صخر نصر
استيقظت من قيلولتي على عجل بعد سماع جلبة فـي الشارع وأصوات «زمامير» سيارات وموسيقى، فهرعت إلى النافذة لأرى ماذا يحصل فـي الشارع وما إن فتحت النافذة حتى دخل غبار متناثر من على طريق «الهارت ويل» المحفر، الذي بدأت البلدية بإصلاحه ولم تنتهِ منه حتى الآن.
خيل إلي للحظة الأولى أني فـي البلد الأم، فالغبار والأصوات وزمامير السيارات والشبان الذين يجلسون على ابواب السيارات وخرجت أجسادهم من النوافذ فـيما كانت منطلقة فـي رتل تصدح من بعضها موسيقا صاخبة فـيما فضل آخرون الغناء بصوت عال تعبيرا عن فرحتهم، وماهي إلا دقائق حتى مرت سيارة ليموزين بيضاء مزدانة بالورود والبالونات، وقد حسبتها سيارة العروسين، ثم تبعتها ليموزين أخرى لاتقل بهاء عن سابقتها ثم تبعتها ثالثة فـي تراتل مهيب وتلا سيارات الليموزين الثلاث رتل من السيارات أوله كان على شارع «شيفر» وآخره على شارع «الميبل».
ربما تكون هذه الظاهرة قليلة فـي ديربورن، لكنها موجودة، فالاحتفال بالعروسين بهذه الطريقة يلفت النظر، ويعيد للأذهان الطرق التي يحتفل بها أهالي العروسين بأبنائهم فـي بلداننا العربية مع مظاهرالبذخ والمغالاة فـي الإنفاق على حفلة العمر كما يحب كثيرون أن يطلقوا عليها، صحيح أن المناسبة قد تكون لمرة واحدة فـي الحياة، لكن هذا لا يعني أبداً أن ننفق مالا كثيرا من أجل المباهاة وأخذ الصور التذكارية بكاميرات الفـيديو التي رافقت رتل السيارات من بدايته حتى نهايته.
وربما يقول بعضهم أن هذه المسألة شخصية ومن حق كل عريس مقتدر ويملك المال أن يقيم عرسا يتحدث الناس عنه لأجيال، ولكن هناك شبان كثر غير قادرين على إقامة مثل هذه الحفلات وقد يتسبب تكرار هذه الاحتفالات وبهذه الطريقة الكثير من الحرج لإقامة حفل مماثل أو مقارب له وقد تكون شروط أهل العروس تعجيزية وتتطلب إقامة حفل فـي صالات فخمة ومطربين وليموزين ومدعويين وعشاءً فاخراً وورود وفساتين من باريس وأحذية من إيطاليا ومصاغاً ذهبياً من الهند وعند ذلك يبقى الكثير من أبنائنا بلا زواج.
قديما وعلى أيامنا أو الجيل الذي سبقنا كانت البساطة عنوان أي زواج فلا صالات ولا «ليموزينات» ولا تابلوهات زهور وكاميرات فـيديو، كان زامر الحي يطرب الجميع وتعقد على أصوات الناي حلقات الدبكة والرقص يشارك فـيها الشباب والشياب وتستمر السهرة حتى الصباح يشارك فـيها المدعوون وغير المدعوين ويذهب العروسان لقضاء شهر العسل وغالبا ما كانا يستقلان «البوسطة» ليموزين أيام زمان. ويبقى الحفل مجرد ذكرى تمحوها الايام شيئا فشيئا.
sakherna@yahoo.com
Leave a Reply