بقلم: صخر نصر
اختلف فتَيان على أمر صغير وسرعان ما علت الأصوات وتجمع الأصحاب وبدأت المشاحنات وتبادل الشتائم، فاستدعى واحد منهما أباه على عجل، ولما وصل الأب كان العراك قد بدأ بين الفتيين وأصحابهما وسرعان ما تدخل الأب كطرف الى ان استدعى سكان الحي الشرطة التي بدأت التحقيق على الفور واقتادت من اقتادت الى القسم.
ربما تكون الرواية غير دقيقة مئة بالمئة لكنها من حيث المعنى والنتيجة هو ما حدث بالضبط، وربما كان لتدخل الأب، حسب شهود العيان، الأثر السلبي في تفاقم «الخناقة»، وتدخل «البوليس» والجرجرة الى المحاكم.
أمر بسيط كهذا يحدث يومياً بين الأولاد وربما تكون خلافاتهم -كالملح في الطعام- لابد منها، ولكن المستغرب أن يصل الأمر في خلافات الأطفال والمراهقين إلى البوليس.
لعل أهم ما يميز الجالية العربية ترابطها الاجتماعي وعلاقاتها الأسرية والاجتماعية التي تجمع بين أفرادها في السراء والضراء، ما يمنح أبناءها فرصة التفاهم وحل الخلافات. وصحيح أننا في مجتمع غربي تحكمه نظم وقوانين صارمة ولكن هذا لا يتعارض أبدا مع أخلاقياتنا الأصيلة التي نعتز بها ويحسدنا الآخرون عليها خاصة تلك الطقوس الإجتماعية التي نمارسها في تعاضدنا الاجتماعي لاسيما في المآتم والأعراس حيث تتجلى القيم والتقاليد التي تجعل منا ما نحن عليه.
قبل أيام التقيت في أحد الأماكن بعامل أميركي من أصل إفريقي، سألته: ما بك؟
فقال: حزين فقد توفي والدي بالأمس وعلمت بأمر موته من «البوليس» وتم دفنه ولم يكن معي أحد في المأتم، حتى أخي كان مشغولا ولم يشارك في الجنازة التي انتهت بسرعة، وهاأنذا أعود للعمل وأريد أن أشرب كثيرا لكي أنسى.
بالطبع قصة تايرون ووالده ليست مفاجئة للمجتمع الأميركي عموماً، لكنها تكاد ألا تصدق في المجتمعات العربية، وإذا حصل أن وقعت، فإن الرجل المتوفي لاشك أنه تحول الى مضرب مثل أو شيء من هذا القبيل لما اقترفه في حياته وتسبب له بهذه الخاتمة المُرّة.
على أي حال، إن التعاضد والتفاهم هما أساس العلاقات الإجتماعية، كما أن أية خلافات يمكن حلها بالتفاهم والحوار، والأهم أن دورنا كآباء يتطلب منا بعضاً من الحكمة والإبتعاد قدر الإمكان عن التهور وعتبات أقسام الشرطة والمحاكم.
Leave a Reply