علي حرب
تسلّمت المحامية فاتنة عبد ربه، إدارة مكتب ميشيغن في اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز (أي دي سي) في ظروف أقل ما يقال أنها الأكثر حرجاً في تاريخ هذه المنظمة الحقوقية العربية العريقة، خصوصاً بعد «خروج» المدير السابق، عماد حمد، على خلفية اتهامه بالتحرش جنسياً بموظفات ومتطوعات سابقات عملن تحت إشرافه في المكتب، وبعد الغضب العارم على طريقة تعامل القيادة الوطنية لـ«أي دي سي» مع هذه الاتهامات، كل هذه العوامل جعلت عبد ربه في وضعية لا تحسد عليها، إلا أنها تبدو مصممة في مقابلة أجرتها معها «صدى الوطن» على إحداث «تغيير نوعي وجيد» داخل اللجنة، مشيدة في الوقت نفسه بشجاعة عضو مجلس نواب ميشيغن رشيدة طليب والنائب السابق لمدير «أي دي سي» رنا عباس، اللتين كانتا من أوائل النساء اللواتي تقدمن بشكوى ضد ممارسات حمد.
عبد ربه |
عبد ربه أبدت تفاؤلها من نتائج حفل العشاء السنوي لـ«أي دي سي-ميشيغن» الذي أقيم الشهر الماضي في ديربورن حيث تم توزيع منح دراسية تحمل اسم القس مارتن لوثر كينغ، معتبرة أن هذا مؤشر على تعافي المنظمة، ومؤكدة أن من يوجه إنتقاداً لـ«أي دي سي» «سيلقى مني أذاناً صاغية.. وكل ما يريد قوله سيكون محط إهتمامي، إذا ما كان الأمر يتعلق بأشياء حدثت تحت إدارتي وإشرافي لأن العديد من الأمور حصلت قبل وجودي».
وكانت عبد ربه قد عينت مديرة لمكتب ميشيغن في مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكان أول قرار اتخذته، إلغاء حفل العشاء السنوي لعام 2013.
عبد ربه فلسطينية الأصل وهي أم لولدين، كما أنها محامية متمرسة تحمل شهادات من «جامعة هارفرد» و«جامعة بنسلفانيا» و«جامعة ميشيغن»، ولديها العديد من المواقف والمقالات المنشورة في أبرز الصحف الأميركية مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«كريستيان ساينس مونيتور».
– ماهي التحديات التي تواجهك منذ تسلمك إدارة «أي دي سي-ميشيغن»؟
– التحديات هي ذاتها، التي تواجهها أية قيادة جديدة سيما عندما يكون السلف في موقعه لعقد ونصف من الزمن، لذا فالحاجة إلى منظور جديد تصبح ملحة. وبالنسبة لي لقد كان التغيير جوهرياً فأنا أسعى للعودة إلى مستوى القاعدة الشعبية التي انطلقت منها «أي دي سي» وهم الناس العاديون، ما يعني أن سلم أولوياتي هو العيش مع نبض الجالية ونبض الشارع، إذا صح التعبير، وهذا ما أعمل لأجله.
– لم تتحدثي مع وسائل الإعلام خلال الأشهر الأولى من تسلمك المسؤولية، لماذا هذا الصمت؟
– في الواقع، إن ما قمت به خلال 90 يوماً ويزيد، بعيدٌ كل البعد عن الصمت، لقد عملنا بجهد وجد من أجل تقييم الوضع داخلياً ومن أجل إعادة بناء «أي دي سي» وتعزيزها وتقويتها مجدداً كمنظمة حقوقية تمثل العرب. وعلى صعيد الأمور الخارجية فنحن نحاول أن نكون حاضرين ويقظين من سلوك أي مؤسسة عامة أو غير عامة تعمل ضد جاليتنا.
انطلاقاً من هذا الإحساس أشعر بفخر كبير عندما أقول إني بعيدة كل البعد عن الصمت لكني كنت في حالة ترتيب الأوراق وتنظيم الصفوف.
والهدف هو أن نقوم -بتأن وبوتيرة منظّمة- بإعادة بناء اللجنة، والأكيد أنها لن تبنى بيوم وليلة، بل أن التغيير سيكون بطيئاً ومنتظماً ودائماً.
– ما التغييرات التي قمتِ بها فـي مكتب ميشيغن حتى الآن؟
– في المرحلة الأولى أردت التأكد من أن المكتب قادر على سماع أصوات الناس. وبالطبع، ليس لي الحق بتقرير ماهية القضايا التي سنتطرق اليها لأن مهمتنا تفرض علينا أن نستجيب لكل القضايا التي تطرق بابنا، وهي التي تحدد جدول أعمالنا. معظم الشكاوى التي وصلتنا كانت متعلقة بالهجرة والتمييز في العمل..
بالنسبة لي فإن ماقمت به لغاية الآن، هو بحسب وصف الآخرين «ناجح جداً»، سيما مع النجاح الذي تحقق في حفل توزيع منح مارتن لوثركينغ حيث كان الحضور مميزاً والدعم كبيراً. وبإتفاق الجميع فإن وجوهاً جديدة عديدة تواجدت في الحفل كما حضرت إئتلافات متعددة، وأنا صممت هذا الأمر لأني إخترت جدول الحفل والبرنامج لكي يكونا متكاملين ويعكسان رؤانا الجديدة، من ضيف الشرف والمتحدث الرئيسي إلى آخر متحدث يعتلي المنبر.
– هل ترددتِ بقبول الوظيفة بعد أن وقع عليك الإختيار؟
– بالتأكيد طلبت التفكير في الموضوع، وطلبت بعض الوقت لعدة أسباب.. أولاً، بسبب القلق الذي إنتاب الجالية حول مصير «أي دي سي» وطريقة معالجتها لمزاعم التحرش الجنسي. وثانياً أردت التأكد من استعدادي شخصياً لكي اتحمل أعباء مسؤولية الخدمة العامة.
– عندما حصلتِ على الوظيفة، بعض النساء كن يشعرن بالظلم بسبب «أي دي سي» فماذا تقولين لهؤلاء؟
– رشيدة طليب ورنا عباس كانتا من أوائل الناس، الدذين اتصلت بهما قبل إعلان موقفي من عرض الوظيفة، كان الحديث ممتاز مع رشيدة، وكذلك مع رنا، وكلاهما قدمتا التهاني لي وأعربتا عن أملهما بمستقبل أفضل للجنة تحت ادارتي، وأنا مستمرة في إقامة علاقة جيدة جداً وعلنية مع رشيدة طليب، وهذا الأمر لعب دوراً أساسياً في اتخاذي القرار لأن معظم عملي السابق كان في مجال الدفاع عن النساء وعن تمكينهن، وبالتحديد دافعت عن النساء اللواتي عانين من كل أنواع العنف وأنا أعرف وضع المرأة العربية الأميركية كضحية للقمع في مستويات عديدة.
– عندما رفعتي سماعة الهاتف للتحدث مع رشيدة طليب ورنا عباس ماذا قلتِ لهما؟
– بشكل أساسي أردت أن اتواصل معهما وأمد يدي لهما وقد ذكرت لهما كيف ستكون مميزات «أي دي سي» تحت قيادتي وقد أثنيت على شجاعتهما في قول الأشياء التي أفصحتا عنها.
– كيف تعاملتِ مع طاقم مكتب ميشيغن المقرب من سلفك؟
– منذ تسلمي مهمتي كمديرة، لم يبق عامل واحد عمل مع طاقم «أي دي سي» السابق، وقد بنيت إختياري للطاقم الجديد ليكون أكثر شمولية، وهذا جزء من هذه الخطة الجديدة فالحاجة ملحة للطلاق مع الماضي وعناصره.
– هل حصل هذا برضى قيادة «أي دي سي» الوطنية؟
– علاقتي المهنية وثيقة مع الرئيس العام للجنة، سامر خلف، الذي أيد ودعم معظم القرارات التي اتخذتها.
– هل كنت منتمية لـ«أي دي سي» قبل توليك هذا المنصب؟
– لم أكن موظفة قبل أبداً لدى «أي دي سي» لكني كنت مقربة كأي فرد من هذه الجالية.. منذ أيام الثانوية العامة. فعندما كنت في سن الـ15 عاماً القيت كلمة الحفل السنوي لـ«أي دي سي-ميشيغن».. عندهاكان عماد حمد مديراً لمكتب ميشيغن ووفاء صلاح رئيساً للجنة وهما قررا أن يكون المتحدث الأساسي واحد من الطلاب فوقع الإختيار علي.. «أي دي سي» حينها كانت جزءاً لا يتجزأ من جاليتنا.
– لقد وردنا، حسب مصدرين اثنين، خبراً مفاده أن قرار الغاء الحفل السنوي فـي العام الماضي كان قد اتخذ من قبل مجلس أمناء «أي دي سي» الوطنية خلافاً لما أدليتِ به بأنه كان قراراً نابعاً منك؟
– أكرر أن قرار الإلغاء كان قراري 100 بالمئة، وفي الحقيقة طلب مني أن أقنع الجنة بذلك، في الحقيقة تطلب الأمر تقييماً ولم يكن أبداً بسبب الخوف من عدم اقبال المعلنين والراعين للحفل أو عدم القدرة على بيع الطاولات.
– إذاً ما سبب القلق الذي أدى إلى الإلغاء؟
– لقد تم تعييني في أول كانون الأول (ديسمبر) والحفل السنوي كان موعده في غضون أسبوعين من ذلك، والمرحلة كانت انتقالية، حيث أن قيادة جديدة حلت مكان القديمة وعندما استلمت الدفة أجريت تقييماً سريعاً للموقف، ووجدت أنه من غير المنطقي إقامة حفل بينما الجالية في حالة غضب بسبب مزاعم التحرش الجنسي. الأمر كان بهذه البساطة والذي أقلقني وقتها أننا لو أقمنا كمنظمة حقوقية إحتفالاً، فبأي نجاحات يمكننا أن نحتفل ذلك العام؟ هل الحاجة إلى الإحتفال بنجاحات تضاهي الموقف الراهن للضحايا وباقي فئات جاليتنا التي وجهت إنتقادات قاسية لـ«أي دي سي» وكانت متعاظمة في حدتها وعلنيتها؟ لهذا كله اتخذت قرار الإلغاء.
– العديد فقدوا ثقتهم بـ«أي دي سي» بسبب الطريقة التي تعاملت فيها مع فضيحة التحرش الجنسي. كيف ستعملين على إعادة بناء هذه الثقة؟
– أنا فخورة بالقول بأن إعادة الثقة هي في رأس سلم أولوياتي منذ اليوم الأول. وفلسفتي الخاصة هي أن هناك تلازماً مباشراً بين الحصول على الثقة وتعزيزها من خلال برامج جيدة، ومن خلال إقران القول بالفعل والعكس.
– كيف تقيّمين قضية تعافـي اللجنة تحت قيادتك؟
– كان حفل العشاء السنوي انعكاساً للتعافي، حيث كان بين الحضور مدير دائرة الحقوق المدنية في ميشيغن وكذلك حضر مفوضون حكوميون من لانسنغ وأكاديميون وأساتذة قانون… كما حصلنا على دعم المنظمات الإسلامية وكذلك حضر الحفل «نادي رام الله» المسيحي.. وهذا الحضور الواسع والمتنوع يرمز إلى المجالات الأساسية التي سيتولى مكتب «أي دي سي-ميشيغن» مسؤولية الدفاع عنها هذا العام.
Leave a Reply