دمشق – أظهرت وقائع الميدان أن الجيش السوري قادر على خوض عمليات عسكرية واسعة في جميع أنحاء البلاد، فيما يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد بدأ استعداداته لخوض أول انتخابات رئاسية في ظل الدستور الجديد وما يعنيه ذلك، من أنه على العالم أن يتحمل بقاءه ١٤ عاماً إضافية في السلطة، هذا معناه أن «النظام» صمد، بل إنه يشن حرباً واسعة على الإرهاب قال الأسد، إنها لن تتوقف حتى القضاء على آخر البؤر، فيما ناشد أمين عام الأمم المتحدة واشنطن وموسكو إحياء مفاوضات جنيف.
وكان الرئيس الأميركي قد قالها صراحة في لقاء مع مجموعة «بلومبرغ» بأن الحرب في سوريا ستكون طويلة ومكلفة لروسيا وإيران و«حزب الله»، في وقت تلمح دمشق الى نيتها الحسم عسكرياً.
الأسد يتصفح كتيباً عن مشاريع إسكانيةخلال لقاء مع مسؤولين حكوميين في دمشق. |
وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أقر أن الأسد «يملك اليد العليا» في الصراع العسكري المستمر منذ ثلاث سنوات في سوريا. وتابع كيري خلال جلسة استماع في اللجنة الفرعية المختصة بالعمليات والشؤون الخارجية والمنبثقة عن لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ، أن «موقف الأسد تحسن كثيراً عما كان عليه من قبل، لكن هذا الوضع يتغير كدولاب الهواء، والأزمة لن تحل عسكريا».
في هذا الوقت، أكد الأسد، خلال تفقده مركزاً لإيواء النازحين في عدرا بريف دمشق، أن «الدولة مستمرة في محاربة الإرهاب والإرهابيين الذين شردوا المواطنين من منازلهم ومارسوا جرائم بشعة بحقهم».
وقال التلفزيون الحكومي إن الأسد تفقد مركز إيواء مهجرين نزحوا بسبب القتال في عدرا التي تقع على مسافة نحو 20 كيلومترا شمال شرقي العاصمة السورية والتي سيطر عليها لفترة وجيزة مقاتلو المعارضة قبل ثلاثة أشهر.
واستمع الأسد لاحتياجات المهجرين وأبلغهم بأن الدولة تواصل تأمين المستلزمات الأساسية إلى أن يعود الجميع إلى منازلهم في عدرا وغيرها. مع الإشارة الى أن الأسد ظهر في أكثر من مناسبة خلال الأسبوع الماضي، حيث عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء أنور الحلقي حيث تم الإطلاع على مشاريع إسكانية، وذلك بعد يومين من لقاء حزبي أكد فيه الأسد على أن «حزب البعث» سينطلق بشكل أفضل بسبب الإنشقاقات التي شكلت نوعاً من التطهير الذاتي.
وظهر الأسد في مناسبات عامة عديدة منذ بدء الصراع السوري قبل ثلاث سنوات. والزيارة التي قام بها الأربعاء تعكس ثقته المتزايدة في الآونة الأخيرة، مع التقدم الميداني للقوات المسلحة لاسيما بعد الانتصارات الأخيرة في محافظات حمص وحلب وريف دمشق. وتقع عدرا على الطريق السريع الرئيسي الذي يمتد من دمشق شمالا إلى حمص التي قاتل الجيش السوري لتأمينها من مقاتلي المعارضة خلال العام الماضي. وهي قريبة أيضا من معاقل المعارضة شرقي دمشق التي تحاصرها قوات الأسد.
عربياً، برز موقف الجانب المصري الذي «فرمل» أي تصعيد أو أي اندفاعة خليجية باتجاه اعطاء مقعد سوريا بالقمة العربية في الكويت لائتلاف المعارضة برئاسة أحمد الجربا، كما ظهر الموقف التونسي أكثر تفهماً، وكذلك مواقف المغرب واليمن والجزائر والسودان، وحتى قطر، فيما بقيت دول الخليج الأخرى رأس حربة ضد سوريا مع اعتدال كويتي خجول.
وفي السياق أصدر الرئيس الأسد قانوناً يحظر دخول أي شخص إلى سوريا أو الخروج منها، إلا لمن يحمل جواز سفر ساري المفعول أو وثيقة مؤشراً عليها سمة دخول من إحدى البعثات الديبلوماسية السورية، وهو ما يشكل تحولاً في السياسة السورية المعتمدة منذ عقود والتي كانت تسمح لكل المواطنين العرب بدخول أراضيها من دون تأشيرات.
ميدانياً، خلال الأسبوع الماضي طالت جبهات القتال جميع المحافظات السورية، حتى أن المسلحين «الإسلاميين» فتحوا جبهة جديدة في القنيطرة في محاولة منهم لتخفيف الضغط عن المقاتلين في يبرود التي شهدت تقدماً سريعاً للجيش السوري ومقاتلي «حزب الله» اللبناني، تخلله صفقة تحرير راهبات معلولا.
وفي حمص، حقق الجيش السوري تقدماً استراتيجياً نحو عزل المسلحين عن العمق اللبناني بدخوله بلدة الزارة التركمانية بعد اشتباكات استمرت أشهراً طويلة. ويستعد الجيش لدخول بلدة الحصن وقلعتها التاريخية وهي آخر معاقل المسلحين قرب الحدود مع لبنان.
وتشير المعلومات أن المسلحين هناك يسعون لترتيب أوضاعهم، حيث تجري اتصالات تتولاها جهات إسلامية في الشمال اللبناني لإيجاد المخرج وتحديدا للمقاتلين اللبنانيين، وبالتالي يصبح ريف حمص الجنوبي خالياً من أي وجود مسلح ليتم تأمين طريق دمشق حمص طرطوس اللاذقية.
وفي حلب استمر التصعيد العسكري مع اشتداد المواجهات بين القوات السورية وفصائل مسلحة تخوض في الوقت ذاته قتالا ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، فيما عادت المعارك في درعا إلى الواجهة مجدداً، وبقي مخيم اليرموك ينتظر فسحة أمل تعيد التهدئة إلى شوارعه.
وبعد أن توقّفت حركة الطيران في مطار حلب الدولي لمدة 15 شهراً، يشهد المطار اعتباراً من الأسبوع المقبل بدء تسيير الرحلات الأولى أسبوعياً أمام الركاب، بعد أن كان الجيش السوري قد أمّن حمايته وطرد المجموعات المسلّحة التي كانت تمثّل خطراً عليه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.
Leave a Reply