صخر نصر
سألت صديقي يوما عن سبب شرائه بطاقات اليانصيب الأسبوعية، وهو الذي لم يسعفه الحظ يوما، فإن ربح بالكاد يستعيد ثمن البطاقة، وإذا ضحك له الحظ فغالبا ماتكون أرباحه لا تتجاوز ثمن بطاقتي يانصيب، رد بابتسامة هادئة: أنا أشتري بطاقة اليانصيب لأسعد بها، أشتري بها الحلم الجميل الذي يطوف بي لعدة أيام كل اسبوع حول العالم،أسافر من خلاله إلى أحلى الأماكن، وأنزل فـي أفخم الفنادق وأتناول أشهى الأطباق، وهكذا إلى أن تحين ساعة الحقيقة فأخسر البطاقة وثمنها، ثم سرعان ما أشتري الحلم مرة أخرى. وتحضرني هنا قصة صديق آخر جاء من بلادنا إلى أميركا طالباً للعلم ومعه زوجة وطفلان، وراح يعمل بأعمال مختلفة، فبدأ بتوزيع الصحف حيث يبدأ عمله منذ ساعات الفجر الأولى، توقظه زوجته التي تشاركه همه وتخفف عنه ما استطاعت، ليقوم إلى عمله فـي توزيع أعداد الصحف على المشتركين وسط البرد القارس، ويعود بعيد السابعة صباحا الى منزله، وتكون الزوجة قد أعدت له ماتيسر من طعام ثم ينطلق إلى جامعته ليواظب على دراسته فـي هندسة الكومبيوتر، وما أن ينتهي من صفه الجامعي حتى يعود الى المنزل ليستبدل ملابسه ويلاعب أطفاله قليلا ثم ينطلق مجدداً إلى العمل كـ (ديليفري) للبيتزا وهكذا يمضي يومه ليرجع ليلاً إلى منزله فتستقبله الزوجة بابتسامة الرضا وتشجعه على المضي فـي الدراسة والجد والعمل.
لم يسمع منها شكوى يوما حول ضيق ذات اليد أوملل أوتعب فكانت خير معين إلى أن انقضت السنون الخمس ويتخرج منها مهندسا مرموقا، ويبدأ رحلة جديدة فـي المثابرة والعمل ليؤسس مع صديق له مطعما ًصغيراً وتطورت الأعمال،وصار لديهما مطعمان فثلاثة فخمسة واضطرت الزوجة لأخذ موقعها إلى جانب زوجها فـي قسم المحاسبة وإدارة المطاعم والتي تكاثرت خلال أقل من عشر سنوات لتصبح سلسلة قاربت العشرين وتزداد باضطراد.
لم يكن هذا النجاح إلا نتيجة طبيعية لأحلام ولجهد دؤوب لإنسان مكافح ناجح، قرر أن يفوز فـي معركة الحياة قافزاً فوق العوائق، متحديا المصاعب بصبر وتأن وإصرار على تحقيق حلمه فـي بلد الأحلام والفرص.
لم أورد هاتين القصتين إلا للمقارنة فصديقي الأول يتمنى تحقيق أحلامه بأوراق اليانصيب،و الثاني يحقق أحلامه بالجد والتعب والعرق والإصرار.
صحيح أن الحلم هو الدافع الأهم لنعيش حياتنا، لكنه يحتاج إلى مثابرة وكفاح، خاصة ونحن فـي بلد الأحلام (أميركا)، هذا البلد العظيم الذي نحتفل به هذه الأيام بعيد (الشكر) شاكرين الله على هذه النعمة التي منحها لكل من يعيش على الأرض الأميركية، والذين تحققت أحلامهم أوستتحقق آمالهم يوما فأميركا بلد الأحلام والفرص لحياة أفضل، فـي مجتمع لاحدود لحريته، ولمجالات العمل والإبداع، وربما يعرف من سبقنا إلى هذه الأرض،أكثر منا، معنى أن تحقق أحلامك وأن تعمل بجد وإجتهاد لتصبح رجل أعمال ناجح وربما من كبار رجال الأعمال وتحقق «الحلم الأميركي» .
إنها أميركا بلد المال والفرص الذهبية، فلا مكان هنا إلا للمجدين والطموحين الذين يسعون دائما نحو الافضل ويعملون دون كلل أو ملل لتحقيق (الحلم الأميركي)
Leave a Reply