بقلم خليل اسماعيل رمّال
هذا الأسبوع نبتعد عن دهاليز السياسة ومتاهاتها لنعبر إلى حالة إنسانية تستدعي اهتمام كل شخص في شهر رمضان المبارك، الشهر الفضيل الذي هو شهر التوبة والمغفرة وأنْسَنْة الإنسان وتحرُّره من ربقة المادة والأنانيََة والشهوات والنزوات التي تفتك بالمجتمعات الحديثة، وشهر انطلاقة الروح من سجن الجسد وتعاليها عن الصغائر كما أنه وقفة سنوية روحانية مع النفس من أجل زرع الأعمال الحسنة الخيرة ليكون قطافها في الآخرة التي هي أبقى وأجدى. إنَّه شهر البذل والعطاء وشهر إظهار الصورة الحقيقية الناصعة للدين الإسلامي العظيم كدين العقل والتعقُّل وحوار الحضارات والتسامح والإعتدال، كما أنَّه شهر الصيام والإفطار على مائدة الرحمن وليس المقصود به تجويع الجسد ومنع الطعام والشراب عنه فقط، بل إطعام النفس بالأغذية الروحية والأخلاقية وتشذيبها وتنميتها من خلال خدمة الانسان التي هي في أصل الدين.
وكم نسمع في كل مرة مقولة «يا ليتنا كنَّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً» في مجالس عاشوراء تفجُّعاً على الإمام الحسين عليه السلام، ولكن التاريخ لا يعود إلى الوراء ونصرة الإمام العظيم الذي افتدى الدين بنفسه وعائلته تكون باتباع النبراس الصحيح الذي سعى لبقائه وإصلاحه. ولطالما نسمع مواقف ومواعظ وخطباً إنشائية من العيار الثقيل حول ضرورة عمل الخير والمساعدة ونصرة المظلومين والمحتاجين من الأخوة في الانسانية مسلمين ومسيحيين وبما أنَّ هذا الشهر الفضيل هو محك الكلام ووضع القول المعسول في موضع الفعل الجاد، أدعو كل الشرفاء والمؤمنين الطيبين من القرَّاء للمساعدة في هذه الحالة الإنسانية لكي يُؤْجَروا في شهرٍ فُتحتْ فيه أبواب السماء.
لي صديق عزيز عنده إبن مثل قلب النهار عمره ١٧ عاماً أصيب قبل عامٍ ونصف بداء السرطان الخبيث أبعده الله عنكم جميعاً. المرض ضرب أولاً ساقه فهرع أبويه لعلاجه في مستشفى الاطفال في ديترويت واشتريا له تأميناً صحيَّاً من أجل الإستمرار في علاجه الكيميائي وإبر اليورانيوم في ديترويت وفي مركز مكافحة السرطان في مدينة هيوستن بولاية تكساس. ومنذ إصابة الشاب بهذا الداء سارع الأب المكافح، مثل أي أبٍ منَّا، إلى وضع كل إمكاناته المادية المتواضعه وأرصدته المالية وكل ما أدخره في عمره من أجل إسعاف فلذة كبده، وعندما نفذ كل ما عنده وبسرعة فائقة استدان مبلغاً كبيراً من المال (٢٠ ألف دولار) لكي يستمر في نفقات علاج الإبن الذي كان ينتشر المرض في جسمه الغض بسرعة البرق. المبلغ المُستدان نفذ بأسرع من الأول وبضربةٍ واحدة لأن التأمين يتطلَّلب المساهمة في دفع العلاج والأدوية. وطبعاً لم يبالِ الأب بكل مال الدنيا طالما أنَّ ولده الذي يراه يذوب أمامه كالشمعة، يتلقَّى العلاج والأمل بشفائه موجود رغم تشاؤم وتكهُّنات الأطباء.
المشكلة الآن أنَّ المستشفى أبلغت الأهل أنها ستوقف العلاج بسبب توقف التأمين عن تحمُّل النفقات كما أنَّ الأب عجز عن مشاركة التأمين في تسديد قيمة العلاج والأدوية إضافةً إلى عجزه عن تسديد الديون التي تراكمت عليه وحتى لم يعد يدفع فواتير البيت. الأب المؤمن هو في حالة إبتلاء حقيقية فقد توفيت والدته رحمها الله منذ أيام ولم يتمكن من السفر إلى لبنان لحضور دفنها بسبب العجز المادِّي وحالة ولده الحرجة الذي إذا توقَّف العلاج عنه فقد تتدهور حالته في غضون شهر. الأب هو عزيز قومٍ ذُل، إبن عائلة عمل وكافح كل حياته من أجل عائلته وضحّى وخدم جاليته ودينه ومجتمعه طيلة ٢٠ عاماً وكان سبَّاقاً إلى عمل الخير ولم يطلب في حياته قرشاً من أحد..حتى الآن. هذا الوالد الحنون عضَّ على جرح وإهانة السؤال وعن كرامته في سبيل ابنه الحبيب، فالضنا غالٍ جداً، وذهب الى «أحد» الواعظين ليساعده في إنقاذ إبنه المسجَّى الذي شُلَّت ساقاه وأضحى كسيحاً وبدأ المرض الخبيث ينتشر إلى صدره. هذا «الواعظ» أجابه بأنه لا «يدخل» في هكذا موضوعات ستفتح أبواباً كثيرة ثم أعطاه شيكاً بـ٥٠٠ دولار. الوالد مديون بأكثر من ٥٠ ألف دولاراً عدا عن نفقات السفر والعلاج والأدوية لكن هذا ما «طلع» مع صاحبنا: ٥٠٠ دولار! بعدها قصد الأب أحد أثرياء الجالية من الوجهاء، ما شاء الله، لكن رجل الاعمال المليونير لم «يطلع» من خاطره شيئاً لأنَّ وضعه المالي «غير مستقر». ثم قصد الوالد المفجوع أحد صغار رجال الاعمال من الذين يعتاشون من محلِّه ولمَّا سمع بقصة الأب فتح صندوقه وسلَّمه مال «الشفت» كله أي غِلَّة ذلك اليوم البالغة ٢٠٠٠ دولار. لاحظوا الفرق! للأسف لو كانت هذه الحالة في مجتمعات أخرى، كاليهود مثلاً، لما أضطر الوالد حتى لمجرد السؤال! فماذا يفعل الأب بعد ذلك، وإلى أين يذهب يا جماعة الخير؟ هل من حلٍ عندكم أو جواب؟ هو لا يطلب شيئاً لنفسه ولا يريد فاتورة كهرباء أو ماء، بل يريد فاتورة حياة لإبنه.
وبلا طول سيرة أنا العبد الفقير لا أملك مالاً للتبرُّع به إلاَّ أني أملك الكلمة والاستعداد لكي أدور على البيوت فرداً فرداً واسأل كل الناس ليساهموا في علاج هذا الشاب الذي يحمل إسم أمير المؤمنين عليه السلام، من أجل إنقاذ حياة إنسان في عمر الورد وأنا أعرف نخوة وشهامة وكرامة آباء وأمهات الجالية ولنتذكر هول المأساة هذه على الأم الحنون والأب الرؤوم والأولاد الملتاعين والمصابين بالذهول ونضع أنفسنا مكانهم ولو لحظة واحدة. هذه الفرصة لنا لكي نكسب الأَجْر فعلاً وننقذ حياة شاب يافع من شبابنا. إنَّ الوقت حرج جداً والوالد بحاجة إلى مساعدة مادية فورية الأمس قبل اليوم فالرجاء من فاعلي الخير الكرام وأصحاب المقترحات المفيدة الإتصال بي على هاتف الجريدة لكي أزودهم بمعلومات الوالد اذا أرادو التبرع ولكم الأجر والثواب في هذا الشهر الكريم.
Leave a Reply