ديربورن – محمد الرموني
بعد أسابيع من إطلاق سراحه من سجن فدرالي في آذار (مارس) ٢٠١٢، لم ينتظر الداعية الإسلامي من ديربورن، أحمد جبريل، كثيراً حتى يعلن تأييده إلكترونياً «للجهاد» في سوريا التي كانت بدأت تشهد تصاعداً في أعمال العنف مع تدفق المسلحين الأجانب اليها بحجة قتال النظام السوري، وبدأ نجم الشيخ الذي يعيش في منطقة ديترويت يصعد بين «الجهاديين الغربيين» الذين باتوا يشكلون اليوم مصدر صداع وقلق للدوائر الأمنية الأميركية والأوروبية على حد سواء.
الشيخ أحمد جبريل |
في أحد مواقفه الإلكترونية، بعد أيام من خروجه من سجن فدرالي بتهمة الإحتيال، قال جبريل عبر حسابه على «تويتر»: «عندما يتحدث إخوانكم في سوريا اليوم، فعلى الجميع أن يطبقوا أفواههم وينصتوا، لأن هؤلاء أثبتوا أنهم رجال حقيقيون». هذا التعليق، كان واحداً من عدة مواقف وتعليقات وفيديوهات بثها «الشيخ» عبر وسائل التواصل الإجتماعي تحض على «الجهاد» في سوريا، وقد تحول الشيخ المتهم بالنصب والإحتيال وغسيل الأموال، الى أحد أبرز «النجوم العالميين» للمقاتين الأجانب في سوريا، حيث أصبح الشيخ «مصدر إلهام» لمئات المقاتلين الغربيين، وفقا لتقرير جديد صادر عن «مركز دراسة الراديكالية والعنف السياسي» في العاصمة البريطانية لندن. |
وأشار المركز البريطاني المرموق الى أن جبريل، الذي انتقل للعيش في ديربورن بعد خروجه من السجن، سرعان ما أصبح أباً روحياً للجهاديين الأجانب، حيث أن معظم أتباعه على شبكة الإنترنت هم من جنسيات غربية وينتمون لمنظمات مسلحة ذات صلة بتنظيم «القاعدة»، بحسب ما نقلت صحيفة «ديترويت فري برس».
وذكر تقرير المركز، الصادر الشهر الماضي، أن جبريل كان بمثابة «المشجع» و«الأب» للمقاتلين الغربيين «المتأثرين بالإسلام»، مع الإشارة الى أن المركز عمل خلال العام الماضي على رصد «الجهاديين الغربيين» ودورهم وتحركاتهم في سوريا بالتعاون مع خمس جامعات أميركية.
وتضمن تقرير المركز الذي جاء بعنوان «الطيور الخضر: قياس أهمية وتأثير شبكات المسلحين الأجانب في سوريا»، قائمة بمعلومات وأسماء ١٩٠ مسلحاً غربياً من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، وكان معظم هؤلاء من متابعي ارشادات وتوجيهات جبريل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت.
وقال البروفسور بيتر نيومان، أحد المشرفين على الدراسة، وهو أستاذ بالدراسات الأمنية في جامعة «كينغز كولدج» في لندن، إنه ليس هناك من أدلة تشير الى تورط جبريل نفسه بأعمال إرهابية لكنه شكّل على مدى الفترة الماضية مصدراً «للتبرير السياسي والديني» لهؤلاء الإهابيين، بحسب قول نيومان لصحيفة «فري برس».
وأكد نيومان أنه ليس هناك أي دليل على أن جبريل عضو في إحدى الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا أو أنه يخطط للقيام بعمل إرهابي.
ويأتي التقرير وسط قلق أميركي متزايد من عودة «الجهاديين الغربيين» الى بلدانهم بنية تنفيذ أعمال إرهابية، وفي زيارته الأخيرة لديترويت، أعرب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) جيمس كومي، عن قلق إدارته من أن تتكرر في سوريا تجربة أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، والتي أدت الى نشوء تنظيم «القاعدة» وتنفيذه هجمات «١١ سبتمبر» الإرهابية.
وقال كومي، إن العشرات من الأميركيين يقاتلون الآن في سوريا أو حاولوا الوصول إليها للقتال فيها، مضيفا أنهم يشكلون مصدر خطر تماما على غرار الأوروبيين الذين يمكنهم دخول الولايات المتحدة دون الحاجة لتأشيرة.
وقارن كومي بين تدفق المتطوعين للقتال في سوريا وبين مشاركة الآلاف من المقاتلين الأجانب في الحرب الأفغانية خلال العقدين الثامن والتاسع من القرن الماضي، مضيفا أن بعض أولئك المقاتلين انضموا إلى تنظيم «القاعدة» في أفغانستان، ما يؤكد ارتباط الأمن القومي الأميركي بالأحداث في ذلك البلد باعتبار أن التنظيم نفذ لاحقاً هجمات «11 أيلول».
وقال مدير الشرطة الفدرالية بوضوح: «نحن مصممون على ألا تـكون الأحـداث في سوريا مقـدمة لهـجمات مستقبلية علـى غـرار هجمات 11 أيلول».
ولفـت المركز البريطاني أنه رصـد مـنذ انـدلاع الأزمة قبل ثلاث سنوات، تدفُّق أكثر من 11500 مقاتل أجنبي الى سوريا بينهم 2800 من دول غربية.
من هو جبريل
ولد جبريل (43 عاماً) في منطقة ديترويت الكبرى لعائلة فلسطينية ووالده الشيخ موسى جبريل.
نشأ، ودرس في صباه بالمملكة السعودية، حيث اعتنق الفكر الوهابي، وحسب تقرير مركز لندن، فهو يحمل درجة في القانون من إحدى الجامعات في ميشيغن، وله تاريخ طويل من التعصب الديني والدعوة الى استخدام القوة لنشر تعاليم الإسلام إضافة الى إمعانه في التحريض المذهبي.
ففي تعليق أرسله جبريل في العام 1995 الى محطة «سي أن أن» التلفزيونية أشاد الشيخ بتفجير إرهابي استهدف مجمعاً سكنياً في السعودية قتل فيه 4 أميركيين. ولطالما حث جبريل طلابه على «نشر الإسلام بالسيف» و«الجهادة»، إضافة الى تشجيع أتباعه على كراهية الشيعة و«عدم الإختلاط بغير المسلمين».
وكان جبريل منع من القاء خطبه في اثنين من المساجد في ديترويت الكبرى بسبب آرائه المتطرفة وفق مقال نشر في العام 2006 واورده تقرير مركز «الراديكالية والعنف السياسي» اللندني. وفي 2005 أدين جبريل ووالده بـ42 تهمة تتعلق بالاحتيال البريدي والاحتيال على البنوك وغسل الاموال بقيمة 400 الف دولار، كما اتهم الاثنان بتعمد تخريب عدد من المنازل المملوكة والمؤجرة بهدف الاحتيال على شركات التامين وبمحاولة تقديم الرشوة لعضو في هيئة المحلفين وعداها بدفع تكاليف زفافها إن أبدت رأيا لصالحهما في القضية.
وقد حكم على جبريل بالسجن ست سنوات ونصفا في سجن تيري هوت الفدرالي في إنديانا المعروف باسم معتقل «غوانتانامو الشمال» نظرا للعدد الكبير من النزلاء المسلمين فيه والذين يواجه العديد منهم تهم متعلقة بالإهاب.
نجاح باهر على الانترنت
يوجد لجبريل اليوم 23 ألف شخص من الاتباع على «تويتر» و211 الفا على «فيسبوك» ومقاطع فيديو ينشرها على حسابه على «يوتيوب» تجذب الآلاف من المعجبين.
وأظهر التقرير البريطاني أن جبريل هو الأكثر شعبية لدى الجهاديين الغربيين موضع الدراسة، إذ يتابعه 21 بالمئة منهم عبر «فيسبوك»، و60 بالمئة عبر «تويتر»، ليكون بذلك الأكثر متابعة في أوساط المقاتلين والذين ينتمون بمعظمهم الى تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» المرتبطين بـ«القاعدة».
واللافت أن 78 بالمئة من الإعجابات التي نالتها صفحة جبريل على «فيسبوك» و86 بالمئة من متابعات «تويتر»، مصدرها التنظيمان الإرهابيان.
كان لجبريل اتصالات مباشرة مع عدد من المقاتلين الأجانب وكذلك مع عائلات القتلى بحسب نيومان، وفي 2013 رصدت رسالة لجبريل عبر «تويتر» أرسلها لعائلة مسلمة في إنكلترا قتل أحد أبنائها في الحرب في سوريا، قال فيها «حين سمعت نبأ مقتله اليوم اجهشت بالبكاء، ليتغمده الله بواسع رحمته».
وبحسب الحكم الصادر بحقه، فإنه على جبريل أن يخضع للمراقبة (بروبايشن) حتى آذار (مارس) 2015.
وقال نيومان إن جبريل بينما لا يحض مباشرة على العنف الا انه يسوق افكاراً تغذي دفع الغربيين الى الانخراط في الجهاد فهو كمن يصب الزيت على النار.
Leave a Reply