دمشق – صخر نصر، وكالات
توجه السوريون المقيمون في الخارج بكثافة إلى صناديق الاقتراع حول العالم، لانتخاب رئيسهم في أول انتخابات تعددية تشهدها سوريا، وربما كانت «السيول» البشرية التي تدفقت الى السفارة السورية في لبنان أصدق تعبير عن إصرار سوريي الخارج على المشاركة في الاستحقاق الرئاسي الذي يكرس سلطة الدولة وشرعيتها، وهو ما لا تريده العديد من الدول العربية والغربية التي فضلت حرمان السوريين من حق الإنتخاب على أن ترى جموع السوريين يصطفون في الطوابير للإدلاء بأصواتهم على أراضيها.
وأدلى السوريون في الخارج، بأصواتهم بكثافة في 43 سفارة سورية حول العالم، في أول انتخابات رئاسية تعددية، قبل الانتخابات المقررة داخل سوريا في الثالث من حزيران المقبل. وتبرز الانتخابات كيف تمكنت الحكومة السورية فعليا من البقاء في وجه حرب تدعمها عشرات الدول، وكيف أن نفوذها يمتد لما وراء حدودها. ويتنافس في الانتخابات الرئيس بشار الأسد وحسان النوري والنائب ماهر حجار.
وقال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد في مقابلة متلفزة إنه «مندهش للقرارات غير الديموقراطية التي اتخذتها دول تصف نفسها بأنها ديموقراطية، لكن سلوكها لا يتماشى مع القانون الدولي»، خاصا بالذكر حكومات فرنسا وبلجيكا وبلغاريا. وأضاف «هذه الدول منعت السوريين من التوجه للسفارات»، معتبرا أن هذا الأمر يتنافى مع بروتوكول فيينا للعلاقات الديبلوماسية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية السورية وعلى وقع المهرجات الشعبية المؤيدة للإستحقاق الإنتخابي، أعلن المسلحون المعارضون، وبشكل شبه منظم، رفضهم إجراءها، مهددين من يشارك فيها بالقتل، في وقت بدأت تتكشف أكثر خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما لدعم المسلحين «المعتدلين»، مع إعلان مسؤولين أميركيين أن هذا الأمر يتضمن إرسال جنود أميركيين إلى الأردن لتدريب المقاتلين على السلاح وتكتيكات الحرب، وأنها ستتم بالتنسيق مع تركيا والأردن والسعودية والكويت والإمارات.
وبعد يوم من تعهده بزيادة دعم مسلحي المعارضة، قال أوباما، في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأميركية «أن بي آر»، «اعتقد انه في نواحٍ كثيرة فإن الأوضاع أكثر سوءا، لكن قدرة قسم من المعارضة أفضل مما كانت من قبل وهو شيء يمكن تفهمه». واعتبر أن «الأمر سيستغرق وقتا حتى تصبح المعارضة السورية المعتدلة أكثر تنظيما وتلفظ المقاتلين المتطرفين». وأضاف «عندما يتحدث المرء عن المعارضة المعتدلة فإن كثيرين من هؤلاء الناس هم مزارعون أو أطباء أسنان، أو ربما بعض المراسلين الإذاعيين ممن ليس لهم خبرة كبيرة في القتال».
وأعلن مسؤولون أميركيون أن مسعى أوباما لتعزيز الدعم للمسلحين لا يزال في مراحله الأولية، وسيحتاج إلى موافقة من الكونغرس على أي دور عسكري أميركي.
وفي سياق الفتاوى ضد الإنتخابات، أصدرت «الهيئة الشرعية» في حلب، التي تضم عدة فصائل متشددة أبرزها «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية»، فتوى بتحريم المشاركة في الانتخابات، معتبرة أن من يشارك فيها «كافر»، مقدمة «الإذن الشرعي» بقتله. كما قررت «الهيئة الإسلامية في إدلب» إغلاق جميع الطرق المؤدية من الريف إلى المدينة.
وفي موازاة ذلك، دعا رئيس «هيئة أركان الجيش الحر» عبد الإله البشير، في شريط مصور، السوريين إلى الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، التي وصفها «بالمسرحية الرخيصة التي تجري تحت وطأة إجرام النظام».
ميدانياً، لم ينفذ الجيش السوري عمليات واسعة جديدة خلال الأسبوع الماضي، وإن استمرت المعارك في المليحة، التي باتت تعتبر مفتاحاً لباقي مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة.
وعملية استعادة المليحة من قبضة المعارضة المسلّحة، التي أطلقها الجيش قبل 60 يوماً، تزداد حدّةً مع تقدم القوات السورية وحلفائها إلى عمق الأحياء وأطراف البساتين المحيطة بـ«بوابة الغوطة الشرقية».
شرقاً، استمر تنظيم «داعش» بالزحف نحو مدينة الشحيل، التي تعتبر المعقل الأهم لـ«جبهة النصرة» في المنطقة الشرقية، حيث سيطر على بلدة الضمان الواقعة على الخط الشرقي باتجاه مدينة الصور، وذلك بعد سيطرته على تل العتال المشرف على مدينة الشحيل في ريف دير الزور. وبرزت خلال الأسبوع الماضي زيارة قام بها وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج إلى مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، حيث «اطلع على جاهزية أفراد أحد التشكيلات العسكرية، منوها بالروح المعنوية العالية التي لمسها لدى المقاتلين وتصميمهم على تحقيق النصر النهائي على أعداء الوطن».
وعلى جبهة حلب، أغلقت مجموعات مسلحة تسيطر على حي بستان القصر المعبر الوحيد الذي يصل بين شطري حلب الشرقي، الخاضع لسيطرة المسلحين، والشطر الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة.
وفي ذات الوقت بدأت مدينة حمص بنفض غبار الحرب والمعارك عن أسواقها وشوارعها وعادت الحياة لتدب مجددا في منطقة السوق التجاري وسط حمص بعد أن ظل لثلاث سنوات، المنطقة الأكثر سخونة في تلك المدينة الجريحة.
وبدأ أصحاب المحال بصيانة وترميم محالهم التجارية شبه المدمرة ليتعافى الوضع الاقتصادي في المدينة التي شهدت مصالحات تم بموجبها إخراج المسلحين لتحذو حذوها منطقتا القدم والعسالي جنوبي دمشق واللتان تم الاتفاق فيهما على خروج المسلحين وتسوية اوضاع من يريد منهم ومن لا يريد تركوا له حرية الخروج الى منطقتي الحجر الأسود ومخيم اليرموك اللتين لا تزالان تحت سيطرة المسلحين، وبعودة القدم والعسالي الى كنف الحكومة تطوق منطقتا الحجر والمخيم من الجهات كافة.
الأسد: الفيتو انقذ الشرق الأوسط
من جانبه، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين أنقذ ليس فقط سوريا، بل والشرق الأوسط برمته عندما استخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن للمرة الرابعة ضد مشروع قرار ضد سوريا. وقال الأسد السبت الماضي خلال لقاء مع نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين «إن بوتين استطاع أن يرفع من دور روسيا على الساحة الدولية إلى مستوى أعلى مما كان عليه الاتحاد السوفياتي».
من جانبه، قال روغوزين «نحن نؤيد التسوية السلمية والانتخابات من شأنها أن تكون خطوة على طريق السلام. ونتمنى أن تجري هذه الانتخابات بهدوء». ولفت روغوزين إلى أن روسيا تؤيد عالما متعدد الأقطاب وضد «الثورات الملونة» الهادفة إلى نشر الفوضى. واعتبر روغوزين أنه يتوجب على الغرب أن يتوقف عن طرح أوراق تزعزع الاستقرار وأن يدعم الحوار السوري. كما طالب الدول الداعمة للمتطرفين بأن تعطي أمراً بتأمين قنوات لخروج السلاح الكيميائي بشكل آمن. وشدد روغوزين أنه لا شكوك لدينا حول شرعية الانتخابات الرئاسية ووجود رئيس شرعي يدعم المصالحة.
Leave a Reply