بقلم: صخر نصر
هطل المطر مدراراً يوم الاثنين الماضي، فغرقت ميشيغن أوكادت، وربما كانت المرة الأولى التي تهطل فيها الأمطار بهذه الكثافة منذ ما يقارب الثمانين عاما، حسب الأرصاد الجوية، حيث بلغت كمية الأمطار الهاطلة خلال ساعات قليلة أكثر من خمسة (إنشات) ما يعادل ألفاً ومئتين وخمسين ميليمترا . ولم تستطع تربة ميشيغن ولاسيما في منطقة ديترويت الكبرى ابتلاع هذه الكمية من المياه رغم مافيها من مجاري أنهار ومسطحات مائية كبيرة قادرة في الحالات الطبيعية على استيعاب قدر كبير من المياه مهما كانت لو هطلت بشكل متواتر ومنتظم، إلا أن التدفق المائي كان أكبر من تحمل الأرض لمثل هذه الكميات.
مساء ذلك اليوم كنت قد ارتبطت بموعد مع عدد من الأصدقاء قرابة السابعة مساء فركبت وأفراد اسرتي بسيارة دفع رباعي وانطلقنا باتجاه شارع شيفر ومنه إلى «ميشيغن أفينو» ولم نكد نصل إلى منتصف الطريق قرب مركز الإطفاء حتى سمعنا أصوات سيارة الإطفاء التي اتجهت شمالا قاطعة الطريق بشكل عرضاني باتجاه «شيفر» وتابعنا السير قرب جسر القطار الذي تحول إلى بركة ماء تتوسطها سيارة توقفت جراء ارتفاع منسوب المياه فعدنا أدراجنا بين الشوارع الفرعية علنا نصل إلى مقصدنا عن طريق شارع «أوكمان» باتجاه فورد الذي غرق هو الآخر وتحّول الشارع الممتد تحت جسر القطار أيضا إلى بحيرة صغيرة ورغم اتساع التقاطع بين «فورد والأوكمان» فقد كانت حركة السير مشلولة تماما عدا شاحنة كبيرة جدا تمكنت من اختراق المياه متسببة في إحداث موجة عالية جرفت معها سيارة كانت عالقة وسط الماء من الطرف الغربي للطريق.
لم يعد أمامنا سوى خيار واحد وهو العودة إلى المنزل، لتأخذ منا المسافة القصيرة قرابة النصف ساعة حتى تمكنا من الوصول، وعلى الفور تفقدت القبو «البيسمانت» فوجدت ما كنت أخشاه فالأشياء طافية على ماء أسود تتراقص جيئة وذهابا .
اتصلت بالصديق أبو العبد لأعتذر منه على عدم الحضور بسبب الظروف المطرية فرد علي معتذرا أيضا، وكان هو الآخر غارقا في المياه التي أتت على كل شيء في قبو منزله. وسارعت لأطمئن على الأصدقاء والجيران فكانوا جميعا مشغولين بنزح الماء من أقبية منازلهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلوث المياه الآسنة التي أعادتها مجارير البلدية إلى البيوت على سبيل الذكرى ليبقى هذا اليوم شاهدا على تقصيرها.
ويبدو المشهد جليا في اليوم التالي على أرصفة المنازل وفي ساحاتها الخلفية والتي امتلأت بالأثاث التالف من أسرة وسجاد وموكيت وأجهزة كهربائية وكومبيوترات وطابعات وملابس وأشياء أخرى أتت عليها المياه العادمة ، حيث سارع الناس للتخلص منها بعد أن تلوثت وأصبحت غير قابلة للإستعمال، ولما كانت مصائب قوم عند قوم فوائد فقد امتلأت سيارات جامعي الأشياء المستعملة على آخرها وباتت في حركة لا تهدأ تجمع القطع والأثاث لتأخذها إلى معامل إعادة التدوير.
ويبقى السؤال من سيعوض الناس آلاف الدولارات التي خسرتها كل عائلة ؟ البلدية التي على مايبدو كانت مقصرة في صيانة خطوط الصرف الصحي والذي تتقاضى عنها ضريبة شهرية تعادل مثلي استهلاك مياه الشرب ؟ أم التأمين الذي لايغطي هكذا حالات، أم يشكو المتضررون أمرهم الى الخالق ويعتبرون ماجرى قضاء وقدرا وعوضهم على الله.
Leave a Reply