دمشق – صخر نصر، وكالات
بعد ثلاث سنوات من الأزمة الدامية في سوريا وفي سابقة هي الاولى منذ أكثر من ستة عقود، تتجه سوريا إلى إجراء انتخابات رئاسية تعددية للمرة الأولى منذ منتصف القرن الماضي، وذلك بعد عقود من تنصيب الرئيس عن طريق الاستفتاء.
وقد أثار إعلان دمشق الإثنين الماضي إجراء انتخابات رئاسية في المناطق التي تسسيطر عليها الدولة، انتقادات العديدِ من العواصم الغربية، حيث اعتبرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أنَّ اجراء الاِنتخابات يناقض بيان جنيف، وذلك بعد أن حدد رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام، موعد اجراء الانتخابات الرئاسية في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، مشيراً الى أن باب الترشح سيظل مفتوحاً حتى نهاية الدوام يوم الخميس المقبل في الأول من أيار (مايو).
الأسد خلال لقاء مع كبار علماء الدين في سوريا. |
ولم يعلن الأسد رسمياً ترشحه بعد، ولكنه أشار في عدة مقابلات تلفزيونية الى وجود إمكانية كبيرة لذلك، وقد ترشح الى الآن كل من النائب ماهر حجار من حلب، والوزير السابق حسان النوري وهو برلماني أيضاً وكل منهما محسوب على المعارضة الوطنية.
ميدانياً، استمرت الأسبوع الماضي العمليات القتالية للجيش السوري الذي حقق تقدماً ملحوظاً في حمص القديمة حيث استعاد منطقة جب الجندلي كما سيطر على ابنية هامة في حي باب هود، في حين صعّد المسلحون هجماتهم على الجبهة الجنوبية في درعا.
وفي دمشق، تقدم الجيش في المليحة وجوبر على وقع مزيد من المصالحات والتسويات التي تجري في أحياء دمشق لإنهاء خطر المسلحين على العاصمة التي لا تزال تتعرض لقصف عنيف بقذائف الهاون التي راح ضحيتها الأسبوع الماضي، عشرات المدنيين بينهم أطفال.
زيارة معلولا
زار الرئيس الأسد، الأحد الماضي، بمناسبة عيد الفصح بلدة معلولا المسيحية الواقعة شمالي العاصمة السورية دمشق، بعد أسبوع من استعادة الجيش السيطرة عليها. وشارك الأسد في قداس يوم القيامة، وتفقد دير مار سركيس وباخوس، واطلع على آثار الدمار الذي لحق بالأديرة في البلدة، وتمنى الأسد من معلولا فصحاً مباركاً لجميع السوريين وعودة السلام إلى سوريا، وقال لا يمكن لأحد مهما بلغ إرهابه أن يمحو تاريخنا الانساني والحضاري، مؤكداً: «أن معلولا ستبقى صامدة في وجه همجية وظلامية كل من يستهدف سوريا».
وخلال لقائه مجموعة من العلماء ورجال الدين وأئمة وخطباء المساجد والداعيات من مختلف المحافظات السورية، عبّر الأسد وفقاً لوكالة الأنباء «سانا» عن تقديره «لمواقف رجال الدين الذين أظهروا شجاعة ووعياً وحساً عالياً بالمسؤولية الوطنية في مواجهة الضغوط الكبيرة التي تعرضوا لها من أجل تغيير مواقفهم والتنازل عن قول كلمة الحق فكان صمودهم لبنة أساسية في صمود المجتمع السوري». وأكد أن «لرجال الدين دوراً أساسياً بتكريس المفاهيم الصحيحة في مواجهة المصطلحات الخاطئة لأن من أخطر ما تتعرض له منطقتنا والعالم الإسلامي عموماً محاولات الغرب ضرب العقيدة والإيديولوجيا في مجتمعنا من خلال التغيير التدريجي للمصطلحات وأهم مثال على ذلك محاولة فصل العروبة بمفهومها الإنساني والحضاري لا العرقي عن الإسلام ما من شأنه أن يخلق حالة من عدم الاستقرار على المستويين السياسي والاجتماعي».
وأشار الأسد إلى أن «الآفة التي أصابت العالم الإسلامي هي آفة الإسلام السياسي وسقوطه أعاد الإسلام إلى دوره الطبيعي وهو الدعوة»، مشدداً على أن «مواجهة التطرف والإرهاب لا يكون فقط عبر إدانتهما وتفنيدهما بل من خلال ترسيخ مبادئ الدين الصحيح»، لافتاً إلى «الدور الأساسي لعلماء الدين في سوريا وبلاد الشام عموماً في تحقيق هذه الغاية بالنظر إلى أن إسلام بلاد الشام كان ولا يزال الأساس الذي يحمي الإسلام الحقيقي».
طلاق «داعش» و«النصرة»
دخل الاقتتال بين داعش والنصرة والجيش الحر الى منحى اتضحت من خلاله اهداف كل منهما لا سيما بعد التسجيل الصوتي الجديد لزعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، الذي قال فيه ان الخلاف مع تنظيم داعش منهجي لا شكلي، وهو يتهم التنظيم باتباع هواه والتهاون في دماء المسلمين، في رد مباشرٍ على تسجيلٍ للمتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني الذي أعلن فيه انحراف «القاعدة» عن النهج الجهادي، واتهم قيادتها بأنها صارت معولاً لهدم مشروع الدولة الإسلامية.
ابو محمد الجولاني زعيم «النصرة» في سوريا، دخل على خط التسجيلات الصوتية وهدد بنقل الصراع مع داعش إلى داخل العراق، هذه التصريحات قد تكون مقدمةً لتفكك القاعدة، وفق مختصين في الحركات الإسلامية، ولا سيما مع استمرار معارك الطرفين العنيفة على الأرض السورية.
وتستعر جبهات القتال بريف الحسكة، خاصة بعد انتزاع داعش حقلي تل حميس والشدادي النفطيين وطرد النصرة وأحرار الشام قبل شهرين، وسعي كل منهما للإمساك بالمعبر الواصل بين الحسكة ودير الزور وتأمين طريق تهريب النفط إلى تركيا عبر الرقة وتل أبيض.
هذا بالاضافة الى معارك البوكمال عند الحدود مع العراق التي حاول «داعش» السيطرة عليها قبل أيام فطردته «النصرة» بعد معارك عنيفة كلفت الطرفين أكثر من 150 قتيلاً. أما في دير الزور، فالمعركة بوجهين: لاصطياد أبو محمد الجولاني من معقله في الشحيل بريف المدينة وإحكام السيطرة على الآبار النفطية. وخارج الجبهات المعلنة يتبادل الطرفان حرب الاغتيالات والعمليات الانتحارية.
Leave a Reply