ديربورن هايتس – ناتاشا دادو
عمل قسم الحقوق المدنية في وزارة العدل الأميركية بشكل حثيث مع مكتب المدعي العام الأميركي للمنطقة الشرقية في ميشيغن، من أجل التوصل إلى اتفاق تسوية شامل مع منطقة «كريستوود» التعليمية في مدينة «ديربورن هايتس»، يقضي بتحسين الخدمات التعليمية للطلاب الذين يتعلمون اللغة الإنكليزية كلغة ثانية وإنشاء نظام محدَّد لاستقطاب وتوظيف أعضاء هيئة التدريس والموظفين وضمان عدم القيام بتدابير وإجراءات انتقامية رادعة غير قانونية ضد الأفراد الذين يشتكون من التمييز.
وأعلنتْ المدعية العامة الأميركية للمنطقة الشرقية في ميشيغن باربرا ماكويد «أنّه يتوجب على المدارس إلالتزام بتوفير فرص تعليمية متكافئة للطلاب المتحدرين من خلفيات ثقافية متنوعة ومواصلة العمل بالتعاون مع المنطقة التعليمية لرصد الإمتثال والتأكد من التقيد بالاتفاق الذي أقرته المحكمة».
و كانت وزارة العدل قد أجرت تحقيقاً شاملاً بالتعاون مع المقاطعة التعليمية، وفقاً لبنود متعددة من قانون «تكافؤ الفرص التعليمية لعام ١٩٧٤ (EEOC)»، على سياسات وممارسات القطاع التعليمي.
ومن المعروف أنَّ معظم الطلبة الذين يتعلمون اللغة الإنكليزية في مدارس «كريستوود» يتحدثون اللغة العربية كلغة أم. وبعد التحقيق خلصت وزارة العدل إلى الاستنتاج أن إدارة مدارس «كريستوود» فشلت في توفير الخدمات والمواد الكافية للطلاب الذين يدرسون اللغة الإنكليزية كلغة ثانية، كما أن الإدارة لم توظف العدد الكافي من المعلمين والإداريين المؤهلين في مناصبهم، ولم تجرِ بشكلٍ فعَّال مراقبة وتقييم برنامجها الخاص لتعلُّم اللغة الإنكليزية. وبالإضافة إلى ذلك، كشف التحقيق العدلي عن وجود نقص كبير في طرق التواصل بين الإدارة التعليمية وبين الأهل وأولياء التلاميذ الذين لا يتكلمون اللغة الإنكليزية جيداً.
وقد أقرت المحكمة بوجود ظواهر التمييز الوظيفي المتعلقة بتوظيف المعلمين العرب الأميركيين والأميركيين الأفارقة وبأن الأفراد الذين اشتكوا من هذا التمييز كانوا عرضةً للانتقام في انتهاكٍ فاضح لقانون «تكافؤ الفرص التعليمية».
ويتضمن الاتفاق الذي أقرته المحكمة بين أطراف التقاضي أنْ تقوم المنطقة التعليمية بإحداث التغييرات البرامجية في بداية العام الدراسي ٢٠١٤-٢٠١٥ على أن تبقى مرعية لمدة أربع سنوات على الأقل.
بنود الإتفاق
كما ستقوم منطقة «كريستوود» التعليمية بموجب الاتفاق بالآتي:
• تزويد جميع الطلبة المتعلمين للغة الإنكليزية، بمن في ذلك الطلاب ذوي الإعاقة، بدروس في اللغة الإنكليزية المناسبة كلغة ثانية (ESL) وإعطاء إرشادات وتعليمات واضحة تُدرَّس من قبل مدرسين مؤهلين ومدربين بشكل كافٍ.
• تطوير منهاج تعليم اللغة الانكليزية كلغة ثانية لكل الصفوف ابتداءً من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر وإجراء جردة شاملة على المواد التعليمية لضمان توفير الموارد المناسبة لكل مدرسة.
• تأمين التواصل مع الطلاب وأولياء التلاميذ «محدودي اللغة الإنكليزية» بإمدادهم بالمعلومات الهامَّة والمفيدة، بما في ذلك تدابير الانضباط الطلابية والمواد التعليمية الخاصة والإجراءات المدرسية.
• رصد ومتابعة التقدم الأكاديمي للطلاب المتعلمين للغة الإنكليزية، الحاليين منهم والسابقين، وتنفيذ إجراءات جمع وتقييم البيانات المتعلقة بفعالية برامج تعليم اللغة الإنكليزية.
• العمل مع وزارة العدل، «دائرة علاقات الجالية الخدماتية»، لتحسين طرق توعية الوالدين وإشراك افراد الجالية «في صنع القرارات» من خلال إنشاء لجنة استشارية تضم اشخاصاً من الجالية، والقيام بإجراء التدريب الملائم من أجل إعداد كفاءات ثقافية.
• صياغة سياسة توظيفية شاملة، وتطبيق أفضل البرامج لجذب الكادر التعليمي والإداري المؤهَّل وتوظيفه والإبقاء على أعضاء هيئة تدريس وموظفين كفوئين وأصحاب خلفيات تعددية ومتنوعة.
• وضع نظام داخلي لتلقي عمليات الشكاوى، وتعيين وتدريب العاملين فيه للتحقيق وحل شكاوى التمييز ومظالم التوظيف التدابير الانتقامية.
ويأتي إتفاق التسوية بعد أن تقدمَتْ هيام طرفة برنجيكجي، وهي مستشارة تربوية في ثانوية «كريستوود» العامَّة، بشكاوى عام ٢٠١٢ إلى وزارة العدل ودوائر فيدرالية أخرى بما فيها مفوضية «تكافؤ فرص العمل» ومصلحة «التربية والتعليم الخاصة بالحقوق المدنية» في وزارة التربية الأميركية، تتهم فيها المقاطعة التعليمية بالتمييز في التوظيف والتعامل مع الطلاب العرب والانتقام من المشتكين.
وفي عام ٢٠١٣ نشرت صحيفة «صدى الوطن» أن مفوضية «تكافؤ فرص العمل» توصلَّتْ إلى نتائج مفادها أن إدارة مدارس «كريستوود» العامة قامت بالتمييز ضد العرب في التوظيف والعمل، لكنَّ المشرفة التربوية على المقاطعة التعليمية في ذلك الوقت الدكتورة لوري فانفالكنبرغ نفت ارتكاب أية مخالفة.
وعندما تقدمت برنجيكجي بالشكوى لأول مرة عام ٢٠١٢ أمام الجهات الفيدرالية المعنية، تردَّد وجود مدرِّس واحد فقط حائز على شهادة تعليم اللغة الانكليزية كلغة ثانية في كل المدرسة مع وجود عدد قليل من مساعدين ثنائيي اللغة لخدمة ٣٥١ طالباً. وكان من ضمن الشكوى التي تقدمت بها آنذاك «أن الطلاب ثنائيي اللغة محرومون من الخدمات التعليمية بسبب نقص في مدرسي اللغة الإنكليزية المجازين».
وبعد صدور قرار المحكمة، قالت القائمة بأعمال مساعد النائب العام لشعبة الحقوق المدنية مولي موران «ان جميع الطلاب بغض النظر عن مستواهم في اللغة الإنكليزية، يستحقون فرصة للنجاح والازدهار في المدرسة»، وأضافت «ان هذا الاتفاق الحيوي والمتعدد الأوجه سيقضي على الحواجز التي تعترض طريق النجاح لمتعلمي اللغة الإنكليزية في مدارس «كريستوود» العامة».
وقالت هيام برنجيكجي لـ«صدى الوطن» «انني امتهنت التعليم لأني أحب الاطفال، وقد أحدثت تغييرا في العملية التربوية، وبإمكاننا جميعا احداث تغييرات ايجابية في عملنا، ووصفت الإتفاق بالانتصار الكبير للتلاميذ».
وقال المحامي شريف عقيل الذي وكلته برنجيكجي لمتابعة القضية «إن الاتفاق نصر للجالية العربية، محييا الحكومة الفدرالية لاهتمامها بحقوق التلاميذ وتأمين مستقبلهم التعليمي»، ويأمل شريف أن يكون الاتفاق بمثابة رسالة لجميع القطاعات التعليمية في مدن أخرى، من أجل الاهتمام بحاجات تلامذتهم لتعلم اللغة الانكليزية، وأضاف «ان الصورة الكبيرة التي لا يمكن اهمالها في هذا الشأن هو أن هؤلاء التلاميذ يريدون تعلم الانكليزية لخدمة هذا البلد ولكي يكونوا فاعلين أكثر في المجتمع الأميركي».
من جهته قال حسن بزي رئيس «منظمة جالية ديربورن هايتس الأهلية» «انني أشعر بالارتياح الشديد بعد صدور القرار، ولطالما أنكرت إدارة القطاع التعليمي في مدارس كريستوود هذه القضية حتى أقرتها وزارة العدل».
Leave a Reply