علي حرب
قصة مايك سرعيني العضو الجديد المنتخب في مجلس بلدية مدينة ديربورن، هي قصة نجاح وطموح بلا حدود تستحق الإقتداء بها. فمن حصوله على شهادة المحاماة وهو رب عائلة مؤلفة من خمسة أولاد إلى إتقانه في عمله كبائع للسيارات وهو بسبب تفانيه في العمل سيحوز على لقب واحد من أفضل بائعي السيارات في الولايات المتحدة بأكملها. ماهو سر سرعيني؟ الوقت القليل المتاح لديه علّمه كيفية إستعماله بفعالية والقيام بالكثير في وقت قصير.
«الأشخاص المشغولون دوماً ينجزون دائماً أكثر من غيرهم» على حد قول سرعيني في مقابلة أجرتها معه «صدى الوطن» الشهر الماضي.
مايك، الذي عاد إلى مقاعد الدراسة عام ٢٠٠٦ بعد ولادة إبنه الأصغر، حاز على شهادة المحاماة من جامعة «توماس كوني» للحقوق وهو حالياً بائع سيارات في معرض سيارات «جيرجنسن فورد» بديترويت وبعد فوزه في إنتخابات نوفمبر الماضية، تسلم مقعده في شهر كانون الثاني (يناير) من هذا العام مكان والدته سوزان سرعيني التي قررت عدم الترشح مرة جديدة متقاعدة عن الخدمة العامة بعد ٢٤ عاماً كعضو في المجلس البلدي.
وحول فترة خدمته في المجلس البلدي قال إنه راضٍ عنها حتى الآن وأضاف «أنا بائع على أعلى مستوى في البلد إلا أن المجلس البلدي أكثر إلحاحاً وأنا لي الفخر عندما أقول إن الناس يأتون إليّ لأني قادر على حل قضاياهم وأنا كنت دوماً أعرف بأني رجل الحلول. لدي خمسة أولاد وأنا لا أتذمر عندما ينسكب الحليب على الأرض ولا أسأل من فعل ذلك بل أجد طريقة لتنظيفه. إن وظيفتي كمواطن هي خدمة كل الناس وأعتقد أني فعلت ذلك من دون سؤال ونحن دوماً بحاجة إلى النظر إلى الجانب الإيجابي من الأمور بالإضافة إلى الجانب السلبي».
عضو مجلس بلدية ديربورن مايك سرعيني مع أحد مواطني مدينة ديربورن. |
ويؤكد مايك أنه يرد على كل مكالمة هاتفية إليه من قبل سكان المدينة وعندما يأتي الناس بمشاكلهم إليه يحاول أن يشرح لهم الإجراءات المتبعة في البلدية. وفي هذا الإطار دافع سرعيني عن الزيادة على الضريبة العقارية التي أبرمت في موازنة العام ٢٠١٥ بعد موافقة المجلس عليها آخر أيار (مايو) الماضي مشيراً إلى «أن المواطنين يريدون الحفاظ على خدمات البلدية وهم مستعدون لكي يدفعوا ثمنها ونحن لا نريد أبداً رفع الضرائب لكن هناك أموراً خرجت عن نطاقها وتم التصويت عليها كالمكتبة العامة وزيادة الضرائب المدرسية (ميليج) ذلك أن الناس يرغبون ببقاء المكتبات في مجتمعاتهم وأيضاً يريدون القيمة الأفضل فهل بإمكاننا إعطاءهم الأفضل من حيث القيمة لقاء أموالهم؟ هذا هو السؤال. سكان مدينة ديربورن هايتس يرون كناسة شوارعهم مرة أو مرتين في السنة أما في ديربورن فتكنيس الشوارع فيها يتم ١٢ مرة. نحن نمنح خدمات محترفة لأن مواطنينا يطلبون ذلك وهذه (النوعية في الخدمات) تكلف مالاً.
وأكد مايك أن الزيادة على الضرائب في ديربورن طفيفة «فالناس مازالوا يدفعون ضرائب أقل مما كانوا يسددون عام ٢٠٠٦ وهذا حقيقي ومع أن النسب الضريبية أعلى إلا أن قيمة العقارات المنزلية هي أقل الآن مما كانت عليه إنهم يدفعون أقل من السابق. وقد قامت البلدية بتخفيض عدد موظفيها بنسبة ٣٠ بالمئة في فترة خمس سنوات وبدأنا الآن نرى حجم التأثير ويمكنك أن تخفض وتخفض كيفما تشاء لكن تصل إلى مرحلة تجد فيها الخدمات تتضائل في وقت نحن بحاجة إلى تعزيزها».
وأردف «أن مواطني ديربورن سيدفعون ٣٥ دولاراً أكثر على كل ١٠٠ ألف دولار والبلدية ستستعمل هذا المال من أجل إنماء قدرات الموظفين وشراء معدات لإدارة الأشغال العامة» حتى يتسنى لها العناية بالبنية التحتية البالية. وإدعى أن البلدية لم تحصل على أي أموال مخصصة لمشاريع الطرقات من قبل حكومة الولاية وذكر «إننا هنا لدينا أعلى ضريبة في أميركا على البنزين وكان من المفترض بولاية ميشيغن أن تستخدم عوائد الضرائب هذه لتصليح الطرقات لكنها لا تفعل ذلك».
وعن أكثر الإنجازات التي يفتخر بها في موقعه كعضو في المجلس البلدي أكد مايك أنه يعود إلى مضاعفة عدد الطلاب المقبولين سنوياً ليدخلوا إلى برنامج «التدريب» داخل الشرطة.
ففي كل عام تختار البلدية خمسة خريجين من ثانويات ديربورن العامة لكي يدخلوا كمتدربين في سلك الشرطة حيث يعملون لدى البلدية ويدرسون في كلية هنري فورد لعامين وتقوم البلدية بالمشاركة في دفع أقساطهم الجامعية ثم يمكن للناجحين منهم أن يتقدموا إلى سلك الشرطة ويرسلوا إلى معهد الشرطة ثم يتم توظيفهم ضباطاً بعد إنتهاء دوراتهم التدريبية.
واستطرد سرعيني «ما فتئنا نطلب توظيف المزيد من العرب الأميركيين حتى يتم تمثيل الجالية بشكل كامل. القانون الفيدرالي والمحلي لا يسمح بتوظيف عربي أميركي، إلا أن برنامج التدريب هذا يسهل تجنيد ضباط شرطة من الجالية «العربية الأميركية» المحلية. وفي العام الماضي وضعوا ميزانية لخمسة متدربين فقط وتقدم للوظيفة ٢١ شخصاً وما قمت أنا به هو تغيير حقيقي في السياسة الموضوعة وسألت قائد الشرطة ران حداد أن يرفع عدد المتدربين من خمسة إلى عشرة وهذا ماتم إقراره في الموازنة العامة لذا بفضل جهودي فإننا سنأخذ من خريجي ثانوياتنا العامة ١٠ شبان، ولايهم ما إذا كانوا عرباً أم لا وسوف يكونوا متفهمين لجاليتنا ومدينتنا لأنهم ترعرعوا في وسط أحيائنا. لقد ساهمت في إقرار هذا المشروع وأنا جداً فخور به».
وحول قضية الشكوى القضائية المرفوعة ضد البلدية من قبل المواطن العربي الأميركي علي بيضون راكب الدراجة الذي استعملت الشرطة معه القوة المفرطة وهو معوّق ولا يتحدث الإنكليزية، أشار سرعيني إلى أنه لا يمكنه إلا قول القليل في هذا المجال لأن التحقيق مازال جارياً في القضية رغم أنه أكد وقوفه إلى جانب قائد الشرطة في هذه العملية «أنا كمواطن قبل أن أصبح عضواً بلدياً إذا صادف ورأيت رجلاً يركب دراجة الساعة الرابعة صباحاً ويمر من أمام منزلي فإني كنت سأطلب من الشرطة إيقافه. أنت بحاجة لكي تعرف أن هذا الرجل لم يوضع في السجن ولم يعتقل وأخذ فوراً إلى المستشفى وعظمة بلادنا تتجلى في أنه إذا قام أفراد الشرطة بعمل خاطئ فإنهم سيدفعون الثمن ولكن لا أعتقد أن المسألة كذلك هنا مما شاهدته حتى الآن. أعتقد أن إيقاف الشرطة له كان محقاً».
كذلك دافع سرعيني عن المرسوم البلدي الذي يمنع تحويل الكاراجات إلى غرف معيشة، وهو المرسوم الذي ناقشه المجلس البلدي السابق لمدة عام وتم إقراره في شباط (فبراير) من العام الحالي.
وأوضح مايك أنه أحدث تغييرات جوهرية على المرسوم من بينها إزالة بند كان سيجعل تخزين أغراض لا تمت بصلة بالكاراجات عملاً غير قانوني وقال «كذلك أردت تضمين قانون السلامة العامة المدنية في المرسوم. فيمكنك تركيب باب يسمح بإدخال سيارة إلى الكاراج لكن لا يمكنك وضع فرن غاز داخل الكاراج لأن هذا أخطر على السلامة العامة ولا أعتقد أن المرسوم يستهدف العرب الأميركيين فالمرآب مخصص للسيارة وهناك ٣٨ كاراجاً فقط يشكلون مشكلة».
وعبر سرعيني عن دعمه لنقل مبنى البلدية إلى مقرها الجديد شارحاً أن الخطوة ستوفر على البلدية ٤٠٠ ألف دولار في السنة مصاريف صيانة وأشغال وقال «أعرف أن العديد من الناس يقولون إنهم ضد هذه الخطوة ولكن ما هو البديل؟ لا شيء. نحن بحاجة إلى أن نفتش عن من يملك حلاً ومن السهل على أي فرد أن يقف ويقول هذه فكرة سيئة ولكن ماذا تفعل خلاف ذلك؟ إسئلوا المعارضين لنقل البلدية عن خطة مختلفة توفر عليها ٤٠٠ ألف دولار سنوياً».
وحول عدم إهتمام مجلس مدارس ديربورن بالإنتقال إلى المبنى الجديد حسب طلب البلدية قال «إن أعضاء مجلس مدارس ديربورن هم أيضاً في مجلس إدارة كلية «هنري فورد» وقد قالوا صراحة إنهم إذا أرادوا نقل مكاتبهم إلى أي مكان فسيكون إلى مبنى الكلية. إن فترة خدمة أعضاء المجلس هي سنوات وهذه مدة طويلة وتؤدي إلى جمود ويجب الفصل ببين المجلسين على أن تكون فترة ولاية أعضاء مجلس إدارة المدارس عامين فقط حتى نتمكن من تنشيط دور المدارس ولكن من الناحية اللوجيستية الأفضل لهم الإنتقال إلى مبنى الكلية وهذا منطقي».
وحول شركة «سيفير ستال» الروسية التي مركزها في جنوب ديربورن ودفعها ٨ ملايين دولاراً هذا العام للبلدية قال مايك «إ المبلغ الذي سيذهب للتحضير للإنتقال إلى مبنى البلدية الجديد هو ليس هبة بل نوع من الضريبة مخصصة فقط لعقد عمل بين الشركة والبلدية.
وحسب سرعيني فإن شركة «سيفير ستال» لصناعة الصلب اشترت المصنع في ديربورن عندما كان مايكل غايدو رئيساً لبلديتها وحصلت على حماية ضريبية كشركة جديدة إلا أن العقد الذي أبرم معها نص على مشاركة البلدية بهامش صغير من الأرباح وقد بدأت الشركة تظهر أرباحاً بعد استعادة أموالها التي صرفتها على تطوير المصنع فعرضت على البلدية ٨ مليون دولار من أجل التخلص من بند الإلتزام بالمشاركة في الربح وقد وقع الإتفاق رئيس البلدية جاك أورايلي.
وكانت الشركة الروسية قد تعرضت للنقد بسبب اتهامها بأنها المصدر الرئيسي لتلوث هواء المنطقة وذلك بعد موافقة الولاية على السماح لها بزيادة الغازات السامة من إنبعاثات مداخن المصنع الحرارية.
وحول ذلك أكد سرعيني أن المبلغ المدفوع من «سيفير ستال» للبلدية لا علاقة له بموضوع التلوث «وهذا ليس مبلغ تعويضي للناس الذين أصيبوا بالمرض من التلوث وأي أذى لحق بسكان الجزء الجنوبي من ديربورن لا علاقة له بهذا العقد وفي حال وقوع أذى فعلى المركز العربي «أكسس» والمحامين مقاضاة الشركة من أجل دفع تعويضات».
وخلص مايك إلى القول أنه لم يتلق مكالمة هاتفية واحدة من نشطاء الجالية في الجزء الجنوببي حول إذن الولاية بزيادة الغازات السامة لكنه يتلقى شكاوي دائمة كل الوقت حول البنية التحتية هناك ومشاكلها.
Leave a Reply