بقلم مريم شهاب
من يتذكر مجلة «المختار»، النسخة العربية لمجلة «ريدرز دايجست» الأميركية؟
الكثيرون من جيلي قرأوها وأعجبتهم، وللذين لم يسمعوا بها أو يقرأوها، فهي مجلة تأسست في الولايات المتحدة عام 1922، وكانت تعتبر واحدة من أدوات «القوة الناعمة» الأميركية، مثل «صوت أميركا» وِ«ماكدونالد» و«كوكاكولا» وهوليوود وسراويل الجينز، حتى قيام الوسيلة الأكثر أهمية في الهيمنة الأميركية عندما أطلق تيد تيرنر في ثمانينات القرن الماضي فضائية تبث 24 ساعة في اليوم، تحت شعار مثير «لن نتوقف إلا مع نهاية العالم، وسوف نغطي نهايته على الهواء»!
كانت مجلة «ريدرز دايجست» أشبه بكتاب الجيب، الهدف الرئيسي منها إعطاء صورة جميلة وباهرة عن الحياة العائلية في أميركا.
في بادئ الأمر، ساهمت الحكومة الأميركية في إنشائها والإستمرار في دعمها دون التركيز على الإعلانات والدعايات التجارية، لا بل كانت تدفع ثمن النكات والخواطر المبهجة والطريفة التي يرسلها إليها القراء، أما محتوى المجلة، فكان يعتمد على نقل مواد ومقالات وتحقيقات سبق أن نُشرت في صحف ومجلات أخرى، ثم يتم إختصارها وإعادة صياغتها بأسلوب جذاب وبسيط، سعياً منها لنشر روح التفاؤل والنجاح، والتركيز على المثابرة وقهر الصعاب الجسدية والمعنوية، سواء للقراء الأميركيين أنفسهم أو للأجانب الذين كانت تُخصص لهم طبعات بلغات مختلفة، منها العربية.
مجمل المواضيع، كانت أشبه بقصص تحكي حكايات البيوت السعيدة والعائلات الناجحة وروائع «الحلم الأميركي» والإضاءة على الشخصيات الرائدة في المجتمع وبكل ما تمثله من القيم الرفيعة والأخلاق السامية.
في سبعينيات القرن الماضي، تبنت «ريدرز دايجست» إلى جانب مختاراتها الرائعة، حملة للإقلاع عن التدخين وعلاقته بالأمراض القاتلة، ونشرت القصص العديدة لتجنب الوقوع في الإدمان بكافة أشكاله، وزيادة في الإفادة للقراءة كان يتم إختصار القصص العالمية، بأسلوب موجز وبسيط، خصوصاً القصص التي تؤثر إيجابياً ومعنوياً في نفس القارئ المنهمك بعمله أو مع عائلته، هذا إلى جانب نشر أسماء الكتب المفيدة والأفلام السينمائية الجيدة وبرامج التلفزيون المفيدة للعائلة.
رغم اللغة الواحدة في بريطانيا وأوستراليا وكندا، فقد كانت «ريدز دايجست» طبعات مختلفة في هذه البلدان، كذلك طبعتها العربية باسم «المختار» التي كانت لها نكهة الشرق العربي وقصصه وثقافته.
ومثل كل شيء جميل، انحسرت في السنوات الأخيرة مجلة «ريدز دايجست» وإنضمت إلى الصحف المفلسة بعدما زادت ديونها وقل قراؤها أمام العشرات من المجلات الإستهلاكية الباهرة بملايينها التي لا تنتهي، والتي تروج بريق المظهر والإنحلال والإباحية والسخرية من القيم الأخلاقية ومعاني الحياة.
Leave a Reply