المفاوضات بجنيف، قال سفير سوريا الدائم لدى الامم المتحدة بشار الجعفري إن الولايات المتحدة غير جادة بإنجاح مؤتمر جنيف. وأضاف«إن واشنطن منغمسة في الازمة السورية سياسياً وعسكرياً وقرار أوباما الأخير باستئناف تسليح المعارضة واضح، لكن «السيناريو الأميركي» بتسليم السلطة للمعارضين تم افشاله وليكن بعد ذلك الطوفان»، معتبراً أن ما أفشل السيناريو الأميركي هو الوفد السوري إلى جنيف والنجاحات العسكرية على الأرض وتفكك المعارضة.
وتطرق الجعفري إلى مفاوضات جنيف فقال إن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف حضر إلى جنيف ليطلع على ما حصل خلال الأيام الماضية ومناقشة ما يخدم بيان «جنيف 1». وأكد الجعفري أن الوفد الحكومي السوري طرح خلال المحادثات موضوع الإرهاب، وهو البند الأول الذي اقترحه الإبراهيمي في جدول الأعمال، إلا أن رئيس وفد المعارضة أنكر وجود الارهاب في سوريا علماً أن كل الدول تعترف بذلك.
وعن المحادثات بين وفدي الحكومة والمعارضة السورية قال الجعفري أيضاً إن السفيرين الأميركي والفرنسي ومراكز أبحاث واستخبارات تقيم في فنادق جنيف تدير المعارضة، وأنه في أثناء المباحثات في قاعة الأمم المتحدة يفتح الباب وتدخل قصاصات ورق ويقرأ منها المعارضون.
وبدورها، اتهمت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة بتعمد تشويه موقفها بشأن سوريا. جاء ذلك بعد انتقاد الرئيس الأميركي باراك أوباما لموسكو لاعتراضها على مسودة قرار للامم المتحدة يتعلق بالمساعدة لسوريا.
وقالت موسكو إنها سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار غربي عربي بشأن المساعدات لسوريا بصيغته الحالية واضافت أنه منفصل عن الواقع، ومن ثم فإنها لن تناقشه إلا إذا كان خاليا من اتهامات أحادية الجانب للحكومة السورية. وكان أوباما قد قال في تصريحات للصحفيين في واشنطن الثلاثاء الماضي إن المسؤولين الأميركيين وجهوا رسالة مباشرة للغاية للروس مفادها انه ليس بوسعهم القول بانهم قلقون بشأن رخاء الشعب السوري في الوقت الذي يتضور فيه مدنيون جوعاً.
ولكن تصريحات أوباما لا تنفي الحاجة الأميركية الى إعادة تحسين علاقتها مع النظام السوري، حيث تشكل الأزمة هناك قلقاً حقيقياً للدول الغربية التي تخشى عودة مواطنيها «الجهاديين» من سوريا وارتكاب أعمال عنف في بلدانهم بأوروبا وأميركا.
وشهدت عدة مدن وبلدات سورية خلال الأسبوع الماضي تظاهرات احتفائية بالتقدم الميداني للجيش السوري الى جانب إبداء الدعم للوفد الحكومي المشارك بمفاوضات جنيف.
وفيما تستمر أزمة «مخيم اليرموك» الفلسطيني المختطف من قبل المجموعات المسلحة، شهد الوضع الإنساني في حمص انفراجاً جزئياً، حيث أكد الهلال الاحمر السوري أن 1400 شخص تم اجلاؤهم خلال الاسبوع الماضي من الاحياء المحاصرة في حمص القديمة، استنادا الى الاتفاق بين السلطات السورية ومقاتلي المعارضة بإشراف الامم المتحدة.
كما تمت تسوية أوضاع 70 شخصا تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عاما من الذين تم إجلاؤهم من حمص القديمة مؤخرا. وأكد محافظ حمص أنه تم تدقيق أوضاع الأشخاص الذين تمت تسوية أوضاعهم حيث استفاد البعض منهم من مراسيم العفو من أجل حمايتهم وعودتهم إلى حضن الوطن.
وفي مجزرة وحشية ارتكبت في قرية معان بمحافظة حماة أقدم مسلحون على قتل ٤٢ شخصاً منهم عائلات كاملة وغالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ والمعاقين، وقامت بتدمير عدد من منازل القرية ونشرت مواقع تابعة لجبهة «النصرة» مقاطع فيديو عن اقتحام القرية وقتل سكانها.
Leave a Reply