بقلم: مريم شهاب
لم يتردد الأب كثيراً واتصل بزوجته، التي كانت تعلم بقصة الحب التي تعيشها الإبنة، ثم قال لها جملة واحدة: «روميو هذا، لن يكون زوجاً لابنتنا». وبلهفة الحائر سألته: هل هناك جديد من الأخبار؟
تابع البروفسور، إنه شاب مصيدة قادر على إقناع الفتيات بمآسيه الوهمية وبأنه شاب مكافح «لكن كيف له أن يذهب إلى صالونات التجميل، ويخطّ حواجبه وذقنه، ويدخّن السجائر ويلهو بالـ«آي فون» على الفاضي والمليان، وقهوة «ستاربكس» لا تفارق جلسته… بإختصار هو بلطجي وأزعر من الطراز الحديث»!!.
إستمر الحوار بين الزوجين حتى استعاد الأب هدوءه وصفاء ذهنة. وفي المساء، وبعد عودة الإبنة من الجامعة، قالت لأبيها، إن حبيبها بحاجة إلى مبلغ كبير نسبياً ليسدد بعض المخالفات البلدية، وراحت ترجو والدها لكي يعطيها المبلغ، وقد تعهد لها الشاب بأن يرده كاملاً خلال ثلاثة أشهر، لا أكثر.
كاد الأب يفقد أعصابه ويصفع إبنته لعلها تفيق من الغيبوبة التي دخلتها وعلّه ينتقم من ساعات الصمت والحيرة التي يعيشها منذ أن رأى «عريس الغفلة»… لكنه لم يفعل ذلك.
شعر كالضابط المهزوم أمام من درّبه وعلّمه الرماية. فهو نفسه من أقنع إبنته بأن الحب لا يخضع للتعريفات، وأنه أحد أنبل الأحاسيس الإنسانية، ولا فرق فيه بين غني وفقير، وبين متعلّم وأمّي.
وهو أيضاً من علّمها بأن التضحية والإيثار ينمّيان الحب ويرقّقان العواطف، وأن الشاب الذي يؤدي فروض الصلاة في أوقاتها لا خوف منه، لأن صلاته تردعه عن إيذاء الآخرين ومنهم الفتاة التي ينوي الإرتباط بها. وهذا سبب قوي جعل البنت تتطمئن لهذا الشاب حتى أحبته ورغبت أن تربط حياتها بحياته ومصيرها بمصيره.
هو «إبن الحلال» الذي لطالما تحدثت مع أبيها عنه، فهو متدين ويؤدي الصلوات في أوقاتها وخريج جامعي لكنه لم يجد عملاً، ولأنه طموح بدأ العمل بورشة ميكانيك خاصة مع زميل له. إنه على رأي فايزة أحمد «واقف ع الباب» فهل تفتح له الباب أم تغلقه؟؟
بكل حزم ودون أي تردد، طلب الأب إغلاق الباب، وراح يشرح لابنته نظريته حول الشاب -أو البنت- «المصيدة»:
إنه نوع من الناس يصطادك بمشاكله وليس بمشاكلك… يصدّر المشاكل الصعبة ولا يستوردها… نوع يستدر العواطف والطيبة ونقاء القلب… إنه نوع خبيث يعرف طريقه إلى القلوب وإلى الجيوب.
وأكد الأب لابنته أن هذا الشاب -وبذكائه البارد- جعلها تغوص بمشاكله وتتبنّاها برضاها التام.
ختم الأب حديثه بالقول «يا ابنتي لست الضحية الوحيدة.. هناك عشر فتيات على الأقل مقتنعات بمآسيه الوهمية»، ثم تركها وذهب الى غرفة النوم..
هل نجح الأب المثقف في إنقاذ إبنته أم كان «الحب» أقوى؟؟
في جميع الأحوال لم يكن الموضوع سهلاً قطّ على البروفسور المتحرر والعصري فقد اكتشف أن الكلام شيء والفعل شيء آخر. وأن التنظير -كالسحر- قد ينقلب على الساحر بأية لحظة.
Leave a Reply