علي حرب
أدرجت دولة الإمارات العربية المتحدة «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» «كير» و«الجمعية الأميركية المسلمة» «ماس»، وهما منظمتان إسلاميتان عريقتان مقرهما الولايات المتحدة، على لائحة المنظمات الإرهابية التي أصدرتها يوم السبت الفائت، مما أحدث استهجاناً وسبَّب صدمة كبيرة لهاتين المؤسستين اللتين تدافعان عن الاسلام وحقوق الانسان المسلم فـي أميركا ولجمهورهما ولباقي المسلمين الأميركيين.
وكانت قد أدرجت «كير» و«ماس» مع ثلة من المنظمات الإسلامية الأوروبية جنباً إلى جنب مع الجماعات المتطرفة والعنفية، مثل تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية»، على لائحة المنظمات الإرهابية، من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة التي وافق عليها مجلس الوزراء ثم أعلن عنها فـي وسائل الاعلام الرسمية.
وأعربت جمعية «ماس» عن صدمتها من القرار وقالت انها فـي «حيرة» من أمرها نتيجة قرار دولة الإمارات. كما ندد داوود وليد، المدير التنفـيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير- ميشيغن)، بقرار ادراج المنظمة على هكذا لائحة واصفاً إياها بأنها «غريبة». وقال «لقد صعق هذا القرار الكثير من أعضاء الجالية (الإسلامية)» وأكد انَّه تلقى سيلاً من المكالمات المحلية وكذلك من جميع أنحاء البلاد، مضيفاً «أن هذا لا معنى له. سمعت الناس يعطون تفاسير خاصة ويتحدثون عن نظرية المؤامرة متسائلين عن السبب فـي أن بلداً فـي آخر العالم يحق له أنْ يصنفنا تنظيماً إرهابياً، ولكن الحقيقة هي أن لا أحد يعرف الجواب».
على الصعيد المحلي، «كير» هي من أبرز المناهضين للتمييز الديني والعنصري. وقد رفعت المنظمة مؤخراً دعوى قضائية تطعن بوضع المسلمين على قائمة حكومية أميركية تتعلق بالمراقبة والإرهاب والحظر الجوي من دون سبب معلن ومقنع ويستهدف المئات من العرب والمسلمين الأميركيين.
وشنّت الإمارات والسعودية والبحرين حملة على جماعة «الإخوان المسلمين» كجزء من المواجهة الإقليمية بين دول الخليج الثلاث وقطر وتركيا اللتين تدعمان جماعة الإخوان.
وقد تصاعد العداء بين «الإخوان المسلمين» ومعظم دول الخليج بعد أن أطاح الجيش المصري المدعوم من السعوديين بالرئيس الإسلامي محمد مرسي فـي يونيو (حزيران) من عام ٢٠١٣، بعد عام من انتخابه ديمقراطيا فـي أعقاب ثورة شعبية أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة لم تحدد سبب إدراج المنظمات الإسلامية الغربية فـي القائمة، إلا أنَّ تقارير إعلامية عديدة تكهنت بأن قائمة الإرهاب الموسعة هي جزء من الصراع مع «جماعة الإخوان».
وقد تصدر «الإخوان المسلمون فـي الإمارات» قائمة ٨٢ منظمة تم تصنيفها بأنها جماعات إرهابية من قبل الحكومة الإماراتية.
لكن وليد نفى أية صلة بين «كير» و«الإخوان». وأوضح إن «كير» هي منظمة مقرها الولايات المتحدة وتأسست لتلبية إحتياجات الحقوق المدنية للمسلمين الأميركيين، وليست لدينا أية علاقات مع جماعة «الإخوان المسلمين». نحن منظمة متنوعة من الناس الذين هم من العرب وغير العرب ومن السنة والشيعة، و«الإخوان المسلمون» هي جماعة موجودة فـي العالم العربي، تتبع السنة وتأسست على أساس سياق تاريخي معين، وهذا ليس نحن.
ونزلت هذه الأخبار هدية ثمينة من السماء على المدونين اليمينيين المعادين للإسلام والمسلمين ففتحت شهيتهم وشرههم لمهاجمة المؤسستين الإسلاميتين العريقتين.
وكتب المدون الحاقد المناهض للإسلام روبرت سبنسر يقول «ان «كير» ليست منظمة إرهابية بالمعنى الدقيق للكلمة، لأنها لا تنسف وتفجر الأشياء أو تحث الآخرين على القيام بذلك. غير انها منظمة إسلامية شوفـينية تحمل نفس أهداف «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» مثل فرض الشريعة الإسلامية أينما كان وكلما كان ذلك ممكناً«.
لكن داوود وليد أكد أنَّ التصنيف الإماراتي لـ«كير» لن يوفر الدعاية المعادية للمسلمين والذخيرة للمناهضين للإسلام بسبب مصدره. وأردف «المشكلة مع مروجي «الاسلاموفوبيا» الذين هم ماضون قدماً فـي قضية «مناهضة المسلمين»، وحتى الآن فإن دولة الإمارات نفسها قد اتهمت بدعم متطرفـين وتمتلك واحداً من أسوأ سجلات حقوق الإنسان على وجه الأرض». واستطرد داوود «إن الإمارات ليست منارة للديمقراطية، وإن أن يديها ليستا نظيفتين لإستخدامهما كمرجع لتصنيف الناس على أنهم إرهابيون، كما أنَّ سياسات حكامها هي لخدمة مصالحهم الذاتية».
وتابع داوود «ان الأولوية عند هذه الأنظمة هي لإعالة أنفسها، همها الأول ليس العالم العربي أو المسلمين. بل البقاء فـي السلطة. فمن السهل تحويل القضايا الداخلية الخاصة بها إلى تهديدات خارجية، أو حتى تدريس أيديولوجيات فـي بعض الأحيان يمكن أن تلد أو تديم وجود المتطرفـين».
وأضاف وليد «بينما تحدث مسؤولون فـي «كير» عبر مؤتمرات فـي الخارج، فإنهم لم يتطرقوا إلى القضايا المحلية لدول الخليج ولكنهم ركزوا على مناقشة «الإسلاموفوبيا» فـي الولايات المتحدة».
وقال «نحن لا نذهب إلى العالم الإسلامي للتحدث ضد تلك الأنظمة وعمل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية لا يتأثر وطنيا ومحلياً بقرار من دولة الإمارات».
وأفصح وليد بالقول «لقد تحلقت قاعدتنا من حولنا، وأنا لا أعتقد أننا سنفقد أي دعم من المجتمع المسلم الأميركي. وفـي «كير-ميشيغن» نحن نمول نفسنا بنسبة ١٠٠٪ من قبل المسلمين والمتبرعين لمؤسستنا فـي هذه الولاية، ولدينا علاقات طويلة الأمد مع منظمات أخرى خارج المجتمع الإسلامي. وأنا لا أرى ان هذا سيؤثر على عملنا فـي كير».
وأضاف «إن «كير-ميشيغن» ستواصل التركيز على الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين فـي هذه البلاد، بما فـي ذلك القضايا المستمرة فـي دعم إنشاء مراكز إسلامية رغم العقبات التي تضعها بعض البلديات من أجل إعاقة تشييد المساجد فـي مدنها عبر مترو ديترويت. ونحن لن تصرفنا عن عملنا بعض إرهاصات هذا الأمير او ذاك فـي أبو ظبي أو البحرين أو فـي أي مكان آخر من العالم. لدينا مهمة للقيام بها هنا».
ووفقاً لداوود فإن «كير» لا تزال تعمل وسط تدقيق وتمحيص من قبل الحكومة الفـيدرالية وهذا دليل كاف على أنه ليس لديها أي صلات بالإرهاب او بمنظمات خارج الحدود الأميركية. وقال «لم يكن هناك أبداً أي شخص يعمل فـي منظمة «كير» تمت إدانته بالإرهاب. «كير» هي منظمة مرخصة فدرالياً وقد تمت مداهمة وإغلاق الكثير من الجمعيات الخيرية والجماعات الإسلامية منذ ١١ أيلول ولكن «كير» لا تزال مستمرة فـي العمل ولم يتم توجيه الاتهام لها بأي علاقة غير قانونية، وهذا دليل على أن لدينا شهادة نظيفة».
وأضاف داوود أن التسريبات التي نشرها الصحافـي غلين غرينوالد كشفت أن المدير الوطني لـ «كير» نهاد عوض قد تحرَّت عنه وكالة الأمن القومي لسنوات، ولكن الحكومة الفـيدرالية لم تعثر على أي شيء لإدانته. وإذا كانت وجدت شيئاً واحداً أو خطأ من قبل «كير»، لكانت قد أغلقت مكاتبنا والقت القبض علينا منذ زمن طويل.
ونددت اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (ايباك) ومقرها ديربورن فـي ولاية ميشيغن، بإدراج المنظمات الإسلامية الأميركية على لائحة الإرهاب الإماراتية واصفة القرار بالصادم.
وقال المحامي علي حمود رئيس الـ«ايباك» «ان كير منظمة عريقة ومن أكبر المنظمات الحقوقية التي تدافع عن المسلمين فـي الولايات المتحدة. وهنا فـي ميشيغن فان فرع «كير» ومديرها التنفـيذي داوود وليد ملتزمان بحقوق الجالية الاسلامية ويتحدثون باسم شريحة واسعة من الأميركيين الذين يتعرضون للتمييز العنصري بسبب خلفـيتهم الدينية»، وطالب حمود دولة الامارات بمراجعة قرارها والتراجع عنه من أجل مصلحة المسلمين الأميركيين، متسائلاً عن المعايير التي اعتمدتها فـي عملية التصنيف هذه . وأضاف حمود ان هذا التصنيف إهانة للذين يعملون بجد لمحاربة الاسلاموفوبيا فـي هذه البلاد.
يذكر أن ايباك كانت قد كرمت داوود وليد فـي مأدبتها السنوية فـي ٢٢ آكتوبر الفائت بحضور رسميين كبار، وذلك لجهوده فـي الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين فـي أميركا.
وقال مجلس «الشؤون العامة الاسلامية» انه يشعر «بقلق بالغ» إزاء قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بادراج «كير» و«ماس» على لائحة المنظمات الإرهابية.
وقال بيانٌ صادر عن المجلس «ان القائمة تقارن المؤسستين الإسلاميين بالجماعات الإرهابية مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش» و«بوكو حرام». هاتان المؤسستان الإسلاميتان الأميركيتان تعملان على الدعوة والحقوق المدنية والتنوير وتمكين قوة المجتمع المحلي وهما مدعومتان من مختلف الطوائف الإسلامية الأميركية».
كذلك دافعت «الجمعية الإسلامية فـي أميركا الشمالية» (إسنا) عن المؤسستين الاسلاميتين، داعية دولة الإمارات لإخراجهما من القائمة. وذكرت فـي بيان لها «بان المنظمتين الإسلاميتين الأميركيتين تتمتعان بإرث غني من الخدمة والتفاني فـي حماية وتعزيز ودعم الجاليات المسلمة والدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين فـي أميركا. وهذا التصنيف هو غير دقيق». واعترضت الولايات المتحدة على تسمية منظمات أميركية بأنها إرهابية، وقالت انها طلبت توضيحات من دولة الإمارات فـي هذا الشأن. وذكرالمتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جيف راثكي يوم الاثنين «إن الولايات المتحدة لا تنظر الى هاتين المنظمتين بأنهما إرهابيتان. ونحن نسعى للمزيد من المعلومات من دولة الإمارات حول دوافع هذا التصنيف من قبلها».
Leave a Reply