ديترويت – محمد الرموني
تظاهر يوم الثلاثاء الماضي حوالي ٢٥٠ شخصاً أمام مبنى المحكمة الفدرالية في ديترويت، احتجاجاً على مقترح معدل تقدم به مدير الطوارئ المالية في ديترويت كيفن أور، لإعادة هيكلة ديون المدينة يقضي بإقتطاع ٣٤ بالمئة من صندوق المتقاعدين (الشرطة والإطفاء ١٤ بالمئة) في حال عدم موافقتهم على التسوية بقبول مبلغ ٨١٥ مليون دولار مقابل عدم المطالبة بتصفية ممتلكات متحف ديترويت (دي آي أي) المملوك للبلدية الذي سيصار -بحال موافقة المتقاعدين- الى تحويله لمؤسسة عامة مستقلة، بعد أن قامت حكومة الولاية وعدة مؤسسات غير ربحية خاصة برصد مئات ملايين لحماية كنوز المتحف.
جانب من المتظاهرين أمام مبنى المحكمة الفدرالية في وسط ديترويت الثلاثاء الماضي. |
وعلى الفور رفض ممثلو المتقاعدين المقترح رغم أن موافقتهم، ستحدّ من الإقتطاعات عند ٢٦ بالمئة لمتقاعدي البلدية و٦ بالمئة لمتقاعدي الشرطة والإطفاء، لكن المتظاهرين يرون أن المقترح يأتي بمثابة «استيلاء على حقوقهم»، خاصة وأنه لا يلحظ ارتفاع معدلات التضخم المتوقعة، ما يعني عملياً أن النسب المقتطعة قد تكون ضعف ما هي عليه.
وسيقرر القاضي الفدرالي ستيفن رودز في جلسة تعقد يوم ١٤ نيسان (أبريل) المقبل، ما إذا كان مقترح أور لإعادة هيكلة الديون «مفصلاً وواضحاً» بما فيه الكفاية حتى يسمح بإرساله الى دائني البلدية للتصويت عليه. وقد فصل أور في مقترحه خطة إنفاق بحجم ١,٥ مليار دولار تقوم البلدية بتنفيذها خلال السنوات العشر المقبلة لتحسين الأمن والخدمات العامة والبنى التحتية.
ولا شك أن قضية إفلاس ديترويت لن تكوي الجميع بنفس الشدة، فهناك ديون لا يمكن اختزالها في محكمة الإفلاس، فمثلاً هناك ديون بقيمة ستة مليارات دولار أنفقتها البلدية على شبكة المياه والصرف الصحي، لذلك وقع العبء الأكبر على كاهل المتقاعدين والعاملين في البلدية، وبالرغم من عدم معرفة النتائج النهائية للافلاس حتى سنوات قادمة، الا انه يمكن توقع الرابحين والخاسرين من هذه العملية:
الرابحون
– سكان المدينة: وعددهم 700 ألف نسمة وهم يعانون منذ عقود من تدهو مستوى المعيشة جراء انتشار الجريمة والمدارس البائسة وترجع خدمات البلدية، وفي حال تمت الموافقة على خطة أور سيزداد عدد ضباط الشرطة في الشوارع وتتحسن الإنارة وتزال المباني المهجورة.
– مايك داغن: في حال أدى الافلاس الى المساعدة في استقرار ميزانية المدينة وتحسين قدرتها على تقديم الخدمات، هذا من شأنه تعزيز وضع رئيس البلدية، ويمكن لداغن الاستفادة أكثر في حال اقرار برنامج أور الداعي الى انفاق 150 مليون دولار سنوياً على تحسين الخدمات.
– بعض حاملي السندات: بعض الدائنين قد لا يكونون سعداء من الإفلاس، لكن جزءاً من حملة السندات سيحصلون على أموالهم كاملة، لاسيما البنوك الكبرى وصناديق الاستثمار، وهؤلاء جل ديونهم أنفقت على مصلحة مياه ديترويت (5,7 مليار دولار) هذه الديون مضمونة وقد تعهد في مقترحه بسدادها كاملة، في حين لا يزال الأخير يسعى الى إنشاء هيئة إقليمية تضم مقاطعات وين وأوكلاند وماكومب للإشراف على شبكة المياه والصرف الصحي التي تغذي ملايين السكان في منطقة ديترويت الكبرى.
الخاسرون
– حاملو السندات: نعم انهم في كلتي القائمتين، حيث أن أور أغضب بعض حاملي السندات باعتبار أن ديونهم لديترويت البالغة 538 مليون دولار، غير محمية بالضرائب البلدية وبالتالي اقترح سداد ٢٠ سنتاً عن كل دولار، لكن هذه الخطوة ستؤثر سلباً على ديترويت حيث ستؤدي الى ارتفاع الفائدة على الديون المستقبلية للمدينة، ما يعني ارتفاع تكاليف الاقتراض للبلديات نتيجة ارتفاع المخاطر.
– حاملو سندات صناديق التقاعد: من غير المعروف مصير 1,4 مليار دولار كانت البلدية اقترضتها في 2005 و2006 لدعم صناديق التقاعد للعاملين في البلدية، فهذه السندات اعتبرها أور غير مراعية لشروط الولاية وهدد بشطبها، غير أنه اقترح سداد ٤٠ بالمئة منها (دون فوائد) في حال موافقة المقرضين على التسوية.
– شركات تأمين السندات: تعتبر شركات التأمين الكبرى التي تغطي السندات من أشد المعارضين لإشهار الإفلاس، لأنها هي وليست البلدية سوف تتحمل كلفة الدفع لحاملي السندات.
– موظفو البلدية والمتقاعدون ونقاباتهم: أكبر الخاسرين هم الذين كانوا الأقرب الى البلدية على مدى عقود، وهم الموظفون والمتقاعدون، إذ يقترح أور تخفيضات كبيرة في رواتب الموظفين والمتقاعدين، كما يقترح توفير 5,7 مليار دولار لتمويل صندوق خاص للرعاية الصحية للمتقاعدين على مدى ٢٠ سنة (526 مليون دولار سنوياً)، وبهذا تتخلص ديترويت في غضون عقدين من كافة أعباء الطبابة، علماً أن البلدية تدفع حالياً 139 مليون دولار سنوياً للرعاية الصحية للمتقاعدين، وفي حال تم تطبيق خطة أور ستصبح الفاتورة السنوية 42 مليوناً، وتنخفض الى 10 ملايين بعد عشر سنوات، وسيحصل المتقاعدون في المقابل على تعويضات شهرية لشراء بوالص تامين صحية أو الاستفادة من برنامج «ميدكير» لطبابة المسنين (٦٤ عاماً وما فوق).
Leave a Reply