علي حرب
أعلن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر السبت الماضي من ديترويت حرصه على حقوق المرأة وأعاد تأكيد دعمه لقيام حكم ذاتي فلسطيني ناجز ومستقل.
جاء كلام كارتر هذا بعد أنْ أُختير ليكون المتحدِّث الرئيسي في المؤتمر السنوي الـ«٥١ للجمعية الإسلامية في أميركا الشمالية «إسنا». والمؤتمر، هو واحد من أكبر التجمعات الإسلامية في البلاد، أقيم هذا العام في قاعة «كوبو» في مدينة ديترويت في نهاية الأسبوع خلال عطلة عيد العمال في أميركا.
جانب من المؤتمر يظهر كارتر وهو يحيي المؤتمرين |
وقد جذب المؤتمرالآلاف من المسلمين من كل حدبٍ وصوب ومن مختلف أنحاء البلاد حيث يتحول، مثل عادته كل سنة، إلى منبر للمحاضرات والندوات وخطابات المشايخ ذوي الشهرة العالمية البارزة كما تم تبادل وتفاعل الآراء في المؤتمر الذي استمر لأربعة أيام.
وقال كارتر في خطابه إنَّ كونه رئيساً أسبق لأميركا أعطاه حرية التحرك في جميع أنحاء العالم، والإجتماع بمن يريد ويقول ما يؤمن به.
وبعد فراغ الرئيس الأسبق من خطابه، قام مع مجموعة من الأئمة والمشايخ القادمين من جميع أنحاء العالم بالتوقيع على وثيقة تطالب بالمساواة والعدالة للنساء وتدين كل أشكال القمع والعنف ضدهن.
وقد أبدت الجماعات المعادية للمسلمين معارضتها لظهور كارتر في المؤتمر متهمة «إسنا» بأن لديها علاقات مع حركة «حماس» الفلسطينية ومع تنظيم «الإخوان المسلمين»، وهو ما تنفيه الجمعية الإسلامية.
وتحدث الرئيس التاسع والثلاثين لأميركا عن «مركز كارتر» الذي تبلغ موازنته السنوية ١٠٠ مليون دولار، وقال انه يركز على السلام، وخاصة في الشرق الأوسط، ويراقب الانتخابات أيضاً ويعزز الديمقراطية ويوفر الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية للمجتمعات المتخلفة دولياً.
وأضاف كارتر«ولكن ما أريد أن أتحدث إليكم عنه بعد ظهر هذا اليوم هو حول حقوق الإنسان»، ووصف القمع ضد المرأة بأنه «أفظع انتهاك لحقوق الإنسان على وجه الأرض».
وقال كارتر «التفسير الخاطئ للنصوص الدينية يمكن أن يؤدي إلى الظلم»، مشيراً إلى أنَّ القادة العنصريين في ولاية جورجيا، حيث نشأ وترعرع، كانوا يستعملون آياتٍ من الكتاب المقدس لتبرير التمييز العنصري. واستطرد «نحن جميعا نعرف الآن أنه كان تفسيراً زائفاً، وأحد أسباب الانتهاكات ضد الإناث هو سوء تفسير الكتب المقدسة حول معاملة النساء والفتيات».
وعدد كارتر قائمة الانتهاكات التي ارتكبت ضد النساء في الولايات المتحدة وحول العالم مؤكداً انه كل شهر يتم إحضار من ٢٠٠ إلى ٣٠٠ فتاة إلى مدينة «أتلانتا» ضد إرادتهن ويجري بيعهن في سوق الرقيق الجنسي.
وأردف «إنَّ النظاميَن الأكثر إحتراماً في أميركا هما نظامنا الجامعي، الذي هو صرح كبير، وجيشنا. لكن واحدة من كل خمس فتيات تلتحقن في جامعة أميركية تقع ضحية اعتداء جنسي قبل أن تنهي السنة الرابعة في الكلية، والسبب في ذلك هو أن الرؤساء وعمداء الكليات لا يريدون أنْ يعترفوا بأن الاعتداءات الجنسية تحدث في جامعاتهم، ولذلك ينصحون الفتيات بعدم إثارة القضية قانونياً ضد مغتصبيهن».
وقال «في الجيش الاميركي لا يتم إحضار أكثر من حوالي ١ بالمئة من الحالات المسجلة للاعتداء الجنسي، إلى العدالة». وتحدث كارتر أيضاً عن زواج الأطفال وختان الإناث في جميع أنحاء العالم، فقال «في مصر في هذه اللحظة، على الرغم من القانون ضد تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ٩٠ بالمئة من كل النساء تم قطع أو تشويه أعضائهن الجنسية، وعبر العديد من البلدان في أفريقيا لا تزال هذه الممارسة موجودة».
وكشف كارتر أنَّ مركزه يعمل بالشراكة مع الإمام الأكبر لجامعة الأزهر الإسلامية في القاهرة لإعداد وثيقة تبين أنه لا يوجد مكان في القرآن يقول إن النساء أقل شأناً من الرجال.
ونسب كارتر الى القران الكريم القول «إنَّ النساء والرجال هم على قدم المساواة وخُلقوا من نفسٍ واحدة».
وأضاف «إن بعض المسلمين والمسيحيين مذنبون بإساءة تفسير الكتب المقدسة وأن أفضل طريقة للرجال لدعم حقوق المرأة هي التعامل مع زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم على قدم المساواة والاحترام». وأشار كارتر إلى انه «إذا كنت تعلمت ذلك من والديك أو كنت أنت تعتقد أنك متفوق على زوجتك فقط لأنك رجل، فإنَّ الله تعالى يقول إنك على خطأ».
وتطرق كارتر إلى بعض القضايا السياسية في جلسة أسئلة وأجوبة قصيرة مع المديرالتنفيذي في «إسنا» حازم باطا بعد خطابه. وطالب كارتر بإغلاق سجن خليج غوانتانامو وذكر بضرورة إقامة الحكم الذاتي الكامل للشعب الفلسطيني كشرط أساسي للسلام في الشرق الأوسط.
وخلص إلى القول «لا يمكنك إحلال السلام في الشرق الأوسط من دون تحقيق العدالة والحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني».
..وسنايدر يؤكد الدعم لإسرائيل
وواجه حاكم ولاية ميشيغن ريك سنايدر إنتقادات مماثلة لكارتر بعد تحدثه في المؤتمر. لكنه لم يخيِّب آمال اللوبي الاسرائيلي في خطابه يوم الجمعة بل و نجح في إغضاب المنظمات الإسلامية في جميع أنحاء البلاد، بما فيها «إسنا» التي استضافته. وبعد فوات الأوان حثت الجمعيات والمنظمات الاسلامية أعضاءها وأنصارها على الاتصال بالحاكم اللاعادل في موقفه ورفض تصريحاته المؤيدة لإسرائيل في عقر المؤتمر.
وقال بيان صادر عن «إسنا» يوم الثلاثاء «لقد درج التقليد دائماً من قبل المنظمة على دعوة حاكم الولاية التي يُعقد فيها المؤتمر لالقاء كلمة ولسوء الحظ، قرب نهاية مقدمته الترحيبية، أكد سنايدر بشكل غير متوقع على حق إسرائيل في الوجود دون أي ذكر لحقوق الإنسان الفلسطيني، وكان هذا الدعم مسيئاً للمشاعر في ظل استشهاد أعداد كبيرة من الفلسطينيين في غزَّة بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية»، وأضاف البيان «نحن نحث الجميع على الاتصال بمكتب المحافظ سنايدر والتعبير له بأن للشعب الفلسطيني أيضاً الحق في الوجود وفي أن يكون حراً على أرضه وان يتم وضع حد فوري للاحتلال الاسرائيلي».
وكان سنايدر قد لطَّف من تأييده الحازم لدولة الاحتلال بالدعوة إلى «السلام والتعايش بين مختلف الطوائف الدينية» وشكر«إسنا» على مسعاها للتواصل والتقريب بين الأديان.
وقد أدان «مجلس ميشيغن للجالية الإسلامية» خطاب سنايدر أيضاً وأصدر بياناً على صفحته على الفيسبوك يقول «إننا محبطين أن سنايدر إستغل هذه الفرصة لكي يتفادى الكلام عن حقوق الإنسان الفلسطيني بل أيضاً ليؤكد حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». وحثت المنظمة الإسلامية مؤيديها وأعضاءها على الإتصال بسنايدر والتنديد بخطابه المنحاز..
Leave a Reply