دمشق – صخر نصر، وكالات
تطورات لافتة شهدتها الأزمة السورية، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، فعلى المستوى الدولي، استخدمت روسيا والصين «الفيتو المزدوج» للمرة الرابعة في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار فرنسي يدعو الى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب «جرائم حرب» من قبل طرفي النزاع.
وجاء هذا التحرك الدولي المدعوم أوروبياً وأميركياً، لوضع مزيد من الضغوط على دمشق التي تستعد لإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها على وقع تقدم الجيش السوري جنوباً في درعا حيث بدأت عملية واسعة تستهدف مدينة نوى لفصل ريفي درعا والقنيطرة، أما شمالاً فقد حقق الجيش والقوات الموالية له انتصاراً معنوياً واستراتيجياً في مسار معركة حلب بفك الحصار عن سجن حلب المركزي في إنجاز عسكري يرجح أن يحدث انقلاباً في موازين القوى على الأرض في المدينة وريفها لمصلحة الجيش الذي وجّه بذلك ضربة قاسية إلى المسلحين بإغلاقه طريق إمداد رئيسي لهم إلى شرق المدينة..
أما على المستوى السياسي داخلياً، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية باتت مهرجانات التأييد للمرشحين يومية على امتداد الساحة السورية وربما يكون من البديهي القول، إنه بعد أكثر ثلاث سنوات على صمود الدولة السورية بقيادته، يبقى الرئيس بشار الأسد الأوفر حظاً والأكثر شعبية في السباق.
وعلى الرغم من اتخاذ الاعلام السوري الرسمي موقفا حياديا من المرشحين الثلاثة إلى حد ما، إلا أن الواقع لايخفى، فالمهرجانات التي تقام دعما للأسد والتي حملت شعار «سوا» باتت في كل مكان، خاصة في الاماكن التي يستعيدها الجيش ويعيد إليها الأمان بعد ان كانت تحت سلطة المسلحين لفترات غير قصيرة.
وفيما أسقط فيتو روسي-صيني مزدوج مشروع قرار فرنسي بإحالة سوريا الى محكمة الجنايات الدولية، اعتبر المندوب السوري في مجلس الأمن بشار الجعفري أن الأزمة السورية كشفت عمق هيمنة المعايير المزدوجة على هذه المؤسسة الدولية، مشيراً إلى أن مشروع القرار الحالي هو محاولة من قبل البعض لفرض إرادته على الشعب السوري.
وطالب الجعفري مجلس الأمن بمساءلة فرنسا عن جرائمها بحق السوريين خلال حقبة الإستعمار في القرن الماضي، مشيراً إلى أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة. وقال الجعفري إن السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وإسرائيل تحرض على الإرهاب في سوريا، وتحقيق العدالة يقتضي مساءلة هذه الدول على جرائمها في سوريا.
وكان لافتاً خلال الأسبوع الماضي تصريح لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خالد مشعل، قال فيه «إنه لن ينسى الدعم الذي قدمه الرئيس بشار الأسد والشعب السوري لفلسطين، مشيداً في الوقت نفسه بدعم إيران لمحور المقاومة، وأضاف مشعل، خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان في العاصمة القطرية الدوحة، أن «قدرات حزب الله والفصائل الفلسطينية في محور المقاومة هي محل فخر». وأشار مشعل إلى استغلال إسرائيل للتطورات الجارية في المنطقة، مؤكداً على اعتماد حل سياسي للأزمة السورية، واصفاً دور إيران في سوريا بالبناء، وشدد على أهمية التعاون الإقليمي بين إيران وتركيا والسعودية.
ميدانياً
دخلت قوة من الجيش السوري معززة بالدبابات إلى داخل سجن حلب، واستطاعت كسر الحصار المفروض عليه منذ أكثر من عام من قبل مجموعات المعارضة المسلحة، كما استطاعت إيصال ذخيرة للقوة المدافعة عن السجن.
وكان الجيش سيطر على الجهة الشرقية المقابلة للسجن، ودمر الأنفاق فيها، كما استعاد محطة الكهرباء الرئيسية في حي الشيخ نجار وتلة حيلان المقابلة، وذلك بعد مواجهاتٍ مع «جبهة النصرة» و«الجيش الحر».
يذكر أن سجن حلب المركزي من أهم المناطق التي شهدت معارك طوال السنة الماضية في حلب، حيث حاصره المسلحون وقاموا باستهدافه بعدة هجمات على مدى أشهر، كان أكبرها الهجوم الذي شنته «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» بقيادة سيف الله الشيشاني منذ أشهر، والذي بدأ بعملية إنتحارية وتفجير سيارة شاحنة مفخخة قرب سور السجن، وانتهى بمقتل الشيشاني دون دخول السجن.
حقق الجيش السوري تقدماً نوعياً على الجبهة الجنوبية، أمس، مواصلاً عملية تقطيع أواصر مواقع المجموعات المسلحة، بمحاذاة القنيطرة، وذلك عبر اقتحامه مدينة نوى في ريف درعا بعد محاصرتها من كل الجهات، وبسط سيطرته الكاملة على حي سجنة القديمة، الذي يربط بين عدد من الأحياء ويعتبر خط إمداد لمناطق المواجهات.
في هذا الوقت، تعرض «الائتلاف الوطني السوري» المعارض إلى انتكاسة جديدة، مع إعلان «وزير دفاع الحكومة المؤقتة» أسعد مصطفى استقالته اثر خلافات مع رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا.
وقال مصدر معارض إن مصطفى، المقرب من السعودية وعُيّن في منصب «وزير الدفاع» في تشرين الثاني الماضي، استقال الأسبوع الماضي، «احتجاجا على نقص الأموال المقدمة من الجربا إلى مقاتليه»، لكن مصدراً في «الائتلاف» قال، لوكالة «رويترز»، إنه استقال بعدما رفض الجربا تعيينه «رئيس وزراء مؤقتا»، وهو منصب يشغله أحمد طعمة. وأضاف ان «مصطفى لم يحقق شيئاً. فقدنا سوريا. فقدناها للجهاديين و(الرئيس السوري بشار) الأسد».
وميدانياً أيضاً، استمرت المواجهات بين «النصرة» و«الجبهة الإسلامية» من جهة ضد «داعش» من جهة أخرى في العديد من مناطق ريف دير الزور.
وفي الرقة أعلن عن مقتل القائد العسكري لجماعة «داعش» في سوريا، المدعو أبو عمر الشيشاني متأثرا بجروح أصيب بها في اشتباكات مع «النصرة» وجماعات مسلحة أخرى. وتوفي الشيشاني في مستشفى الرقة بسبب الاصابة البليغة التي تعرض لها خلال معارك عنيفة بين داعش وبين تحالف الجيش الحر وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية في دير الزور.
وتزعم الشيشاني ميليشيا تسمى بـ«جيش المهاجرين والأنصار»، والتي تعد الأشرس من بين الجماعات المسلحة.
وكان الشيشاني قد دخل من تركيا إلى شمال سوريا في آذار (مارس) 2012. وبعد اعلان تنظيم «داعش» عن نفسه انتسب إليه مبايعا زعيمه أبوبكر البغدادي. وأبدى الشيشاني إعجابه بمشروع «داعش» لإقامة الخلافة الإسلامية، وعين أميرا للمنطقة الشمالية في التنظيم قبل أن يصبح أميره العسكري.
Leave a Reply