بقلم: صخر نصر
ربما الصدفة وحدها هي التي قادتني الى محل ذلك الميكانيكي و«الكومجي» لاصلاح عجلة سيارتي المثقوبة، فقد وصلت الى المحل باكرا وانتظرت حتى شرب صاحب الكاراج قهوته ووصل العامل الذي كانت آثار التعب والنعاس لازالت بادية على وجهه، وكأنه لم ينم ليلته.
في تلك الأثناء وصل صديق «المعلم» وراح الاثنان يتجاذبان أطراف الحديث وكل منهما يحدث الآخر عن عمله وظروفه، فقال صاحب المحل: أما أنا فوضعي جيد والحمد لله بالأمس ربحت ألف دولار خلال أقل من ساعتين فقد جاءني زبون يريد اصلاح سيارته فأقنعته أن سيارته لا أمل من إصلاحها وستكلفه كثيراً، أن أفضل مكان لها إما «السكراب» أو «الكسر»، وعرضت عليه شرائها بخمسمئة دولار، وفي الوقت نفسه اتصلت بصديق يريد شراء سيارة واتفقت معه على بيعه السيارة نفسها، كخدمة له، وهكذا اتممت الصفقة في وقت قصير وربحت ذلك المبلغ ولم يدرِ صاحب السيارة المسكين أن سيارته تساوي أكثر من ذلك.
وأضاف: قبل يومين جاءني زبون يريد اصلاح سيارته وتفحصتها وطلبت منه مئة دولار اجرة إصلاحها وطلبت منه العودة بعد ساعتين ريثما تنتهي المهمة، وفي الحقيقة لم يكن في السيارة عطل حقيقي وكل ما في الأمر أن أحد الكابلات الكهربائية قد خرج من مكانه قليلا فأعدته في ثوانٍ.. وبعد ساعتين عاد الزبون ودفع المئة دولار وشكرني ومضى.
وهكذا تابع الميكانيكي سرد قصص «نجاحاته» مع زبائن مغفلين، فيما كان صديقه يستمع اليه مشجعا حينا وحاسداً حينا آخر، «لأنه غير ذلك لن تجني مالاً حقيقياً».
ليست هذه الصورة فريدة، لاسيما في أوساط الميكانيكيين فمثل ذلك الميكانيكي «الشاطر» كثيرون، يعيشون بيننا وربما كنا من ضحاياهم يوما، أو سنكون، حتى دون أن ندري، ولكن استغلال طيبة الآخرين وجهلهم بـ«طب السيارات» لا يبرر على الإطلاق الاحتيال، وإذا نجح أخونا مرة أو اثنتين، وربما عشرات المرات، فإن ذلك لا يعني أنه سينجح في سلب الآخرين وابتزاز حقوقهم الى الأبد. وإذا كان من السهل غش الناس فإن العقاب آت لا محال، و«مصير الحي يتلاقى».
نقول للأسف إن هناك شريحة كبيرة من النصابين في جاليتنا، وذلك كحال كل مجتمع أو مجموعة ناس، منهم الصالح والطالح، ولكن ما يثير الغضب هو أن هؤلاء يمارسون النصب والاحتيال على العرب وغير العرب، ما يتسبب بتشويه سمعة الجالية، التي تعنينا جميعاً، كما أنها تجعل الكثيرين منا يفضلون أن يحصلوا على الخدمات من غير العرب بسبب الصيت السيء الذي يتسبب به هؤلاء النصابون لكل أصحاب المهن من أبناء جاليتنا، من الميكانيكيين الى الأطباء والمهندسين والمحامين.. ألخ.
أحد هولاء النصابين أراد الربح السريع فقام بتزوير ماركات عالمية لينتهي به المطاف بعد جولات من الربح السريع خلف قضبان السجن بانتظار الترحيل، فيما ضاع مستقبل أولاده، وزوجته ما انفكت تضرب أخماساً بأسداس وتندب حظها قائلة: ماذا لو كنا رضينا بالحلال وإن كان قليلاً.
Leave a Reply