ديربورن – سامر حجازي
في خطوة مفاجئة، أصدر الرئيس التنفيذي لشركة «ستارباكس» لمنتجات القهوة العملاقة هوارد شولتز بياناً علنياً ينكر فيه أن «الشركة توفِّر الدعم المالي لإسرائيل» وواصفاً هذه المزاعم بأنها «شائعات كاذبة».
وكان موضوع العلاقة التجارية وتأييد الشركة لإسرائيل قد ترددت أصداؤه على نطاق واسع واستمر مادة جدل وأخذٍ ورد وسط الجالية العربية الأميركية لأكثر من عقد.
ومع تصاعد الحرب الإسرائيلية الإجراميَّة على غزَّة مؤخَّراً، نشأت موجة متجددة متنامية لمقاطعة الشركة على المستوى المحلي. وكان العديد من السكان مستمرين في حملتهم ضدها بالدعوة إلى مقاطعة «ستارباكس» والطلب من مستهلكي القهوة ارتياد وإفادة شركات القهوة المنافِسة الأخرى مثل «تيم هورتون» و«بيغبي».
وعلى شبكة الإنترنت، استمر إسم «ستارباكس» بالظهور على مختلف قوائم المقاطعة، جنباً إلى جنب مع غيرها من الشركات التجاريَّة المعروفة عالمياً والتي تضمَّنتْ شركة «كوكا كولا» و«ماكدونالدز» و«نستلة» و«ريفلون» و«موتورولا». لكن في شهر يوليو (تمُّوز) الفائت نشرَتْ «صدى الوطن» تعليقاً شكَّك بصحة وجود بعض الشركات التي ظهرت في القائمة، مدلِّلاً أنَّ «ستارباكس» واحدة من تلك الشركات التي يُساء فهمها ويواصل أفراد الجالية استهدافها.
وفور نشر التعليق انهمرت ردود فعل متباينة، من بينها ردود سلبية من بعض القراء مفنِّدة بأن «ستارباكس» في الواقع تقوم بدعم إسرائيل وبأن شولتز، معروف بميوله الصهيونيَّة. وذهب بعضهم إلى حد توجيه الاتهام بأنَّ «صدى الوطن» قد «قبضت» من «ستاربكس» ثمن كتابة مثل هذا التعليق.
ومن حُسن الصدف، أنَّ الشركة نفسها أثبتت صحة موقف «صدى الوطن»، التي دائماً تتوخَّى الحقيقة مع الدقة، بعد بضعة أسابيع فقط من التعليق الذي تمّ تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الإجتماعي وأثار مناقشات حامية عبر صفحات «الفيسبوك» وحسابات «تويتر».
«الشائعات التي تدَّعي أنَّ «ستارباكس» أو هوارد يقدمان الدعم المالي للحكومة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي ليست صحيحة بتاتاً» قال ذلك بيان صادر عن الشركة في الأسبوع الماضي. وأضاف البيان «أن «ستارباكس» هي شركة مملوكة من القطاع العام (عبر أسهم مالية وارصدة البورصة)، وهذا التصنيف التجاري يتطلب الكشف الإلزامي عن أي عطايا تقدمها الشركات كل عام من خلال بيان الوكيل».
وأسهبت شركة منتجات القهوة في الحديث عن وجودها التجاري المكثَّف في الشرق الأوسط، مبرزةً أنها تعاونت مع الشركاء التجاريين في المنطقة منذ عام ١٩٩٩، حيث تشغل «ستاربكس» حالياً أكثر من ٦٠٠ موقعاً في المنطقة وتُباع منتجاتها أيضاً من قبل «مجموعة الشايع»، التي تدير أكثر من ٢٦٠٠ محلاَّ ًتجارياً . وعملت «ستاربكس» بنجاح في البلدان التي تشمل لبنان ومصر والأردن والسعودية وتركيا والامارات المتحدة وقطر والبحرين والمغرب، حسب البيان.
وكشف البيان الصحفي أيضاً معلومات فيما يخص حل الشراكة مع إسرائيل. حيث في مرحلة معينة كانت الشركة تدير ستة مواقع هناك، ولكنها قررَّت إغلاق المحلات بسبب عوامل اقتصادية. والحقيقة أن «ستارباكس» ليست لديها محلات في إسرائيل.
الناشطة العربية الاميركية ميرنا حيدر، التي تشارك في حملة سحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض العقوبات عليها «بي دي أس» منذ عام ٢٠٠٦، أدلتْ برأيها حول موقف الجالية من شركة «ستارباكس» بالقول انها أجرت أبحاثاً مكثَّفة حول الشركة ورئيسها التنفيذي، ولم تجد حتى الآن أدلة على أنها تدعم إسرائيل سياسياً أو اقتصادياً.
وقالت حيدر «لم أجد أن الشركة نفسها تموِّل إسرائيل بأي شكلٍ من الأشكال – لا الحكومة الإسرائيلية ولا قوات الدفاع الإسرائيلية، أما الشائعات فتنبع من مزاعم بأن الرئيس التنفيذي قد يقوم بتمويل إسرائيل بالمال من أرباحه الخاصة، ولكن لم يتم التحقق من هذا الأمر على الإطلاق».
وأضافت حيدر أنَّ «ستارباكس» لم تكن واحدة من الشركات المدرجة على لائحة حملة سحب الاستثمارات «بي دي أس» في موقعها على الإنترنيت والتي تُعتبر شديدة الدقَّة «لأن الحملة تقوم ببحث شامل ودقيق من أجل الخروج بأدلة دامغة».
وأردفت «ينبغي للجالية التوقف عن لعبة العار واللوم، والتركيز على جهد أكثر تنظيماً يصب في الاهتمام على مقاطعة الشركات التي تقوم فعلياً بتحويل الأموال مباشرة إلى الجيش الإسرائيلي». واستطردت «(هذا اللوم) مدمِّر لنا لأنه يصرف انتباهنا عن الطريقة الصحيحة لفعل أي شيء حيال (الشركات المتعاملة). بدلا من ذلك، نحن بحاجة إلى التركيز على الشركات المتورطة سياسياً واقتصادياً في دعم الدعاية الإسرائيلية، وللضغط على شعبنا لمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل بأنجع السبل والوسائل الممكنة».
وعلى الرغم من بيان «ستارباكس»، رفض كثير من المعلقين في «الفيسبوك» تصديق خبر النفي. واستشهد البعض بمعلومات مستقاة من الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» بأنَّ شولتز قد حصل على جائزة تكريم من جماعات الضغط الإسرائيلية في عام ١٩٩٨، في حين رأى آخرون في بيان «ستارباكس» بأنه مجرد «حيلة علاقات عامَّة».
وقال أحد مستخدمي الفيسبوك «إنَّهم كاذبون. مبيعاتهم ربَّما انخفضتْ في شهر تموز، وباعتقادهم أن وضع بيان كاذب كهذا من شأنه أنْ يساعد مبيعات شهر اغسطس (آب)».
وقال مستخدم آخر على الفيسبوك «اعتقد، سيقولون «ستارباكس» تفعل أي شيء للحصول على الدولارات. أعتقد أنها تماماً مثل الشركات الأخرى، تدعم إسرائيل. إفعلْ ما شئت، لكن من ناحيتي لن أذهب إلى ستارباكس».
غير أن مستخدماً آخر للتواصل الاجتماعي قال ««ستارباكس» هي شركة مملوكة للقطاع العام والرئيس التنفيذي العام فيها لا سيطرة له على مساهماتها المالية. ومن الناحية الشخصية، يمكنه أن يفعل ما يشاء. ليوقف الجميع هذا الجنون، فإذا كنت ترغب فعلاً في المقاطعة، فتأكد أيضاً من مقاطعة «كوكا كولا» المالكة لأكثر من ٤٥٠ شركة تجارية وأكثر من ثلاثة آلاف من معامل المشروبات والمرطبات».
ويختلف حجم ومستوى المقاطعة أيضاً بين أفراد الجالية. حيث يعتقد البعض بمقاطعة كل الشركات المعترف بها دوليا التي تقيم علاقات تجارية مع اسرائيل، في حين يركز البعض الآخر على الشركات التي تدعم بشكل مباشر الحكومة الإسرائيلية أو لديها مقرات تجارية هناك.
وعلى موقع سحب الاستثمارات من إسرائيل «بي دي أس» ورد إسم شركة «حُمُّص صابرة» و«صوداستريم» جنباً إلى جنب مع مستحضرات التجميل «أهافا» بانها الصادرات الإسرائيلية الأبرز إلى الولايات المتحدة، أمَّا لائحة الشركات العالمية المعروفة بأنها ساعدتْ الحكومة الإسرائيلية فتضمَّنتْ «أتش بي» و«موتورولا» و«هيونداي» و«فولفو» و«كاتربيلار».
لمزيد من المعلومات عن حركة «بي دي أس»، الرجاء زيارة الموقع التالي على الإنترنيت www.bdsmovement.net
Leave a Reply