دمشق – صخر نصر، وكالات
بعد أن خطفت الأزمة الأوكرانية اهتمام العالم بعيداً عن سورياً عادت القوى الغربية في الأمم المتحدة للتلويح بالعقوبات تحت بند الفصل السابع ضد الحكومة السورية متذرعة بعدم وصول المساعدات الانسانية إلى أكثر من ثلاثة ملايين مواطن محاصر حسب منسقة الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس التي شددت أمام مجلس الأمن الأربعاء الماضي على ضرورة اتخاذ اجراء أقوى لتوصيل المزيد من المساعدات إلى سوريا، لكن فرنسا قالت إن معارضة روسيا لأي تحركات قوية أوجدت انطباعا مؤسفا.
ليأتي اعلان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين يوم الأربعاء الماضي في أن الدول الغربية تنوي إعداد مشروع قرار حول سوريا في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، واصفاً هذه الخطوة بأنها تأتي في وقت غير مناسب، وأنه يجب بدلاً من ذلك التركيز على التسوية السياسية للوضع في سوريا.
وتبقى تهديدات الغرب مجرد تلويح بعصا في هواء تنتشر فيه رائحة الدم والدخان الناتجة عن انفجار سيارات مفخخة وقذائف هاون تستهدف المدنيين راح ضحيتها الأسبوع الماضي قرابة المئتي شخص، نصفهم أو أقل قليلاً من الأطفال وتلاميذ المدارس، وهو ما اعتبره المراقبون رداً على تقدم الجيش السوري باتجاه معاقل المسلحين.
فقد واصل الجيش نجاحاته الميدانية في المناطق المحيطة بدمشق وحلب وشمال اللاذقية حيث شن الجيش عمليةً هجومية في جوبر شمال شرق دمشق صباح الاثنين الماضي، وأفادت المعلومات بتحقيقه تقدماً باتجاه جسر زملكا من جهة المتحلق الجنوبي، كما أشارت المعلومات إلى سيطرة الجيش على جامع «طيبة» وسط الحي، وتشهد هذه المناطق أشرس المعارك حيث تخاض المواجهات في الأنفاق وضمن البناء الواحد، وتعتبر منطقة القابون-جوبر أكثر المناطق تهديداً للعاصمة دمشق إذ تتصل بباقي مدن وبلدات الغوطة الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
وتقدم الجيش في مناطق المليحة وجوبر قرب دمشق وبالتزامن مع العملية العسكرية، شهدت الأحياء الدمشقية القريبة من جوبر تساقط عدد من قذائف الهاون، وأدت لسقوط جرحى وأضرار مادية، خصوصاً في ساحة العباسيين ومنطقة سوق الهال.
وفي اللاذقية تمكن الجيش من الوصول إلى الشريط الحدودي مع تركيا بعد سيطرته على مخفر السمرا قرب مدينة كسب وإغلاق المنفذ البحري الذي سيطر عليه المسلحون قبل شهر، وبذلك يكون قد وصل إلى الحدود مع تركيا بعد سيطرته على مخفر القرية الحدودية.
في حمص تتواصل المعارك في المدينة القديمة لفصل أحياء القرابيص والقصور وباب هود بهدف حرمان المسلحين من خطوط إمداد مفتوحة بين هذه الأحياء، مع تقدم حققته وحدة عسكرية في الأبنية المحيطة بكنيسة مار جرجيس.
وفي الجنوب يخوض مسلحون أردنيون وسعوديون في «جبهة النصرة» قتالا شرساً مع الجيش السوري في الجبهة الجنوبية المحيطة بدرعا وصولا إلى القنيطرة فالحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة، في معركة تهدف الى إنشاء شريط حدودي عازل مع اسرائيل التي لم تخف دعمها للمسلحين وتقديم وسائل الاتصال لهم ومعالجة جرحاهم في مشافيها الميدانية التي اعدت لهذه الغاية.
أما في حلب فالاختراقات المتبادلة تسمح بكل الرهانات، لكن من المؤكد أن حسمها لن يتم قبل الاستحقاق الرئاسي، لذا تقتصر على تحقيق انتصارات رمزية من قبل المسلحين في محاولة لمنع إجراء انتخابات في العاصمة الاقتصادية للبلاد، غير أن الجيش يبدو أنه قد وضع مسألة تحرير المدينة الصناعية في حلب على رأس أولوياته، بالتزامن مع اقتراب قواته من «سجن حلب» المحاصر، وقد سيطرت وحدات من الجيش السوري على «دوّار البريج»، المتاخم للمدينة الصناعية في الشيخ نجار، التي أحكم الجيش إغلاق بوابتها الرئيسية. يأتي ذلك وسط مؤشرات على شنّ الجيش عملية برية ليلية، تمهّد للسيطرة على المدينة الصناعية. فيما شنّ مسلحو «جبهة النصرة» هجوماً مضاداً في محاولة لاستعادة السيطرة على الدوار الاستراتيجي.
وتضاربت الأنباء حول الحصيلة النهائية لضحايا غارة جوية استهدفت حيّ الأنصاري الشرقي في حلب. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض إنّ «الغارة التي استهدفت مدرسة عين جالوت أوقعت ١٨ ضحية، بينهم عشرة أطفال».
وفي الشمال الشرقي اشتعل ريفا دير الزور الشمالي والشرقي، وسط تأكيدات «داعش» أنّ دير الزور «في طريقها لتصبح الولاية الثانية الخاضعة بالكامل لسيطرتنا»، فيما توعدت «النصرة» عدوها بـ«مفاجآت مزلزلة»
وشهدت محافظة دير الزور يوما ناريأ الأربعاء. تجددت فيه المعارك العنيفة بين «داعش» من جهة، وبين «جبهة النصرة»، وحلفائها في «الجبهة الإسلامية» من جبهة أخرى، وسط معلومات مؤكدة عن تقدّم كبير لـ«داعش»، الذي أكدت مصادر من داخله أنّ السيطرة على دير الزور بكاملها باتت مسألة وقت.
وفي سياق آخر، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية معلومات تؤكد حصول مقاتلي المعارضة على صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات، بعد تقديمهم ضمانات بإعادة الفوارغ لضمان عدم إعادة بيعها أو سرقتها أو وصولها إلى أيدي متشددين.
ومنذ أسابيع قليلة أعلنت حركة «حزم»، التي تضم تحت لوائها ما يقارب عشرين كتيبة معارضة للأسد وتوصف بشكل عام على أنها معتدلة، أنها حصلت على صواريخ تاو الأميركية المضادة للدبابات. الجديد في هذا الخبر أن صحيفة «واشنطن بوست» نشرت هذه المعلومات وأكدتها نقلا عن الحركة وعن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، رغم أن المجلس العسكري كان قد نفى علمه بهذه الصفقة.
قالت الصحيفة إن الحركة قدمت ضمانات للغربيين بألّا تقع هذه الصواريخ بأيدي جماعات متطرفة، كأن تعيد فوارغ الصواريخ التي يتم إطلاقها لضمان عدم إعادة بيعها وحمايتها من السرقة. وحسب المراقبين، يبدو أن الخطوة الأميركية تأتي في إطار دعم تشكيلات نظامية بعيدة عن الفوضى العارمة التي تعيشها فصائل المعارضة المسلحة.
انتخابات
وفي سياق آخر، أقفل باب الترشيح للإنتخابات الرئاسية المنتظرة في ٣ حزيران (يونيو) المقبل، حيث رسا عدد طالبي الترشيح على ٢٤ مرشحا تقدموا بطلبات لخوض معركة الرئاسة بينهم الرئيس بشار الاسد الذي كان سابع شخص يعلن ترشيحه لأعلى منصب في سوريا.
وسوف يبت بالترشيحات المقدمة من قبل أعضاء مجلس الشعب إذ يشترط الدستور السوري حيازة كل مرشح على ٣٥ صوتاً من أصل ٢٥٠ يشكلون مجلس الشعب (البرلمان) لاعتماد ترشيحه بشكل نهائي، في حين تدعو أطراف في المعارضة الى التمديد للأسد لمدة سنتين لإجراء الانتخابات في أجواء أكثر أمنا بما يضمن مشاركة شعبية أوسع.
Leave a Reply