لغتنا العربية الجميلة تدق نواقيس الحذر، وتعاني من ركاكة نطق المتكلمين بها في الشرق كما في الغرب. كُثرٌ لا يفرقون بين اللدغ واللسع، وبين الطاء والتاء والضاد والظاء حتى طلاب الجامعات لا يميزون بين الياء والألف المقصورة، ولا بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة.
أجيال من العرب، مثل معظم الملوك والرؤساء، لا يحسنون التعبير بلغة عربية سليمة. وهذه مصيبة.
سقى الله أيام إذاعة «بي بي سي» -هنا لندن- عندما كانت مرجعاً للكثيرين للتأكد من النطق السليم لبعض المفردات. اليوم نفس الإذاعة، ورغم أنها تظل أفضل بأشواط من غيرها، صار مذيعوها يفتكون باللغة العربية أناء الليل وأطراف النهار، حتى صرنا نعتقد بأن ضعف المهارات اللغوية بات شرطاً للحصول على وظيفة في هذه الإذاعة العريقة.
في المقابل، لا عتب على الإذاعات وفضائيات «تفقيس» وتقليد البرامج والأغاني التي آوت إليها مذيعين ومذيعات أشد جهلاً وغباوة من أنظمة التصحيح في الكمبيوترات، التي تضع لك خطوطاً حمراًَ تحت كلمات مكتوبة بطريقة صحيحة وتصر على تغييرها، في حين أن النظام الخاص باللغة الإنكليزية، يصحح الخطأ الإملائي والنحوي معاً، والسبب أن الذين أعدوا نظام التصحيح العربي كانوا قليلي الهمة في مراجعة المراجع وتبسيط القواعد واستنباط آلية تصحيح بسيطة لا تنطّع فيها.
زاد الطين بلّة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، التي هي الآن أكثر أدوات الإعلام رواجاً، لأنها تجذب الأميين والمتعلمين معاً، رغم أنها ترزح في الغالب تحت سطوة مجموعة من الأميين لغوياً ومعرفياً.
/
شوقي حمادة، عالم أزهري، جمع في كتاب بحجم الكف مفردات فريدة من اللغة العربية الجميلة. أحببت أن أشارك القراء ببعض ماجاء فيه:
الألف تكون أصلية مثل أخذ، وزائدة مثل كتاب وقطعية مثل أحمد. ووصلية مثل ابن، وعاملة مثل أنا، وللتثنية مثل حبيبان وللجمع مثل جوامع وللتفضيل مثل أفضل وللتقصير مثل أجهل وللتأنيث مثل زهراء.
إذا جاء حرف التاء ثاني حروف الكلمة دلّ على القطع: بتر، إذا وقع الثاء ثاني الكلمة دلّ على الإنتشار: نثر الماء. إذا وقع الحاء آخر الكلمة دلّ على الظهور والتفرد والإمتداد: باح السر، فاح الطيب، لاح القمر. إذا جاء الدال ثاني حروف الكلمة دلّ على التفريق: بدد المال. ودع الأهل. وإذا وقعت الشين أول الكلمة دلّ على التفريق أيضاً: شتت عملهم، شطر الشيء، شقّ الثوب. الصاد، الضاد والطاء تكون في معنى القطع: حصد الزرع، قص الشعر، قطف الثمر، قضّ مضجعه.
الغين في أول الكلمة دلالة على الظلمة والإستتار: غابت الشمس، غلّف الكتاب.
الفاء بمعنى الإنفتاح: فض الرسالة، فك الحديد، فلق الصخرة. الميم دلالة على الإنغلاق: ضم الورد، لم الموضوع، طم السر.
كل بناء عالٍ فهو صرح، كل مادب فهو دابة، كل ما كان على ساق من نبت الأرض فهو شجر. بستان مسوّر بحائط فهو حديقة. كل ما إرتفع من الأرض فهو نجد، كل كلام لا تفهمه فهو رطانة، كل قليل من نبتٍ أو علمٍ فهو ركيك. كل شيء له قدر وقيمة فهو نفيس. كل ما لان للجلوس أو النوم فهو وثير. كل كثير فهو جمّ. كل ضارب بمقدمته فهو يلدغ، وكل ضارب بمؤخرته فهو يلسع..
Leave a Reply