خليل إسماعيل رمَّال
الحرب التي أعلنها باراك حسين أوباما ضد «داعش» عشية الذكرى الثالثة عشر لهجمات أيلول الإرهابية، دونها إشكاليات كثيرة وهي حمَّالة أوجه، لكن في المحصلة النهائية يمكن القول أنَّها تصب في خدمة الأمن القومي الاسرائيلي والأميركي مباشرة وحلفائه العرب الجدد.
ولعلَّ من المفارقات أنْ يلقي أوباما خطابه بعد إتصالٍ مع ملك السعودية، أراد الإعلام السعودي التأكيد عل حصوله، في وقتٍ كانت أميركا تحيي ذكرى ٣٠٠٠ من الأبرياء الذين ذهبوا ضحية الإرهابيين الذين كانوا معظمهم من السعوديين، مثل المرتزقة الذين يحاربون مع «داعش» اليوم التي يدَّعي الرئيس الاميركي محاربتها. وما يبعث على الريبة في الحرب الجديدة، الأمور التالية:
– الحرب الباردة الروسية الاميركية اتيةٌ لا ريب فيها بعد إحساس الولايات المتَّحدة بخسارة أوكرانيا لذا تريد التعويض بغنم العراق من جديد والدخول اليه كمحرر بعد خروجها منه كمستعمر وتمنع القيصر الجديد بوتين، في نفس الوقت، من الوصول الى المياه الدافئة في المشرق العربي.
– إعطاء جائزة ترضية وتعويض لإسرائيل بعد خسارتها في حرب غزَّة عقب انتصار المقاومة الفلسطينية وتعويض حكومة نتنياهو رغم عدم وجود كيمياء بينه وبين أوباما إلا ان مصلحة اسرائيل تبقى في راس أولويات أميركا. تعويم أوباما هو مطلب أميركي لمنع التبعات الخطيرة علَى المجتمع الاسرائيلي بعد تجربة الحرب وتصدع الجبهة الداخلية وكذلك لمنع المقاومة في لبنان من الاستفادة من الثغرات الهائلة في اداء الجيش الصهيوني. كذلك تتم مصلحة اسرائيل من خلال ايجاد خطر جديد وعدو مستجد يبعد القضية الفلسطينية عن موقع الصدارة التي أحتلتها بعد انتصار غزَّة.
– المصلحة الإسرائيلية تتم أيضاً من خلال إبقاء سوريا ممزقة ومشغولة عن الصراع العربي الفلسطيني ومنعها من الإنتصار في حربها ضد نفس الإرهاب. ويبدو أنَّ خطورة استراتيجية أوباما المنسَّقَة مع السعودية هي انها قد تستهدف ضرب الجيش السوري أو تحظر الطيران السوري او تفتعل الاصطدام معه كذريعة لإعادة الضربة العسكرية التي لم ينس أوباما مرارة تراجعه عنها بعد ادعاء استخدام السلاح الكيماوي.
– السعودية عادة حذرة ولا تعلن عن تدريب مجموعات معارضة في أراضيها بإشراف الاستخبارات الاميركية لو لم تتفق على ما يبدو مع أميركا. فمقابل الخطر الذي قد يطالها من «داعش»، قبلت السعودية بدور نشط ضد «الإرهاب» بعد حصولها على الأرجح على ضمانات أميركية بالتفاهم معها بخصوص الاندفاعة الاميركية تجاه إيران وتعويم المعارضة السورية وضرب مفاصل الجيش السوري الذي يحقق انتصارات مهمة واستمرار العمل على إسقاط الأسد. وفي لبنان رضخت الولايات المتحدة لإرادة السعودية بإبقاء «توازن» ولو من «داعش» في جرود عرسال ضد «حزب الله» ومنع الجيش اللبناني من التسلُّح وعدم إراحة سوريا والمقاومة وانهاكهما من خلال جبهة القلمون .
– لو كان الغرب وأوباما مهتمين فعلاً بالحرب على الإرهاب لنسقوا مع الحكومة السورية التي تحارب هذا الطاعون من ثلاث سنوات، لا مع المعارضة التي لا وجود لها على الارض والتي جاءت بالمرتزقة من التكفيريين. ومن مهازل هذا الزمن أنْ ينخرط الذين ساهموا في نمو وحش «داعش» ومدوه بكل أسباب البقاء والحياة والتمدد، هم الذين يدعون شن الحرب ضده اليوم. لكن هذه الحرب لن تنجح ولن تحقق أهدافها المعلَنة وغير المعلَنة خصوصاً ضرب سوريا ومحور المقاومة وتحجيم إيران روسيا لأنَّ هذا المحور ما زال يملك الكثير من أوراق الحل والربط والأدلة التاريخية متوفرة بكثرة.
Leave a Reply