ديربورن – علي حرب
تنامي خطر «عودة الجهاديين الغربيين» الذين يقاتلون في سوريا إلى بلادهم، والكشف عن ارتباط داعية إسلامي محلي بالعديد منهم، استدعيا العديد من أئمة المساجد في منطقة ديترويت إلى دق ناقوس الخطر سيما بعد زيارة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، جيمس كومي، الى المنطقة الأسبوع الماضي، حيث أعلن أن خطر الإرهاب الداخلي و«جهاديو سوريا» هما على رأس أولويات مكتبه.
الشيخ محمد علي مارديني، مدير «المركز الإسلامي الأميركي» في ديربورن، أكد لـ«صدى الوطن» أن ما يحصل في سوريا لا علاقة له بـ«الجهاد» إذ أشار الى أن هناك نوعين من الجهاد، «الجهاد الأكبر» الذي يتمثل بضبط النفس لعدم الوقوع في الخطيئة، و«الجهاد الأصغر» وهو الدفاع عن الحق والمظلومين، غير أن التورط في الصراع السياسي الدولي في سوريا فلا يستحق صفة «الجهاد».
وأكد المارديني أنه دائماً يحض شباب الجالية في التركيز على شؤونهم المحلية واحترام الحدود السورية، قائلاً «إن ردود الفعل العاطفية تجاه الأحداث في سوريا لا تفيد الشعب السوري الذي هو أدرى ببلده»، معتبراً أن الإنخراط في القتال الدائر هناك لا جدوى منه».
وقد نفى المارديني لـ«صدى الوطن» أي علم له بوجود مساجد في منطقة ديترويت تحض على «الجهاد» في سوريا، أما بخصوص الشيخ أحمد جبريل الذي يعيش في منطقة ديترويت، والذي كشف تقرير بريطاني أنه أحد أبرز المرشدين الروحيين الإلكترونيين للمقاتلين الغربيين في سوريا، فقد نفى الشيخ مارديني أي معرفة شخصية به، مؤكداً أن جبريل لا يشارك في اجتماعات علماء الدين المحليين، كما أدان المارديني الخطاب المذهبي الذي ينتهجه الشيخ جبريل عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
وكان «مركز دراسة الراديكالية والعنف السياسي» في العاصمة البريطانية لندن، قد أصدر مؤخراً تقريراً ورد فيه ذكر الشيخ جبريل كأحد أكثر رجال الدين المتابعين إلكترونياً من قبل المقاتلين الغربيين المنضوين تحت ألوية تنظيمات متشددة مثل «النصرة» و«داعش»، وحسب التقرير فإن جبريل أدين بـ٤٢ تهمة عام ٢٠٠٤ وقضى في السجن حتى شهر آذار (مارس) ٢٠١٢. (تفاصيل ص ٤)
المرجع الديني عبد اللطيف بري، مرشد «المجمع الإسلامي الثقافي» في ديربورن، وصف الجهاد بأنه دفاع عن النفس وقال «عندما يهاجمك العدو ويغزي أرضك وبلدك فلديك الحق في الدفاع عن نفسك وهذا حق منحته الطبيعة الإنسانية والقوانين الدولية لكن مايجري حالياً في سوريا وأفغانستان واليمن وليبيا ليس جهاداً إنما إرهاب وقتل للمدنيين العزل لذا فنحن ندين ونندد بهذه الأفعال وأنا حذرت الشباب المسلم في كل خطبي ألا يعيروا إنتباههم ولا يتحمسوا لهذا الجهاد المزيف».
وحذر الشيخ بري من «أن خطر الجهاديين في سوريا قد ينتشر إلى مابعد منطقة الشرق الأوسط ونظرية الجهاد المزيف في سوريا لا تشكل خطراً أمنياً على الشرق الأوسط فحسب بل قد تتعداه إلى أوروبا والولايات المتحدة».
ودعا الشيخ بري «الأخوة من العرب والمسلمين بأن يكونوا عيناً ساهرة وأن يعلموا السلطات الحكومية بأي نشاطات مريبة قد تؤدي إلى إيذاء الولايات المتحدة فنحن أميركيون، وأمن أميركا هو أمننا».
الشيخ محمد علي الهي مرشد «دار الحكمة الإسلامية» في ديربورن هايتس، وصف سياسة أميركا في سوريا «بالهرطقة السياسية» وقال «إن الحكومة الأميركية قلقة من «القاعدة» في سوريا لكنها في الوقت نفسه تصب الزيت على النار هناك، وتعطي أسلحة للمعارضة ولا أحد يعرف بيد من ستقع هذه الأسلحة لأن الفوضى عارمة في سوريا». وأضاف إلهي إن حرب «القاعدة» في سوريا هي «جريمة» وليست «جهاداً»، مبدياً استهجانه لما يسمى بـ«الجهاديين الأجانب» الذين يهاجرون من بلدان أخرى لكي ينشروا الدمار والموت «هذا لا علاقة له البتّة بمفهوم الجهاد في الإسلام».
ووصف إلهي الجماعات الأصولية المسلحة في سوريا بأنها «تكفيرية» متطرفة تعتبر أتباع المذاهب الأخرى كفاراً، وأردف «هؤلاء يرتكبون الجرائم ضد الدين الإسلامي ويؤججون الإسلاموفوبيا من خلال المجازر التي يقترفونها باسم الإسلام». وخلص إلى القول «إن مؤامرة دولية أرسلت «القاعدة» إلى سوريا. إنها لمأساة حقيقية في سوريا. لقد دعم الغرب المعارضة إلى أن انتبه أخيراً أنه ذهب بعيداً وأن المتطرفين سيصبحون خطراً كبيراً على الشرق الأوسط والعالم برمته». وأضاف المارديني «الحرب هناك ليست بين الشيعة والسنة لأن النظام ليس شيعياً وأغلبية الجيش السوري هو من السنة ودخول العراقيين ومقاتلي «حزب الله» المعركة تم لأسباب سياسية لا مذهبية».
وقد دعا الشيخ إلهي المهتمين بالشأن السوري من أبناء الجالية باحترام القانون الأميركي مشدداً على ضرورة عدم التورط بأي نشاطات مخالفة للقانون.
المحامي نبيه عياد، المدير التنفيذي «للرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» قال إن أكثر ما يدعو الى القلق بالشأن السوري، هو دعم الولايات المتحدة للمتمردين في سوريا من جهة، ثم ملاحقتهم قانونياً بتهمة المشاركة بالقتال هناك.
وأضاف أن «المنطق العام يقول عندما ندعم بالمال والعتاد والسلاح يصبح الخوف من انضمام الناس إلى المتمردين قلقاً غير حقيقي».
وأعرب عياد عن قلقه من أن يستعمل التهديد المفترض من «الجهاديين الغربيين» العائدين من سوريا لأغراض أخرى مثل تشديد المراقبة على الجاليات العربية والإسلامية في مختلف أنحاء البلاد، إضافة الى فتح تحقيقات إنتقائية لا تمت للإرهاب بصلة».
وأكد عياد «أن الدستور الأميركي يحمي حرية التعبير وبالتالي حق إعلان تأييد أي طرف من أطراف النزاع في سوريا»، لكنه حذّر من أن تقديم أي دعم مادي لمنظمة مصنفة إرهابية، حسب وزارة الخارجية الأميركية، يعتبر جرماً فدرالياً تصل عقوبته الى السجن لغاية ٢٠ عاماً.
وتابع عياد «يمكنك القول إنك تدعم «حزب الله» أو إنك تؤيد أفعال المسلحين في سوريا، هذا أمر عادي، لكن هناك فرق بين الرأي والفعل».
Leave a Reply