إعداد خليل رمَّال – «صدى الوطن»
لم تكد صدمة وضع مدينة ديربورن في المرتبة الثانية على لائحة «الإرهاب» الفيدرالية «تغرق» في وجدان سكان المدينة حتى جاء غضب الطبيعة ليُغرِق مترو ديترويت ومن بينها مدينتي ديربورن وديربورن هايتس بأمطار فيضانية ممزوجة بمياه المجاري ويزيد الطين بلة.
معاناة قاسية اوقعتها «فيضانات القرن» في المنطقة نتيجة هطول أمطار غزيرة في يوم قياسي كارثي عصف بها لأول مرة منذ ما يقرب من٩٠ عاماً. وفيما انصب جهد وتركيز أصحاب المنازل والشركات والمسؤولين الحكوميين ومنظمات الإغاثة على تنظيف وإعادة الإعمار الضخمة من أضرار الفيضانات الواسعة النطاق التي أغلقت الطرق السريعة وعاثت خراباً في الطوابق السفلى للمنازل (بيسمنت)، وأدت الى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق متفرقة ومقتل إثنين من المواطنين على الأقل.
أصحاب المنازل في ديترويت وضواحيها لا يملك العديد منهم تأميناً ضد الفيضانات وهم يحاولون مواجهة الأضرار الناجمة عن طوفان المياه التي قد تكلفهم ملايين الدولارات. المستشفيات ومرافق الشرطة وغيرها من الشركات كانت تسعى جاهدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المعدات والسجلات. كما بات الآلاف من السكان في بيوتهم والشركات التجارية ليلتهم من دون كهرباء مساء الثلاثاء، بعد أنْ كان عدد الذين انقطع عنهم التيَّار قد فاق ١٧ ألف في بداية العاصفة، في الوقت الذي بقيت فيه بعض السيارات غارقة تحت الماء كما أنَّ مياه المجاري والمياه الراكدة قد تتسبَّب في مخاطر بيئية محتملة.
وأدى الطوفان الى سقوط قتيلين على الأقل حتى صباح الأربعاء، كليهما من سكان مدينة «وورن». وعثر على امرأة تبلغ من العمر ٣١ عاماً داخل سيارة تقطعت بها السبل وغرقت تحت حوالي ٣ أقدام من الماء. وقال رئيس بلدية المدينة جيمس فوتس «إنها على ما يبدو توفت بالسكتة القلبية». وقال نائب مفوض الشرطة في «وورن» لويس غالاسو إنَّ امرأة ثانية معمِّرة تبلغ ١٠١ عاماً عُثر عليها ميتة داخل بيسمنت بيتها الذي غمرته المياه».
وقالت المتحدثة في وزارة النقل العام في ميشيغن دايان روس «لقد شهدت ديترويت مشاكل فيضانية من قبل، ولكن لا شيء (يشبه) الكارثة الحالية. لم أتعامل سابقاً مع أي شيء مثل هذا، ونحن نواجه مشاكل عملاقة في كل مكان.»
وحتى ساعات متأخرة من ليل الثلاثاء، أبقت إخفاقات مضخات المياه الارتوازية منسوب المياه مرتفعةً في العديد من الطرق السريعة في المنطقة التي تناثرت فيها أيضاً مخلفات الحطام ومياه الصرف الصحي والمركبات المهجورة. وهي تشمل أجزاء من الشوارع السريعة الرئيسية العابرة للولايات «اي ٧٥» و«اي ٦٩٦» و« اي ٩٤» و«أم ١٠» في كلا الاتجاهين. وبدا أن الطريق السريع «اي ٦٩٦» كان الأسوأ حالاً من باقي الطرق السريعة.
وسجلت الأرصاد الجوية في مطار ديترويت الدولي نسبة هطول ٤،٥٧ بوصة من الأمطار يوم الإثنين، وهي ثاني أعلى نسبة مباشرةً بعد ٤،٧٤ بوصة والتي هطلت في ٣١ يوليو (تموز) عام ١٩٢٥، وفقا لدائرة الأرصاد الجوية الوطنية، وفي حين قام أصحاب المنازل وطواقم العمل بإصلاح الضرر يوم الإثنين، تواصل هطول الأمطار يوم الثلاثاء مما أدى إلى تفاقم المشكلة.
الكارثة فـي «الديربونين» المغمورتين بالأمطار الممزوجة بمياه الصرف الصحي
في ديربورن وديربورن هايتس كتب (علي حرب – «صدى الوطن»)، النظام الذي يحبس مياه الأمطار متصل بنظام مياه الصرف الصحي، ولذلك عندما سدت الامطار الغزيرة أقنية الصرف الصحي تراجعت الى البيوت وتسببت بطوفان الطبقات السفلى حاملةً معها المياه الآسنة من البالوعات. ومما زاد المشكلة سوءاً ان آلاف المنازل في كل المدن تستخدم أقبيتها «البيسمنت» مساحات للعيش، مفروشة ولا تستخدم فقط للتخزين.
ويقدر أن ما يقرب من٤٠ في المئة من جميع العقارات السكنية والتجارية في ديربورن قد تضررت من جراء الأمطار والفيضانات من نظام الصرف الصحي.
جيمس موراي، مدير مصلحة الأشغال العامة في بلدية ديربورن، قال في إجتماعٍ للمجلس البلدي ليل «الثلاثاء الاسود» ان الدائرة تلقت أكثر من ١٠٠٠ مكالمة هاتفية حول الفيضانات.
وحثَّت بلدية ديربورن السكان على تقديم طلبات تصليح لدى شركات التأمين على ممتلكاتهم المتضررة، حتى لو أنها ليست مغطاة بالفيضانات وسمحت لسكان المدينة بوضع الأغراض التالفة بفعل الفيضانات على رصيف الشارع، حتى خارج أيام الخدمة العامة، على أنْ يتم جمع الأغراض المرمية من قبل البلدية من دون رسوم اضافية.
وأعلنَتْ بلدية ديربورن في بيان لها «يجب وضع المهملات وبقايا الحطام المتفرقة في أكياس القمامة الثقيلة. وسترسل شاحنة قمامة إضافية من قبل شركة «ريبابليك لجمع القمامة» في اليوم المعتاد لجمع القمامة وهذه الخدمة الإضافية ستستمر حتى الجمعة ٢٢ آب «اغسطس».
(غرق سيارة أحد سكان مدينة ديربورن في شارع «شايفير» عدسة: (عماد محمد |
ويمكن للسكان أيضاً حمل أكياسهم إلى ساحة مصلحة الأشغال العامة الواقع على ٢٨١٥ شارع غرينفيلد. وسوف تكون الساحة مفتوحة من الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً يوم ١٦ أغسطس و٢٣ أغسطس.
وقالت البلدية في بيان صحفي إنها بدأت بإرسال طواقم إلى بيوت الناس يوم الخميس الماضي لتقييم الأضرار. وتوجد نصائح حول التنظيف ومعالجة الأضرار ومطالبات التأمين للإطلاع عليها في موقع البلدية على الإنترنيت cityofdearborn.org.
وحذرت شرطة ديربورن السكان من حيل شركات الإصلاح المنزلي ومن تضخيم كلفة مطالبات التأمين الخاصة بهم. وأشارت دائرة الشرطة في ديربورن في بيان إلى «أنَّ الكارثة تغري مقاولي البناء المخادعين الذين سوف يستغلون الارتباك والظروف الطارئة في محاولة لابتزازكم وسرقة شركات التأمين». ونصحت الشرطة المقيمين للتأكد من أن المقاولين الذين يتعاقدون معهم مشروعون ولديهم رخص رسمية معترف بها لدى السلطات.
معاناة المواطنين
سيارة حسن خليفة توقفت في مدينة «روميولوس» واستغرق الأمر من عمال الطريق خمس ساعات لسحبها من الشارع، ويوم الثلاثاء، «استغرق الأمر ساعتين للوصول الى مقر العمل» كما قال خليفة، الذي يعمل كمدير في شركة الملكية الفكرية. وأضاف «كل شيء مغلق. والمشهد يبدو كما بعد القيامة».
وقال رئيس فوج إطفاء مدينة «ألين بارك» دوغ لافوند ان طواقمه «أنقذت ٦٥ طالباً علقوا أمام كلية «بيكر» بالقرب من شارعي «آوتر درايف» و«ساوثفيلد» صباح يوم الثلاثاء حيث بلغت نسبة المياه ٥ او ٦ أقدام، لذلك كان عليهم أن يبيتوا الليل هناك. ووصلتنا مكالمة في حوالي الثامنة صباحاً تطلب منا مساعدتهم على الخروج. وكان هذا أول إنقاذ من نوعه واسع النطاق نواجهه كما لم نواجه مثله في أي وقت مضى».
كذلك فإنَّ أجزاء واسعة من الطرق السريعة الرئيسية في جنوب شرق ميشيغن ظلت غارقة بالمياه خلال ساعة الذروة بعد ظهر الثلاثاء، مما تسبب بعجقة سير كبيرة على الطرق البديلة لليوم الثاني على التوالي.
وتم إغلاق غرف الطوارئ في مستشفى «أوكوود» في مدينة ديربورن ونقل المرضى الى الطابق الثاني وكذلك مستشفى «هنري فورد» في مدينة «وايندوت» بسبب الفيضانات، كذلك أغلقت «شرطة ديترويت للسلاح الناري» في «روج بارك»، كما غرق المخفر الثاني أيضاً وفق بيان الرقيب في شرطة ديترويت مايكل وودي.
إعلان حالة الطوارئ فـي المقاطعات الثلاث
ويوم الأربعاء، أعلن حاكم الولاية ريك سنايدر مقاطعات وين وأوكلاند وماكومب، مناطق «منكوبة» فاتحاً الباب أمام وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية للتدخل والمساعدة في ميشيغن لمواجهة النتائج المدمرة للفيضانات.
وقال الحاكم في بيانه «إن الفيضانات مستمرة في التأثير على حياة الناس في «جنوب شرق ميشيغن» وهي كارثة بكل ما للكلمة من معنى، لهذا تعمل السلطات المحلية وحكومة الولاية على مدار الساعة للتعامل مع هذا الوضع، فمن الواضح أن تدمير الممتلكات الهامة الشخصية والبنية التحتية، إلى جانب التهديدات المستمرة على السلامة العامة، يستدعي هذا الإعلان. واتخاذ هذا الإجراء، يمكن للولاية ان تنسق بالكامل وتفاقم الجهود الرامية إلى دعم شركائها المحليين».
وكان سنايدر قد أمر بتعزيز قوات شرطة ميشيغن وقدم المعونات لدعم مترو ديترويت. سنايدر، الذي قطع رحلة له في شبه الجزيرة العليا «يو بي» يوم الثلاثاء عائدا إلى العاصمة لانسينغ، ثم قام بجولة بالطوافة فوق منطقة ديترويت الكبرى قبل أنْ يعود إلى «يو بي» مجدداً، قال إنَّ حكومة الولاية قد «اتخذت سلسلة إجراءات دراماتيكية.» وقال الحاكم إنه سوف ينظر في ما إذا كانت المساعدات الفيدرالية متاحة للطرق المدمرة والتي تشمل الطرقات السريعة «اي ٧٥» و «اي ٦٩٦»، مضيفاً «دعونا نتأكد من أننا نقوم بالتقييم المطلوب أولاً، ومن ثم بالمتابعة للتأكد من ما هية العون والمساعدة المتاحة».
كذلك أعلنت مقاطعة وين وبلدية ديربورن حال الطوارئ. وقال رئيس البلدية جاك أورايلي «من خلال إصدار هذا الإعلان من أجل ديربورن، نحن ندعم جهود مقاطعة وين والولاية لطلب الموارد الفيدرالية للمنطقة وسكانها ونحن سنعمل على إضافة البيانات للمقاطعة والولاية التي توضح التأثير الهائل لحجم هطول الأمطار القياسي على مدينتنا والمقيمين لدينا.»
وأُعلنت حالة الطوارئ في مدن «فيرنديل» و«وورن»، وتكمن أهمية هذا الإعلان كونه يسمح بوصول الإغاثة والدعم من الحكومة الفيدرالية.
وأعلن الصليب الأحمر الأميركي في جنوب شرق ميشيغن فتح مأوى لحالات الطوارئ في مدرسة «غاردن سيتي» الوسطى على شارع ١٨٥١ رادكليف، للمتضررين من الفيضانات «لكي يحصلوا على الطعام والإسعافات الأولية والمساعدة» كما سينسق الصليب الأحمر مع مسؤولي الطوارئ وشركاء المجتمع المحلي لمساعدة السكان المتأثرين من الفيضانات للوقوف على أضرارهم». وقال ستيف بوسا مسؤول «برنامج الكوارث الإقليمي» في بيان له «في حال انحسار المياه سوف يقوم الصليب الأحمر الأميركي بمساعدة الناس للتأكد من ان لديهم الوسائل للبدء بالتنظيف والبناء والتعافي».
وقال نائب الرئيس جيف ليفين من شركة «أطقم التنظيف» ومقرها مدينة «ساوثفيلد» ان فرع «ترميم الكوارث» على مستوى الولاية في شركته يعمل بشراسة لمواكبة الطلبات. وأضاف «هذه كارثة على نطاق لا يشبه أي شيء رأيناه في منطقة مترو ديترويت. لدينا المئات من الناس على لائحة الخدمة، ونحن قد لا نتمكن من تلبية طلباتهم لاثنين أو ثلاثة أو أربعة أيام. الآن، تركيزنا هو على المستشفيات ودور العجزة والمدارس. أنا أشعر بالضيق حقا لأصحاب المنازل الذين لا يستطيعون الحصول على أي شخص ليأتي بسرعة لمساعدتهم على التنظيف».
في حين قالت روس إنَّ بعض الفضوليين يضيفون مشاكل من نوع آخر، مشيرة الى «ان بعض الناس يتعاملون مع هذا الحدث سياحياً فيقودون السيارات ويمشون بين العوائق والحواجز حتى يتمكنوا من التقاط الصور. امرأة من هؤلاء الفضوليين كادت ان تدهسها شاحنة لأنها كانت تقطع الطريق السريع دون انتباه. أنا أفهم الفضول البشري، ولكن الناس لا ينبغي أنْ يعرضوا حياتهم للخطر، أو حياة أفراد الطوارئ الذين يحاولون مساعدتهم».
الحث على تقديم شكاوى
وعقدت شركة «ميريديان» للمحاماة، وهي شركة مقرها مدينة ديربورن، اجتماعاً عاماً في مركز «هايبس» الرياضي في مدينة «ديربورن هايتس» لتخبر الناس ما ينبغي القيام به للتعويض عن الضرر الناتج عن الفيضانات. وحضر اللقاء العام نحو ٣٠٠ شخص.
وحث المحامي طارق بيضون الناس على رفع دعاوى لدى بلدياتهم للتعويض عن الأضرار في الممتلكات نتيجة تضرر الطوابق السفلى التي غمرتها المياه. وعرضت الشركة القانونية تقديم مساعدة مجانية للسكان من اجل ملء وإرسال استمارات المطالبات الخاصة بهم.
وقال بيضون ان إرسال عدد كبير من المطالبات يزيد من احتمال التدخل الفيدرالي وأضاف «أما بالنسبة للتغطية التأمينية الممكنة، ننصح بتقديم مطالبة على التأمين المنزلي للتعويض عن الأضرار في الممتلكات الخاصة، بغض النظر عن ظن وكيل التأمين او عدمه بوجود تأمين (على الفيضانات)».
وحذر من أن بعض وكلاء التأمين قد يضللون الزبائن ويوهموهم بعدم وجود تغطية.
وأردف «في حين أن معظم وكلاء التأمين جيدون وأمناء تستمر حاجة الجميع لاتخاذ الاحتياطات اللازمة والحيطة وتقديم طلباتهم وملاحقتها»، وأوضح «عندما يكون لديك رقم بطلب التعويض، وفي حال رُفض طلبك، يمكنك السعي للحصول على استشارة بشأن مسألة ما إذا كان لك الحق في التغطية. الأهم أنْ تكون في حوزتك صور وإيصالات التصليح الذي قمت به، فهي مهمة للغاية.»
وقال المحامي طارق بيضون أولئك الذين شهدوا حصول طوفان في منسوب المجاري أو الفيضان وينوون رفع دعوى عن الأضرار في الممتلكات أو الإصابات الجسدية يجب عليهم رفع دعوى مكتوبة لدى البلدية خلال فترة ٤٥ يوماً. وحذَّر بيضون قائلاً «لن تحصلوا على تعويض إذا لم ترفعوا دعوى ولكن الفيضانات التي هي من دون دليل على وجود خلل في قنوات الصرف الصحي قد لا تستوفي شرط المطالبة بالتعويض».
«يحتاج الناس للمعلومات حتى يتمكَّنوا من الحصول على المساعدة ومساعدة أنفسهم». يقول علي داغر، محام مختص بقانون الملكية مضيفاً «هذه كارثة وقعت علينا وأثَّرت عملياً على الجميع في المنطقة، بمن فيهم أولئك الذين ليس عندهم اموال تساعدهم على تسديد فواتير إصلاح الأضرار.»
وتساءل بعض المشاركين في الاجتماع حول تغطية انسداد الصرف الصحي، لأن القانون العام رقم ٢٢٢ لعام ٢٠٠١ يوضح الظروف التي تكون فيها البلديات مسؤولة عن عمليات تراجع مياه الصرف الصحي.
كمال الجهمي وشقيقه، كلاهما من مدينة ديربورن، حضرا الاجتماع لمعرفة كيفية التعامل مع الأضرار من عدة بوصات من الماء في الطوابق السفلية لبيتيهما. وأظهر الجهمي على هاتفه الخلوي صوراً لمصباح وسِلال وغيرها من المواد العائمة في الطابق السفلي معلِّقاً «إننا لا نعرف ماذا سنفعل».
وخلال الاجتماع العام حذَّر مارتن ليفيسك، مدير مستشفى «أوكوود» للرعاية الصحية والوقاية من العدوى ومكافحتها، ومن المخاطر الصحية من البيسمنات التي غمرتها المياه. وأضاف «انه يتعين على السكان ارتداء الملابس الواقية عند التعامل مع الأشياء الرطبة. وينبغي أيضاً رمي السجاد المبلل مع الحشو وغيرها من المواد غير المسامية لأن بعض المواد لا يمكن تطهيرها ويجب أن يتم التخلص منها فوراً.»
إرتفاع منسوب طلبات التأمين
وتحوَّلتْ مياه الأمطار التي تدفَّقتْ على مترو ديترويت إلى طوفانٍ من المكالمات الهاتفية طوال يوم الثلاثاء، حيث ضجَّتْ الهواتف بمحاولات أصحاب المنازل اليائسة لطلب شركات خدمات التنظيف ووكلاء التأمين معاً. ولكن في كلتا الحالتين، لم يكن المتصلون راضين عن ما كانوا يسمعونه.
وقال جورج عازار، صاحب شركة تنظيف اسمها «أطباء المنازل» في مدينة «ستيرلينغ هايتس»، أنه أضطر لرفض طلب أصحاب المنازل بالمساعدة لأنَّ المعدات التجارية اللازمة لتجفيف المنازل المغمورة بالمياه قاصرة عددياً عن تلبية الفيض في طلب الخدمة.
وأضاف «أنا لم أر شيئاً مثل هذا منذ إعصار غوستاف في عام ٢٠٠٨. أحد المنازل في مدينة «وورن» كانت سعة الماء فيه أربعة أقدام. في مدينتي «رويال أوك» و«كلاوسون» كانت هناك منازل وصل حجم المياه فيها إلى قدمين في الطابق السفلي (البيسمنت)».
وقال عازار إنه هو وطاقمه عملوا طوال الليل، وكان قد تلقى ما يقرب من ١٠٠ مكالمة حول أقبية غمرتها المياه وذلك بحلول منتصف يوم الثلاثاء وكان العديد من أصحاب المنازل في حالة يائسة لدرجة عرض دفع ثمن خدماته فوراً من جيبهم الخاص ثم ينتظروا التسديد من شركات التأمين المنزلية.
إلا ان ما لم يكن يعلمه أصحاب البيوت المنكوبون بغضب الطبيعة أنه في كثير من الحالات، هذا السداد قد لا يأتي أبداً من شركات التامين الشرهة التي لا يهمها إلا قبض الاقساط الشهرية أو السنوية.
وفي هذا الصدد قالت لورا آدامز، إحدى كبار المحللين في موقع InsuranceQuotes.com ومقرها في مدينة «دينفر» بولاية كولورادو إنَّ اصحاب البيوت المتكلين على سياسة التأمين العادية لبيوتهم «ضد فيضان الأمطار» لن يحظوا بأية تغطية. وأسهبت بالقول «إذا نجمَتْ الأضرار عن تسرب في السقف فسيكون هذا مختلف جداً عن إرتفاع منسوب المياه الجوفية (داخل البيت) ولسوء الحظ إن المستهلكين ليس لديهم تأمين ضد الفيضانات، وبالتالي هم غير محميين فعلياً».
وما لم يكن لدى أصحاب المنازل بوالص تأمين تغطي المجاري الفائضة، والمضخات الارتوازية المتعطِّلة أو بنوداً تأمينية خاصة لحالات الفيضان، من غير المرجح أنْ يحصلوا على أي أموال لتجديد السجاد المبلَّل والأثاث أو الملابس أو غيرها من الممتلكات الشخصية الغارقة في الطابق السفلي الذي غمرته المياه.
حتى ولو اشترى الملاكون بوليصة التأمين الحكومية الفيدرالية ضد الفيضانات إلا أنَّ تغطية البوليصة هذه تقتصر على الضرر الهيكلي فقط الذي يصيب الجدران، وأساس المنزل والأفران وسخَّانات المياه والتوصيلات الكهربائية عندما تصل المياه الى الطابق السفلي، كما أشار ديفيد شين المتخصص في شؤون التأمين ضد الفيضانات مع شركة التأمين الفيدرالية ضد الكوارث «فيما» ومركزها في شيكاغو.
في مترو ديترويت، معدَّل قسط التأمين ضد الفيضانات هو أكثر قليلا من ٩٠٠ دولار في السنة، وقال ديفيد شين، انه يغطي ما يصل إلى ٢٥٠ ألف دولار من الأضرار التي تلحق بهيكل المنزل و١٠٠ ألف دولار للممتلكات الشخصية، ويمكن لأي وكيل تأمين أنْ يبيع هذه البوالص الفيدرالية التي يتم تسعيرها بنفس السعر وتقدم نفس التغطية. المستأجرون وأصحاب الشقق يمكنهم أيضاً الحصول على نفس البوالص ابتداء من سعر ١٢٩ دولار في السنة. التأمين الخاص لا الحكومي ضد الفيضانات هو متاح أيضاً، ولكنه يكلف عادة أكثر من التأمين الفيدرالي الحكومي.
ولا يحتاج أصحاب المنازل إلى العيش في منطقة الفيضانات لكي يتأهلوا ولكن يجب ان تشارك بلديتهم في برنامج التأمين الوطني ضد الفيضانات، الأمر الذي يتطلب اعتماد اللوائح والإجراءات التي تلبي المعايير الفيدرالية وتستوفي شروط حكومة الولاية. وفي منطقة ديترويت الكبرى، توجد ستة بلديات لا تشارك في البرنامج التأميني الحكومي وهي: بيلفيل، ميلفينديل، فان بيورين، روميو، أديسون، ونوفاي.
وقال شين «ان محتويات الطابق السفلي الوحيدة المشمولة بالتعويض هي فقط الغسالة والنشَّافة والطعام المجمد وأجهزة التكييف النقالة، هذا كل شيء. نحن لا نغطي المفروشات والأماكن المعمورة، وسائل الترفيه أو طاولات البلياردو. وتشمل التغطية فقط أشياء كبرى مثل الفرن وجميع المرافق المنزلية».
وأضاف شين أن التأمين الفيدرالي ضد الفيضانات يغطي جدران الطابق السفلي المعمَّرة «دراي وول»، إذا كان تصنيف الإطفاء أو القانون البلدي يتطلب ذلك في الطابق السفلي، ولكن لا يغطي تلبيس الجدران «بانلز».
ولكن كلما صعدت في الطوابق العلوية، كلما كانت التغطية أفضل بكثير. بالنسبة للجزء من المنزل الذي هو فوق سطح الأرض، البرنامج الوطني للتأمين ضدَّ الفيضانات يؤمِّن تغطية بناء الهيكلية تصل إلى ٢٥٠ ألف دولار، والممتلكات الشخصية تصل إلى ١٠٠ ألف دولار، بما في ذلك الأثاث والإلكترونيات، بالإضافة إلى ٢٥٠٠ دولار للتعويض على أغراض فنية أو لباس الفرو.
أصحاب المنازل الساعين للحصول على تغطية جميع محتويات الطابق السفلي المجهَّز يمكن أن يتسوقوا لإضافة بند «التأمين ضد الفيضانات الزائدة» الذي يضاف إما إلى التأمين الفيدرالي أو الخاص ضد الفيضانات. ويمكن توسيع نطاق تغطية التأمين الفيدرالي المحدود ضد الفيضانات حتى بمقدار ٥٠ مليون دولار ويشمل الممتلكات الشخصية كذلك.
محتويات الطابق السفلي من المرجح أن تكون مشمولة بالتأمين إذا اشترى المالك بوليصة منفصلة تغطي انسداد المجاري او عطل المضخة الارتوازية أيضاً. ويمكن لهذا لنوع من التأمين أنْ يغطي ما تصل قيمته إلى ١٠ آلاف دولار من الأضرار، ويمكن إضافة بند الصرف الصحي للبوليصة القائمة بكلفة أقل من ٥٠ دولاراً في السنة.
ماثيو وولف، شريك في وكالة وولف تشاندلر وشركاه، وهي وكالة تأمين مستقلة مقرها في مدينة «بينغهام فارمز» أكد أنَّ هذا النوع من التغطية سيكون هبة من السماء للعديد من المتصلين يوم الثلاثاء. وقال «نحن نسمع الكثير عن المياه المتسرِّبة من خلال مجاري الصرف الصحي في الاقبية»، مضيفاً أن سياسات التأمين التي تغطي عادة المياه الجوفية تغطي معظم الأضرار الناجمة عن المياه التي تتسرب الى الطابق السفلي في منزل ما. وأردف «انهم عادة يغطون أي شيء تضرر من تلك المياه ولكن يجب أنْ تكون المياه قد طافت من مجرى صحي لكي يتم تحريك هذه التغطية.»
وقال وولف إنَّ معظم وكلائه يقدمون النصح والمشورة للزبائن حول حدود تغطيتهم والحسومات، وإجراءات الإبلاغ عن الشكاوى. واستطرد انه «يجب على حاملي بوالص التأمين المسارعة للاتصال بشركات التأمين في أقرب وقت حال اكتشافهم لمشكلة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي عليهم أن يدعو الشركات التي تقيس الأضرار الناجمة عن طوفان المياه في أقرب وقت ممكن ثم توثيق كل شيء قدر الإمكان» وأشار إلى أنَّ «الصور هي أيضاً (ذات أهمية) كبيرة، وخاصة إذا كانوا قد التقطوها قبل انحسار المياه.»
عندما يتعلق الأمر بالسيارات الغارقة يقول وولف إنه تلقّى فيضاً من المكالمات من حملة التأمين الذين اضطروا الى التخلي عن سياراتهم على الطرق وإلاوتوسترادات السريعة التي غمرتها المياه في المنطقة. في هذه الحالة، فإن السؤال التأميني هو أبسط من ذلك بكثير: إذا كان صاحب السيارة لديه التغطية الشاملة (فُل كافريدج)، أي فوق حدود التأمين ضد الاصطدام فقط، ينبغي أن يشمل التعويض على الأقل بعض الأضرار في السيارة، الناجمة عن دخول المياه.
١٠ خطوات لتفادي أضرار الطوفان
بينما تحاول منطقة ديترويت أنْ تتعافى من صدمة أمطار ليلة الاثنين الفيضانية القياسية، تعرض «صدى الوطن» على القرَّاء الأعزاء نصائح تفيدهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من غضب الطبيعة ومنع المزيد من الضرر:
١- إلتقاط الكثير من الصور عن الأضرار التي لحقت بالمنزل والممتلكات الخاصة بك. الصور هي المفتاح وتعبر ألف مرة أفضل من الكلام.
٢- اتصل بوكيل التأمين الخاص بك لمعرفة ما تحتوي بوليصة تأمين المنزل، وإذا أمكن وضع طلب تصليح على الفور. بعض بوالص التأمين تغطي الماء المحتقن في المساوير أو الماء الفائض عن المضخات، مما يعني أنَّ الماء يطفح من خلال المجاري، ولكن إذا جاء الماء من خلال الجزء الأمامي من منزلك فقد تكون بحاجة إلى امتلاك بند تأمين خاص في البوليصة ضد الفيضانات لكي تتمكن شركة التأمين من تغطية الأضرار.
٣- اتصل بشركة ترميم مجازة ولكن كن مهيئاً نفسك للانتظار لفترة أطول، لأنها تخدم العديد من المتصلين الآخرين.
٤- وخلال فترة إنتظار المحترفين الذين سينظفون منزلك، استخدم مكنسة «شاب فاك» القوية أو أي جهاز مماثل للبدء في شفط وتنشيف المياه من منزلك.
٥- أنقل الأغراض غير التالفة، التي لحسن الحظ كانت فوق خط المياه، لمنطقة جافة حتى لا تتأثر بالرطوبة المترسِّبة.
٦- ضع ورق السيلوفان «تن فويل» تحت الأثاث والمفروشات لمنع تحلُّل صبغة الدهان وانتقالها إلى أمكنة أخرى. على سبيل المثال، يمكن للطخة معينة من ساق أريكة خشبية أنْ تتحلل وتمتد الى السجاد.
٧- اذا كانت المياه في منزلك ناجمة عن الأمطار لا الصرف الصحي، استخدم الماء والصابون لدى تنظيف الأغراض والمكان المغمور ولا تستعمل المبيِّض.
٨- جفف الصور المبللة عن طريق الهواء .
٩- لا تخزن الأقمشة الرطبة في أكوام أو أكياس بلاستيكية لأنَّ ذلك يؤدي لإشتداد العفن والعطن. وعلق الثياب إذا كان ذلك ممكنا، ويفضل أن يكون ذلك خارج البيت وتحت أشعة الشمس، ولكن لا تجفِّف الأقمشة التي تنظَّف عبر الغسيل بالناشف فقط، مثل بعض علاجات النوافذ. وينبغي أن تُجفَّف هذه في الداخل.
١٠- الحيوانات المحنطة والأحذية والمحافظ والأحزمة وغيرها من المواد والجلود والنسيج ينبغي أخذها لمرمم او مصلِّح أنسجة مختص.
Leave a Reply