بقلم خليل اسماعيل رمّال
قد تكون إسرائيل قد ربحت جولة في حربها ضد قطاع غزَّة بعد عملية إغتيال قادة المقاومة الثلاثة باستهداف منزلهم من خلال ١٢ طائرة حربية، لكنها حتماً خسرت الحرب. فبعد مفاوضات شاقة غير مثمرة في القاهرة وفترات هدنة كان الإحتلال الإسرائيلي المراوغ يهيّء فيها نفسه كل مرة لجولة جديدة، استأنفت تل أبيب عدوانها ومجازرها محاولةً تسجيل ولو نصر رمزي يسمح لها بحفظ ماء الوجه وإنهاء العدوان الذي جر عليها العار والهزيمة بسبب مفاجآت وصمود المقاومة والشعب الفلسطيني. هذه الاستماتة الإسرائيلية تذكرنا بمحاولات الكيان الغاصب الفاشلة في بنت جبيل اثناء حرب تموز على لبنان من أجل وضع علم الكيان على أحد البيوت من دون طائل!
وقد ارتكبت «حماس» خطأً تكتيكيا في هذه المفاوضات غير المجدية ربَّما بسبب الضغط القطري التركي، بعدم إقحام واستخدام محور المقاومة وإنهاء القطيعة مع سوريا التي كانت ستعطي المفاوض الفلسطيني زخماً أكبر. الا ان المفاوضات سمحت للعملاء بالتحرك على الأرض ورصد قادة المقاومة بعد هدوء الوضع الأمني وتراخي المقاومين. لكن استشهاد قادة القسام لا يبدو انه سيؤثر على اداء «حماس» أو «الجهاد الاسلامي» والفصائل الأخرى، كما لم يؤثر استشهاد الجعبري اثناء عملية «عمود السحاب» الماضية، حيث طورت المقاومة من بعده أساليبها الحربية والصاروخية.
وهكذا حلَّتْ حرب استنزاف على إسرائيل التي يدَّعي نتنياهو انها لن تؤثر على الكيان مهما طال أمدها وهذا كذب مفضوح لان مقتل اسرائيل هو حرب الاستنزاف الطويلة كما حصل مع مصر عبد الناصر ولذلك كان أسلوبها دوماً قبل عصر المقاومة هو الهجوم العسكري المباغت المفاجيء لأيام قليلة وتحقيق انتصارات عسكرية كاسحة ثم اعلان وقف إطلاق النار.
هذا الهجوم الإسرائيلي الصاعق أصبح من الماضي وبتنا اليوم أمام وقائع جديدة تضع اسرائيل إزاء خيارات أحلاها مر. فالجانب الفلسطيني ليس عنده شئ يخسره وبالتالي فانه لم يحقَّق نصراً بمجرد الصمود أمام آلة الحرب الصهيونية فحسب، بل كبَّد العدو خسائر جسيمة في العديد والعتاد ومنع توغله البري أيضاً. في المقابل تقف إسرائيل الخاسر الأكبر من حرب الاستنزاف.
كذلك أضحت المقاومة تهدد وتحاصر الكيان وتمنع مستوطنيه في الجنوب من العودة وتوقف الملاحة في مطاره الرئيسي وكل المنجزات هذه كانت قبل أقل من شهرين في حكم المعجزات. اسرائيل كيان مصطنع ومستوطنوه هم من المرفهين الذين كانت كل الحروب بعيدة عنهم ولم يتعودوا العيش في الملاجيء لذا فإن أكبر خطر على الكيان الذي يعتمد على هجرة اليهود من كل أنحاء العالم للاستيطان في فلسطين المحتلَّة وإبقاء حنفية المال الغربي مفتوحة بسبب عقدة ذنب «الهولوكست»، هو الهجرة المعاكسة من فلسطين لانها سوف تؤدي الى خلو المستوطنات ووقف مصادرة الاراضي الفلسطينية وحتى تهديد «يهودية» الكيان مقابل الغلبة الديموغرافية الفلسطينية في أراضي ١٩٤٨ والضفة والقطاع.
مهما تعددت الأسباب يبقى النصر الفلسطيني هو النصر الاستراتيجي الحاسم وسوف يترك تداعيات تسونامية كبيرة على مجمل الصراع العربي الإسرائيلي بالرغم من تقاعس الأنظمة العربية بل تواطؤها مع الاحتلال حسبما قيل وان الغد لناظره قريب.
Leave a Reply