ديربورن – سامر حجازي وعلي حرب
قال شريف مقاطعة «وين» بيني نابليون إنَّ ادارته يمكن أن تلعب دوراً أكبر فـي ضمان سلامة ديترويت والمدن المحيطة بها. وفـي مقابلة مع «صدى الوطن»، تناول نابليون بحضور نائبه العربي الأميركي ماهر (مايك) جعفر، الحديث عن التحديات المالية التي تواجه المقاطعة بشكل عام وإدارته بشكل خاص، وأكد أن دائرة «الشريف» فـي مقاطعة «وين» لم تشارك فـي مشروع السجن الفاشل كما سلّط الضوء على أهمية التنوع والتعددية فـي دائرته.
وتطرق نابليون إلى بروز دور أكبر لعناصر «الشريف» فـي شوارع ديترويت والمدن المحيطة بها. مشيراً الى أنَّ ارتفاع نسبة دوريات سيارة «الشريف» وتواجد افرادها فـي الشوارع هو جزء من برنامج «الفريق المديني المنظَّم للجالية» التابع للمقاطعة والمعروف باسم «سكاوت»، ويتضمَّن هذا البرنامج إيفاد عناصر «الشريف» بشكل مرئي وظاهر ومتمكن للغاية لمساعدة السلطات ومنظمات المجتمع المحلي ومعالجة القضايا الأمنية والحياتية التي تواجههم. وفـي عدة مناطق من ديترويت، كما وضعت إدارة «الشريف» مراكز أمنية متنقلة بالتنسيق مع أصحاب الأعمال والمتاجر ومحطات الوقود، الذين يسمحون عادة باستخدام محلاتهم كمراكز مؤقتة لعناصر «الشريف» أو ما يسمى بـ«سكاوت». ذات الفرق القادرة على القيام بدوريات ضمن دائرة قطرها أربعة أميال المحيطة بتلك المواقع.
وقال كل من نابليون وجعفر أن هذه الاستراتيجية قد ساهمت الى حد بعيد بخفض الجريمة فـي الأحياء وحافظت على تهدئة روع ومخاوف أصحاب الأعمال والسكان ضمن المناطق المحيطة بها. وأعربا عن أملهما بحصول «الشريف» على مزيد من التمويل فـي المستقبل لتوسيع نطاق هذه العملية إلى مدن أخرى فـي المقاطعة مثل «إنكستر» و«تايلور».
وذكر جعفر «إنَّ برنامج «سكاوت» يمنح بالتأكيد راحة البال للمقيمين والشركات الاقتصادية واصحابها. والشيء الملفت فـي ذلك هو إدبار الأشرار بعيداً. ما أتمناه هو أن يكون لدينا المزيد من الموارد المالية والبشرية للقيام بذلك وتوسيع إطار دورياتنا لأنها تفعل الجدير للأحياء، وهذا دليل على «جهد» عناصر «سكاوت» الاحتياطي لدينا».
كما أكد نابليون أن نقص التمويل يحول دون التوسع فـي البرنامج. وفـي الواقع، يبدو أنَّ التمويل هو أكبر معارك دائرة «الشريف» المضنية فـي مقاطعة «وين» خلال السنوات الأخيرة. وأضاف «دائماً المال هو كل شيء، وعندما نقصي المال، يستمر المال فـي القفز الى المقدمة».
بيني نابليون ونائبه مايك (ماهر) جعفر يتحدثان لـ «صدى الوطن» |
وأردف أن إدارة «الشريف» قد ابتليت بالعجز المالي لعدة سنوات وحتى الآن، حيث وضعت إدارة المقاطعة حدوداً على ميزانياتها مما إجبرها على إغلاق عدة وحدات، بما فـي ذلك قسم الجريمة «السايبيرية» ومكافحة المخدرات.
وقد أجبرت الموارد المحدودة أيضاً نابليون على وضع عناصره على جدول الخدمة الإضافـية مع استمرار استقبال السجن للمزيد من النزلاء مقابل شُح فـي ميزانيات دائرة «الشريف». وأشار نابليون إلى أن إدارة المقاطعة التي تشرف على ميزانيته وتقرها، سوف توفر الملايين من الدولارات سنوياً لو قامت بتوظيف المزيد من عناصر «الشريف» بدلاً من حمل العناصر الحاليين أصحاب الرتب العليا على العمل لساعات إضافـية مدفوعة برسوم مرتفعة جداً. وأعرب نابليون عن حاجة دائرة الشريف لتوظيف ٢٥٠ عنصر إضافـي، ولكن حكومة المقاطعة وافقت على توظيف ٨٠ من العناصر الجدد فقط. على أنَّ انخفاض معدَّل الأجور يخلق مشاكل فـي التجنيد. فالشريف نابليون يريد أن يكون متحكِّماً بعملية التوظيف التي يتم ادارتها الآن من قبل حكومة المقاطعة. يبدأ عنصر «الشريف» فـي مقاطعة «وين» حاليا براتب قدره ٢٨ ألف دولار فـي السنة. ومع أخذ ساعات العمل الإضافـية فـي الحسبان، فإن الراتب قد يرتفع الى ٤٢ ألف دولار. وقال نابليون إنَّ المقاطعة تحتاج إلى إعادة هيكلة نظامها، لأنها تدفع للنقباء تقريباً ضعفـي راتب عناصر «شريف» المقاطعة للقيام بنفس العمل.
وأوضح قائلاً «عناصر «الشريف» يعملون ساعات إضافـية لأننا ليس لدينا ما يكفـي، فـي حين لدى المقاطعة «شريف» برتبة نقباء يتقاضون أجوراً مرتفعة تزيد عن ٨٠ ألف دولار فـي السنة يقومون بمهمات العناصر العادية وهذا لا يحمل أي معنى اقتصادي. فقط ينبغي توظيف المزيد من العناصر، لكن حكومة المقاطعة ترفض ذلك».
وتخوض إدارة «الشريف» حالياً معركة قضائية مع حكومة المقاطعة فـي محاولة لإلغاء أمر من المحكمة عمره ٤٠ عاماً والذي يحدِّد قدرة استيعاب مساحة السجن فـي دائرة مقاطعة «وين» بـ ١٧٧٦ سجين. وحسب نابليون فإنه فـي الوقت الراهن، يحتوي السجن على أكثر من ٢٢٠٠ سجين وأنه لا يملك السلطة لإطلاق سراح أي نزيل لخفض الاكتظاظ كون القرار يعود إلى السلطات القضائية. وأكد نابليون «لدي ٥٠٠ من السجناء الفائضين يومياً عن ما حددته المقاطعة فـي الميزانية المخصصة لدائرتي» وأضاف «منذ اللحظة التي تقع فـيها ميزانيتي بالعجز هم يعرفون بأن علي مراقبة السجناء وعلي واجب إطعامهم وكسوتهم ومنحهم العناية الطبية. كل تلك الأشياء يجب أن تحصل».
وأردف نابليون أنه بمجرد أن تفوق قدرة السجن عن ١٧٧٦سجين، مطلوب منه فتح المزيد من طوابق فـي السجن لإيوائهم. وهذا يعني، أنَّ عليه توظيف حراس إضافـيين ودفع المرافق الإضافـية ورعاية السجناء، بالإضافة إلى ذلك لا تأخذ حكومة المقاطعة بقيد الحسبان ٦٠٠ شخص آخرين هم على قائمة المراقبة الإلكترونية.
وبسبب بنية النظام الحالي، قال نابليون، يضم السجن فـي مقاطعة «وين» عدداً غير عادي من المجرمين يشكلون٩٠ بالمئة من النزلاء. عادة ما تحتجز سجون المقاطعة السجناء الذين ينتظرون المحاكمة أو يقضون فترة عقوبة جنحة ارتكبوها، ولكن بسبب اكتظاظ سجن مقاطعة «وين» بالسجناء فإنَّ الأفراد الذين يرتكبون جنحة لديهم فرصة كبيرة بوضعهم على المراقبة الإلكترونية بدلاً من حجزهم فـي واحد من سجون المقاطعة الثلاثة.
المقاطعة لم تحاول تحسين نظام السجون مع بناء منشأة جديدة فـي وسط مدينة ديترويت، يشار إليها الآن باسم «مشروع سجن مقاطعة وين الفاشل». وقال الشريف نابليون انه لم يشارك على الإطلاق فـي دراسة المشروع او اقراره بل لم يستشره أحد بهذا الشأن بحسب ما قال.
فالسجن الجديد الذي كان من المفترض أن يتم بناؤه على ضفة الشارع المقابل لـ«محكمة دائرة المقاطعة» (فرانك مورفـي هول اوف جاستيس)، فـي وسط مدينة ديترويت توقف بعد أنْ بلغت النفقات ٩١ مليون دولار فوق ميزانيته التي أقرتها حكومة المقاطعة. واتهم ثلاثة مسؤولين فـي المقاطعة بسوء الإدارة والإهمال فـي ما يتعلق بالمشروع.
وأوضح نابليون أن الهدف من المشروع هو إغلاق جميع السجون الثلاثة فـي ديترويت والسماح للعملية بتشغيل سجن واحد كبير، والذي من شأنه أن يوفر على المقاطعة من ٢٥ إلى ٣٠ مليون دولار سنوياً.
واستطرد «لقد عُزلنا وأُبعدنا نحن عن هذه العملية ولم نكن جزءاً بأي شكل من الأشكال فـي التصميم والتخطيط أو تلزيم المقاولين وتم إحضارنا الى الطاولة بعد إتمام كل شيء فـي النهاية وقالوا لنا هذا هو المشروع .. هل يعجبكم؟».
وقال نابليون انه كان ينبغي التشاور معه حول السجن منذ بداية المشروع، حتى يتمكن من تقديم توصيات إلى المشروع الذي سوف تديره دائرته فـي النهاية. واستطرد «لقد خلق هذا انعدام المشورة» بعض المشاكل التي نراها اليوم لأننا استبعدنا. ثم قاموا بجميع أنواع الافتراضات حيال التوظيف من دون التحدث الى موظفـي «الشريف»، كما قاموا بأحداث تغييرات فـي التصميم من دون التحدث إلينا. أعتقد أن هذا هو أحد الأسباب لفشل المشروع حتى الآن».
وكشف نابليون أنه قد تواصل مع وورن إيفانز، المرشح الديمقراطي لمنصب محافظ مقاطعة «وين»، الذي يتوقع أنْ يفوز فـي الإنتخابات بسهولة فـي ٤ تشرين الثاني «نوفمبر» المقبل. وأعرب عن تفاؤله الشديد «حول المحافظ المفترض الجديد، الذي يعتبر شخصاً مهنياً يتفهم التحديات التي لدينا ومدى أهمية السلامة العامة، وأعتقد أنه سيكون أكثر موافقة بكثير للعمل – من ضمن الإمكانيات المتاحة – لجعل السلامة العامة أولوية قصوى». يذكر بن وورن افـينز تبوء مركز «الشريف» فـي مقاطعة «وين» قبل ان يستقيل وينتقل لقيادة شرطة ديترويت.
فـي العام الماضي، ترشح نابليون لرئاسة بلدية ديترويت، لكنه خسر السباق أمام مايك داغن. والآن يتواصل نابليون مع داغن بوتيرة أكثر ويريد إقامة علاقة أقوى مع بلدية ديترويت فـي المستقبل.
وأفصح ان إدارته يمكن أن تكون شريكاً هاماً فـي حفظ الأمن فـي ديترويت إذا حاز على التمويل المناسب. وأن عناصر «الشريف» يمكن أن يساعدوا فـي ديترويت من خلال استهداف بعض الجرائم التي أعيت الشرطة المنهكة فـي ديترويت.
وأضاف أن دائرة «الشريف» هي فـي أفضل وضع لمساعدة الشرطة فـي مختلف المجتمعات وفـي جميع أنحاء المقاطعة لأن افرادها يمكن أن يعبروا من مدينة إلى أخرى بسلاسة دون مساءلة حول السيادية وتعقيداتها.
وقال نابليون «لا يمكن لمدينة ديترويت أن تتغير إذا لم تصبح أحياؤها السكنية مكانا جاذبا للشباب بحيث يمكنهم العيش بأمان وتأسيس عائلة وإرسال أولادهم إلى المدارس».
وأضاف «أنا لا أتحدث عن وسط المدينة (الداون تاون) وإنما أتحدث عن الأحياء التي تجسد حقيقة المدينة».
وذكر ميزة أخرى فـي دائرته هي أنَّ لديها قوة عمل متنوعة حيث حصلت على سمعة ايجابية فـي السنوات الأخيرة لتوظيف عناصر «الشريف» المؤهلين من العرب والأفارقة الأميركيين، وهي ناحية تعاني العديد من البلديات المحلية من نقصٍ شديدٍ فـيها. وأكد نابليون أهمية التنوع فـي إدارته.
وحسب قوله فإنَّ «الشرطة التي تعكس تنوع المجتمع الذي تخدمه هي أكثر قدرة فـي الحصول على دعم واحترام هذا المجتمع. لقد كنت من أشد المؤمنين بهذا خلال مسيرتي المهنية بأكملها. لدينا الكثير من عناصر «الشريف» الذين يشبهون ابناء المجتمعات الذين يخدمونهم». وأضاف أنه «مرتاح جداً» بوجود نائبه مايك جعفر الى جانبه، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالجالية العربية الأميركية. وأشار «لقد كان دائما يفكر بخدمة مجتمعه وجاليته، وأنه يدرك كم هو مهم بالنسبة لي وجود قسم لدينا يستجيب لمطالب الجالية العربية الامنية، وهو لديه حرية حركة كبيرة لتقديم توصيات الى الذين يعملون معه فـي الجالية، ويدرك ضرورة التنوع»
هذه الشهادة مِنْ نابليون بانت صدقيتها من خلال تعامل «شريف مقاطعة وين» مع المهرجان العربي الأخير الذي أقيم فـي مدينة ديربورن فـي ٢٠١٢. وفـي الشهر الماضي، أيدت محكمة فـيدرالية رفض دعوى قضائية رُفعَت ضد «الشريف» من قبل جماعة مسيحية متطرفة معادية للإسلام كانت قد صدت وأجبرت على الإنسحاب من قبل عناصر «الشريف» بعد أن إقتحمت فعاليات المهرجان وتسببت بتشنجات وشجار مع رواد المهرجان من المسلمين والعرب فـي تلك السنة.
وكان عناصر «شريف» المقاطعة قد طلبوا من المتطرفـين المسيحيين مغادرة المهرجان قبل اعتبار استفزازهم لمشاعر المسلمين من رواد المهرجان خطراً يهدد السلامة العامة.
المتظاهرون المسيحيون المتطرفـون الذين كانوا يرفعون رأس خنزير على عصا إضافة الى شعارات مكتوبة تشهر بالإسلام ورموزه، خُصِّصتْ لهم منطقة محددة من أجل حرية التعبير عن أرائهم التي يكفلها الدستور الأميركي. ولكن عندما بدأت مواجهات الإستفزاز تشتعل بينهم وبين رواد المهرجان، تم فض الاحتجاج. وأقامت الجماعة دعوى قضائية ضد المسؤولين عن المهرجان وبلدية ديربورن وشملت الدعوى أيضاً دائرة «الشريف» فـي مقاطعة «وين»، تزعم فـيها أنهم انتهكوا حقوق الرأي المنصوص عليها فـي التعديل الدستوري الأول.
وقال نابليون فـي هذا الصدد «نحن ندرك أن الناس لديهم الحق فـي الاحتجاج ولديهم الحق فـي حرية التعبير، لكن عليهم أيضاً أن يفعلوا ذلك بطريقة معقولة لا تهدد السلامة العامة. نحن لم نهتم بما كان مضمون الكلام. وقد أزلناهم من المهرجان فقط عندما ظننا أنهم أصبحوا يشكلون تهديداً وشيكاً على السلامة العامة. أعتقد أننا فعلنا الشيء الصحيح».
على الرغم من بعض الانتكاسات، يبدو نابليون متفائلاً حول مستقبل دائرة «الشريف» فـي مقاطعة «وين» وهو يستعد لاعادة قسم مكافحة المخدرات فـي خريف هذا العام، والتركيز على برنامج «سكاوت» وتوسيعه.
وختم بالقول «فعلنا جيداً بالتعاطي مع هذه الميزانية. مهمتنا الأساسية هي العمل من اجل السلامة العامة والأمن فـي هذا الظرف الحساس فـي تاريخ أمتنا، وتعقب أخطر المجرمين فـي أميركا ومداهمة اوكار الدعارة وتجار المخدرات ومحاربة الجريمة وكبح المجرمين. ان عناصر «الشريف» يذهبون للعمل يوماً بعد يوم، ويتعاملون مع ظروف صعبة للغاية. أريد من الناس أن يقدروا العمل الذي يقومون به وبمهنية عالية».
Leave a Reply