بيروت – عماد مرمل
على قاعدة تمسكه بثوابته، يقول عون لـ «صدى الوطن» ان قناعته بخيار المقاومة هي قناعة مبدئية، لا تخضع الى المساومة او المقايضة، مؤكدا ان علاقته بالامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله راسخة، ومشددا على ان نصرالله غير طائفـي وغير مذهبي مهما حاولوا تشويه صورته بالحملات المغرضة وسموم التعصب. ويستهجن عون اتهامه بانه يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية، قائلا «لقد اقترحت انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وبذلك نعطل تأثير الخارج على الاستحقاق الرئاسي ونحرر بعض القوى الداخلية المرتبطة بجهات أجنبية من الاحراج، والاهم ان هذه الطريقة تضمن وصول الرئيس الذي يريده اللبنانيون فعلا، فـيكون صاحب صفة تمثيلية لا مجرد شخص يهبط بالمظلة».
وعندما يقال لعون ان هذا الطرح يتطلب تعديلا جوهريا فـي الدستور، وربما يكون الوقت ليس ملائما لذلك فـي هذا الظرف، يرد «انهم لا يترددون فـي تعديل الدستور على قياس اشخاص ومصالح ضيقة، كما حصل مرات عدة حتى الآن، سواء لتمديد ولاية مجلس النواب او لتمديد ولاية رئيس الجمهورية، او حتى لتأمين انتخاب أحدهم رئيسا، فلماذا لا يعدل الدستور هذه المرة من أجل المصلحة الوطنية الحقيقية، وتطوير النظام». ويضيف «لو صفت النيات يمكن تعديل الدستور فـي خمس دقائق وانتخاب الرئيس الاسبوع المقبل».
ويعتبر عون ان هذا الاقتراح ليس مفصلا على قياسه بل هو يمنح فرصة لكل مرشح، كي يأتي الى الرئاسة بالارادة الشعبية، وهذا هو أرقى سلوك ديموقراطي، لكنهم رسبوا فـي الاختبار ورفضوا التجاوب معي، علما ان من هو واثق فـي حيثيته التمثيلية يجب ألا يخشى من الانتخاب الشعبي، بل ينبغي أن يكون من أشد المتحمسين له.
وإزاء الإخفاق الداخلي فـي إنجاز الاستحقاق الرئاسي، هل بات المطلوب انتظار الانتظام فـي العلاقة الاميركية – الايرانية او الايرانية – السعودية حتى يحصل توافق خارجي على الرئيس المقبل؟
يشير عون إلى أن هناك مسائل إقليمية معقدة تشغل الرياض وطهران وتحتل موقع الاولوية لديهما، أما الاستحقاق الرئاسي اللبناني فـيأتي فـي آخر جدول أعمالهما، ومن أراد ان ينتظر حصول تفاهم بينهما، او اتفاق بين طهران وواشنطن على الملف النووي، حتى نملأ الشغور فـي قصر بعبدا، يكون قد ربط مصيرنا بأمور لا نملك ان نقرر فـيها. ولذلك، علينا ان ننتخب رئيس جمهوريتنا بأنفسنا ونفك الارتباط بالخارج ومصالحه. ويعتبر ان الهدف من الضغط عليه للنزول الى مجلس النواب والتنافس مع سمير جعجع هو قطع الطريق على وصوله الى الرئاسة، لانه فـي ظل وجود المرشح الآخر(هنري حلو) لن أستطيع أنا، ولا جعجع، الحصول على الاكثرية المطلوبة، وعندها سيقال لنا ان علينا، نحن الاثنين، ان ننسحب ونفسح المجال امام انتخاب رئيس توافقي. وأنا لن أنزلق الى هذا السيناريو الذي يراد منه الإتيان برئيس ضعيف.
ويتجنب عون الدخول فـي اشتباك شخصي مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع برغم الحملات العنيفة التي يتعرض لها، مكتفـيا بالقول انه مهما فعل جعجع لن تزيد شعبيته، بينما نحن تزيد شعبيتنا وتنقص، والاكيد ان من يتركنا لا يذهب الى «القوات»، كما ان الكثيرين من الذين يكونون محايدين فـي الاوقات العادية يقفون الى جانبنا فـي الانتخابات النيابية.
وبالانتقال الى الوضع السوري، يلفت عون الانتباه الى ان الاحداث أثبتت صوابية مقاربته للازمة السورية منذ بداياتها، لاسيما لجهة دور المتطرفـين الاسلاميين، وما يمثلونه من مخاطر على كل مكونات المنطقة. وانطلاقا من ذلك، لا يتردد عون فـي القول ان سوريا هي خط الدفاع المتقدم عن لبنان، فإذا سقطت يصبح مهددا وإذا انتصرت يكون رابحا، ومن هنا نعتبر انه من مصلحتنا جميعا ان تنتصر سوريا على القوى التكفـيرية الارهابية.
ويكشف عن ان مسؤولين أميركيين ناقشوا معه عام 2005 فكرة «تغيير النظام» فـي سوريا، وأجبتهم حينها انه يجب استبدالها بـ «تغيير السلوك»، لانني كنت أعرف ان البديل عن نظام الرئيس بشار الاسد فـي حال إسقاطه هو التطرف، وقد ثبت لاحقا صحة رأيي، مشيرا الى ان السياسي الحقيقي يجب ان يستشرف ما سيكون ولا يكتفـي بالتعامل مع ما هو كائن.
ويوضح عون انه عرض بكل صراحة مع سفراء دول الاتحاد الاوروبي فـي لبنان وجهة نظره حيال الوضع السوري، قائلا «لقد أكدت لهم ان سوريا لا تزال، برغم كل نقاط الضعف لديها، هي الاقرب بين الدول العربية الى الديموقرطية، حيث التنوع فـيها موجود وحرية المعتقد مصانة، وهناك مشكلة تتصل بالحريات السياسية جرى التخفـيف من حدتها بعد إلغاء المادة الثامنة فـي الدستور السوري، فـي حين ان الدول العربية التي ترفع لواء تحقيق الاصلاح ونشر الديموقراطية فـي سوريا تفرض القيود على معظم مجتمعاتها حيث تُمنع المرأة من ان تمارس الكثير من حقوقها وصولا الى قيادة السيارة، ويُمنع على غير المسلمين إحياء شعائرهم الدينية».
ويرى عون ان سوريا صمدت، ليس فقط بقواها الذاتية، بل بقرار روسي كبير لان خطر الارهاب يهدد روسيا أيضا، وتجربتها فـي الشيشان بليغة، وروسيا تعرف ان الدفاع عن موسكو يبدأ من شواطئ المتوسط، كما ان هناك قرارا إيرانيا مماثلا بحماية سوريا. ويعرب عون عن خشيته من ان يكون هدف الولايات المتحدة تحجيم «داعش» وليس القضاء عليه تماما، مشيرا الى الامثلة والتجارب العديدة فـي التاريخ تُظهر ان الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام أي وسيلة، من شأنها خدمة مصالحها الاقتصادية والسياسية.a
Leave a Reply