بقلم خليل اسماعيل رمّال
«لاح العلم الأزرق لاح بين بيت «الوسط» و«الجناح» تقول أغنية (بتصرُّف) للفنان المرتَد مارسيل خليفة أيام كان فنَّاناً شعبياً وطنياً وفقيراً يناهض الفاشية في عز الحرب الأهلية اللبنانية وقبل أنْ يتلبَّسه الدولار وأنظمة النفط والعار.
هذه الاغنية نزفُّها اليوم للمهاجر سعد الحريري العائد من منفاه القسري المرفَّه بعد ثلاث سنوات ومن منتجعاته وقصوره في الرياض وفرنسا وسويسرا وجبال الألب حيث كان يدرس حال الأمة عندما كان يتزلَّج على الثلج مما أدى إلى وقوعه وكسر قدميه، أو عندما كان يقود دراجته النارية او «يتشمَّس» في إحدى قواربه العديدة في جزيرة سردينيا. المهم عاد الشيخ سعد وزفَّه «نتشة» الوطن زفَّاً وكأنه المغترب اللبناني الأصل الملياردير كارلوس سليم (من يذكره من اللبنانيين العائمين على شبر ماء؟) داخلاً في الوطن من باب «مفرمة» سعودية جديدة بقيمة مليار دولار مرصودة علناً للجيش اللبناني، الذي ساهم صغار ١٤ آذار في تهشيمه، ولكنها في حقيقتها تهدف إلى درء خطر الدب «الداعشي» الذي أحضره «المستقبل» إلى كرمه والتمديد لمجلس نوائب عاطل فاسد مُعطَّل ومنتهي الصلاحية ويعتبر من أسوأ وأقل إنتاجيةً في تاريخ مجالس العالم!
الكل عبر عن فرحه وابتهاجه بالعودة الميمونة ما عدا شعارات جدرانية في مناطق نفوذ الحريرية عبَّرتْ عن سخطها من هذه العودة المتأخرة التي لا طائل منها. لكن بشكلٍ عام، طغَّتْ أخبار العودة على أجراس العودة الفلسطينية وعلى أنباء مجازر الأطفال في غزَّة، بل أنْ مشهد العمَّة بهيَّة وهي تشم وتعانق السائح العائد نفَّرت الدمع من العيون، لا مشاهد لحم الفلسطينيين الحي المنتشر في حطام بيوت حي الشجاعية وخان يونس وغيرهما. ٨ آذار زايدت على ١٤ عبيد زغار متأملةً بحلٍ سحري يحمله معه الحريري. عاد الغائب من أفخم فنادق العالم الى لبنان وعمَّت الفرحة كل الارجاء وتحلحلت كل العُقد كما أوحى لنا كل ساسة «شبه الوطن» بأنه «رح يشيل البعير من البير»!
لكن لم يخطر لأحد أنْ يسأل سعد الحريري عن سبب هبوطه طائرته في مطار بيروت الدولي لا مطار دمشق كما وعد، ربَّما لأنَّ لا أحد يأخذه على محمل الجد بعد اليوم حيث أصبح مشهوراً بلعق كلامه بعد أنْ أعلن الدخول في حكومة واحدة مع «القَتَلة» من أمام المحكمة الدولية بالرغم من أنَّ أحد مرتزقته الإعلاميين، محمد سلام، أكد في مناظرة تلفزيونية مع الإعلامي سالم زهران أنه لن يدخل في حكومة واحدة مع «حزب الله» ولو كان فيها «النبي مُحمَّد»! والمؤسف أنَّ سلام هذا مازال يكتب وينشر ويقرأ له البعض تقيؤاته الحاقدة من دون خجل! بالمناسبة، أين أصبحت المحكمة الإسرائيلية الحقيرة ولماذا لا تتم محاكمة إسرائيل لمجازرها الاخيرة في حربها المموَّلة خليجياً ضد غزَّة؟!
ومن لحظة وصول الحريري طفحت وسائل التواصل الإجتماعي بنكات وتهكمات حول عودته من مطار بيروت من بينها دعوة زهران إلى تسمية المطار بمطار دمشق حتى لا تنكسر كلمة سعد! ولم يقف الأمر هنا حيث أنَّ الحريري قبل عودته بيوم ألقى كلمة يشرح فيها الهبة السعودية للجيش ولم يعرف كيف يقول كلمة «مجوقل» فانفجر الإنترنيت بالتندُّر على خطئه اللفظي من «مجلوق» إلى «مجولق» وكان نموذج هذا التندُّر لكاتب هذه السطور على «الفيسبوك»: بمناسبة عودة سعد الحريري من مطار..بيروت الدولي، تقرر تأسيس لواء «مجولق» برئاسته يضم اليه كل «المجلوقين» من وحوش المال شعاره «اللي بيتجلوق علينا إنْ شاء الله يصير مثلنا»!
الرشوة السعودية الجديدة الكاذبة هي مجرد بالون إعلامي لإعادة الإبن الضال إلى بيته ونشله بعد أنْ فشلت كل رهاناته ومشاريعه الورقية، وللتغطية على دور آل سلُّول في غزوة عرسال التي أُحبِطتْ بعد أنْ خُطِّط لها لتكون موصل جديدة، لكن المقاومة والجيش خنقاها في مهدها، لا الدولة المتآمرة. وإلى الذين أطلقوا الرصاص والمفرقعات النارية ابتهاجاً بعودة السائح من أفخم الأماكن السياحية بينما هؤلاء التعساء بلا ماء ولا كهرباء، إِنْ شاء الله يحصلون على تنكة زيت منه أو كيس طحين!
سمّوا لي دولة واحدة في العالم تدخل مجموعة إرهابية إلى عقر دارها فتهجم وتغزو وتخطف جنوداً ثم تفاوض هيئة عملاء داعشين بين باسمها حفاظاً عليها فتوافق الحكومة على رحيلهم الآٓمن مع ٣٦ من جنودها المخطوفين من دون مراعاة لأهاليهم؟ العدو الاسرائيلي يبيع كل السجناء العرب عنده من أجل أشلاء جنوده بينما حكومة شبطيني ريفي الشمطاء تبيع كل اللبنانيين من أجل «المفرمة» السعودية!!! وشعبٌ يقبل بالتمديد لنوائبه العاطلين في كل شيء، يستحق أكثر من هكذا حكومة!!! «جبنا تمام ليونسنا كشف عن قرعتو وفزعنا!» ولا ثقة بهذه الحكومة بأنها لن تقايض العسكريين بإرهابيي سجن رومية.
يحدث كل ذلك و ٨ آذار في سباتٍ عميق. برافو ٨ شُطَّار لقد أثبتم أنَّ اللص فؤاد السنيورة يجرُّكم وهو الحاكم الفعلي للبنان رغم عنترياتكم وانتصاراتكم التي دائماً تتحوَّل إلى هزائم بسبب إعلامكم التعيس. لقد جاء السنيورة بمفتي سعودي مو دريان مكان الشيخ محمَّد رشيد قباني الذي، على علاته، وقف في وجه السنيورة الناكر للجميل ولم تريدوا دعمه لأنَّ السنيورة قرَّر ونفَّذ واليوم مسرورن أنتم بزيارات معلمه سعد الحريري لكم مروجاً للسيطرة السعودية الكاملة على بلدكم.
والآن السنيورة، الذي أوقف لوحده إقرار السلسلة في مجلس العواطل، قرر نيابةً عن معلِّمه ضرورة التمديد للنواب الذين تحت أية ذريعة أو قانون انتخابي سيأتون مع نفس هذه الوجوه العطيلة، فلماذا نتعذَّب لإجراء الإنتخابات لنوائب ومصائب لا نفع منها؟! كما أنَّ شبه الوطن يتذرع بالاوضاع الأمنية لعدم إجراء إنتخابات نيابية ولكنه لم يرَ أنَّ في سوريا حالة حرب حقيقية منذ ٣ سنوات ودمار وخراب هائل وتواجد لمجرمي «الدواعش» ولكن رغم ذلك جرت فيها انتخابات رئاسية، كذلك في مصر وتونس والعراق!
من سيئات الزمن ولؤمه أنْ يكون على رأس أعلى سلطة في بلد،«شُبِّه» لنا أنَّه وطن، تمَّام سَلاَم الضعيف (wimp بالإنكليزية وهي صفة تلبسه لبساً) كما كان قبله اللص الأكبر ينوب عن رئيس الجمهورية، في أخطر مرحلة يمرُّ بها الكيان. لقد نُكِبَ شبه الوطن بمخلوقات من هذا الطراز في أحرج الأزمان، مثل شفيق الوزان والياس سركيس خلال غزو اسرائيل عام ١٩٨٢، ولكن نوائبه العاطلين عن العمل ليسوا بأفضل حال. سلام هذا الذي أنجبت حكومته العبقرية أليس شبطيني الجالسة في بيتها وتقبض من خزينة الدولة مقابل لا شيء، سمح بلعب دور الوسيط بين الإرهابيين التكفيريين وبين جيش بلده الذي يتعرَّض لمعركة مصيرية ويتصدَّى لغزوة ظلامية قد تؤدي إلى شطب الكيان التعيس، فترك أشرف ريفي وما يُسمَّى «هيئة العلماء المسلمين» للتوسط مع الجزَّارين الذبَّاحين الذين قتلوا ١٤ من العسكريين بدل أنْ يطلب من الجيش البطش بالمجرمين القَتَلة ويؤمن له الغطاء السياسي ثم يسأل معلِّمه الخشَّاب الذي شجع مجيء الإرهاب أين ذهبتْ «المفرمة» السعودية السابقة البالغة ٣ مليار ؟!
أشرف سياسي على الإطلاق هو الزعيم أبو طوني فرنجية الذي نشهد له أنه لوحده لم يمنح سلام الثقة بعد أنْ سارع أقطاب ٨ آذار لرفع الراية البيضاء والاستسلام الرخيص والتسليم لعشرة عبيد زغار رغم هزائمهم في سوريا وتراجعهم في لبنان، وبعد تواطؤ وحش المال نجيب الحريري وجبنه وخذلانه.
أحصدوا ما زرعتم يا ٨ آذار وأبقوا التنسيق بينكم خبط عشواء من دون مجلس تنسيقي أو على الأقل أمانة عامّة! عودوا إلى النوم.
Leave a Reply