واشنطن – كانت لوريتا لينش مدعية عامة فيدرالية فـي نيويورك عندما واجهتها قضية مذهلة تتعلق بوحشية الشرطة وهي اللواط بعصا المكنسة ضد مهاجرة من هايتي فـي حمام دائرة الشرطة.
وتسبب هذا الاعتداء الجنسي المريع على ابنير لويما عام ١٩٩٧ بقيام احتجاجات شعبية واسعة فـي الشوارع، وتوتير العلاقات العرقية فـي المدينة، كما أدى إلى خلق واحدة من أهم قضايا الحقوق المدنية الفـيدرالية خلال العقدين الماضيين بالتزامن مع وجود لينش كمشاركة رئيسية فـي الفريق الذي حاكم عناصر الأمن المتهمين فـي الضرب أو فـي تغطية الجرم.
ويأتي ترشيح لينش من قبل الرئيس باراك أوباما إلى منصب المدعي العام الفـيدرالي (وزارة العدل) فـي وقتٍ حساس حيث تواصل فـيه الوزارة التحقيق فـي قتل شرطي أبيض لشاب أعزل أسود يبلغ من العمر ١٨ عاماً فـي مدينة فـيرغيسون بولاية ميسوري، ولنقل رسالة مفادها أن سوء سلوك الشرطة والحقوق المدنية سوف يبقيان محط تركيز رئيسي لدى الإدارة الأميركية حتى بعد رحيل إيريك هولدر وزير العدل الحالي. وإذا ثبَّت مجلس الشيوخ المرشحة الجديدة فإن لينش ستكون أول إمرأة سوداء فـي الوزارة مقتفـية أثر أول وزير عدل أسود فـي تاريخ أميركا.
وخبرت لينش عن كثب قضايا الفساد والإرهاب والعصابات عبر السنين بصفتها المدعي العام الفـيدرالي لمقاطعة شرق نيويورك. ولكن مشاركتها قبل نحو ١٥ عاماً فـي تحريك النيابة العامة للدفاع عن الضحية لويما هي التي أكسبتها خبرة رفـيعة المستوى فـي خطوة ذات أولوية أساسية للنيابة.
وقال صموئيل باغينستوس، المسؤول الثاني السابق فـي دائرة الحقوق المدنية فـي وزارة الخارجية «ان من المهم بالتأكيد أن لديها تاريخاً شخصياً للمشاركة فـي مقاضاة سوء سلوك الشرطة». وأضاف «من الواضح أن هذا سيكون مفـيداً»، مشيراً ربَّما إلى أن قضايا سوء سلوك الشرطة ستظل من أولويات وزارة العدل تحت إدارة لينش تماماً كما كانت تحت إدارة الوزير الحالي هولدر.
ويقول محامون أنَّ أوباما قد يكون اختار لينش (٥٥ عاماً)، بسبب تدرجها المهني ومكانتها داخل إدارة النيابة العامة لمنطقة شرق نيويورك.
وقال أوباما فـي تقديمه للينش فـي مراسم أقيمت فـي البيت الابيض يوم السبت الماضي «لقد أمضت سنوات فـي الخطوط الأمامية فـي منصب المدعي العام، محاربةً الإرهاب بقوة والاحتيال المالي، وجرائم الإنترنت، فـي حين لم تألُ جهداً للدفاع بقوة عن الحقوق المدنيَّة»، وأضاف أن مقاضاة عناصر الشرطة فـي قضية لويما كانت «واحدة من أعظم إنجازاتها».
ولا شك فـي أن اختيار شخص من ذوي الخبرة فـي الحقوق المدنية يسعف فـي تأكيد التزام الحكومة فـي تلك القضايا الانسانية. وهذه إشارة مهمة لسكان مدينة فـيرغيسون الذين يستعدون لإحتمال حقيقي بأن الدولة الفـيدرالية والتحقيق الذي يطال إطلاق النار على الفتى مايكل براون سوف يُغلق من دون توجيه اتهامات جنائية لعناصر الشرطة، وإذا حصلت هذه النتيجة فـيمكن ان تشكل خيبة أمل لنشطاء الحقوق المدنية وأفراد المجتمع في المدينة.
وقال الوزير الحالي هولدر انه يتوقع استكمال التحقيق الفـيدرالي قبل أن يستقيل، ولكن مهما كان سترث لينش التحقيقات الأخرى فـي الحقوق المدنية المتعلقة بممارسات إدارة شرطة فـيرغيسون بأكملها.
والتحقيق الحالي هو واحد من حوالي ٢٠ تحقيقاً بادرت وزارة العدل إلى اجرائه مع أقسام الشرطة المتعثرة فـي السنوات الخمس الماضية، أي أكثر من ضعف عدد التحقيقات فـي السنوات الخمس التي سبقت ذلك. هذه التحقيقات هي جزء من حملة واسعة للحقوق المدنية – كتحدي القوانين الصارمة لتحديد هوية الناخبين والتشجيع على تغيير الكيفـية التي يفاوض فـيها المدعون العامون الفـيدراليون الأحكام القضائية، من بين جهود أخرى – ومن المرجح أن تساعد كل هذه القضايا القضائية فـي تكوين إرث تاريخي حافل لهولدر.
أنصار هولدر يتوقعون ان تستمر لينش فـي حمل الشعلة والقيام بنفس العمل، على الرغم من ان تجربتها تذهب إلى أبعد من ذلك. فمكتبها، والذي يشمل بروكلين وكوينز ولونغ ايلاند وجزيرة ستاتن، نجح فـي الحصول على إدانات فـي مؤامرة تفجير شبكة مترو الأنفاق فـي المدينة التي أُحبطت، وفـي محاكمة المتهمين فـي مجلس نواب ولاية نيويورك والقبض عليهم لقبول رشاوى فـي عملية غش. ومؤخراً وجهت لينش اتهامات بالتهرب الضريبي ضد النائب الجمهوري مايكل غريم. كما عملت بشكل وثيق مع قيادة وزارة العدل من خلال ترؤس لجنة المحامين الأميركية التي تنصح هولدر حول سياسة وزارة العدل التي يرأسها.
ولكن قضية لويما، التي خضعت لتعذيب وحشي بعصا مقشة مكسورة على أرضية الحمام، هي التي ارتقت بها الى الضوء الإعلامي وعرَّفتها كمحامية مرافعة فـي المحكمة. وخلال استجوابها امام مجلس الشيوخ للاستماع اليها حول أهليتها لتسلم منصب وزير عدل الولايات المتحدة، قالت لينش انها تضع قضية لويما فـي المرتبة الثانية من حيث أهمية القضايا التي ألحقتها شخصياً، مباشرةً بعد قضية التحرش الجنسي التي تشمل عضو مجلس بلدي.
وذكر مدعي عام مقاطعة بروكلين كينيث طومسون، وكان أحد أعضاء فريق المحاكمة فـي قضية لويما، كيف ان لينش أعطته بسخاء، وهو لم يزل حديث العهد فـي النيابة، وسلمته مسؤولية تقديم الافتتاحية فـي القضية فـي حين عملت هي على صياغة استراتيجية الادعاء والسرد الذي سيقدم إلى لجنة التحكيم.
خلال المحاكمة الأولى فـي عام ١٩٩٩، والتي انتهت بأحكام مختلطة، انتقدت لينش وفريق الادعاء بشدة عناصر الشرطة «المختبئين وراء جدار الصمت الأزرق». وخاطبت هيئة المحلفـين بالقول «لا تدعوا هؤلاء المتهمين يدفعوننا إلى اليوم الذي يمكن لعناصر الشرطة ان يضربوا فـيه الناس ثم يفلتون من العقاب، او يعتقلون الناس بدون سبب ثم الكذب لتغطية هذا الأمر».
وتسلمت لينش النيابة العامة فـي منطقة شرق نيويورك من ١٩٩٩ حتى ٢٠٠١ حالة عندما برزت قضية لويما من خلال المحاكم والطعون والمحاكمات الجديدة. ثم غادرت للعمل الخاص قبل أن يتم ترشيحها فـي عام ٢٠١٠، وهذه المرة من قبل أوباما، لتشغل المنصب مرة أخرى.
وختم الرئيس أوباما كلامه حول لينش بالقول «لقد أمضت حياتها تقاتل من أجل العدالة والمساواة وهذا هو أساس ديمقراطيتنا.»
Leave a Reply