فاطمة الزين هاشم
تعرفت عليه عند سفرها إلى احدى الدول الخليجية، وبحكم مجاورتها له فـي مقعد الطائرة كان من السهل أن يتناولا أطراف الحديث ويتعرف كلاهما على الآخر، وبما أن الرحلة تستدعي الوقوف فـي محطات عدة حرص على أن يدعوها لتناول المشروبات الساخنة أم الباردة فـي كل محطة تحط بها الطائرة.
لفتت نظره بثقافتها الواسعة وإناقتها التي تنم عن ذوق رفـيع فـي انتقائها لملابسها الراقية.
أما هو كان بمثابة الرجل الشرقي الشهم يتعامل معها بكل رقيٍ واحترام، هذا ما دفعها لأن تقبل أن تحتفظ برقمه الخاص، عند انتهاء الرحلة تواصلا لأيام وبدأت مسيرة الحب تأخذ طريقها إلى قلبيهما مع انتقاء كلمات الغزل التي كانت ترافق سلال الورود المرسلة إليها، لأن لحظات الحب الجميلة لا تثمّن.
مرت عدة أشهر على علاقتهما وفـي كل لقاء يؤكد لها مدى حبه لها ولا يستطيع الاستغناء عنها، كانت المفاجأة عندما اتصل بها وطلب الزواج منها، راح قلبها يخفق لمجرد سماعه وظلت جالسة فـي مكانها للحظات تفكر وطلبت إعطاءها بعد الوقت للرد على طلبه، لأن تلك العلاقة اعتراها بعض المشاكل والانقطاعات بينهما، وكان بعد كل قطيعة يعود أكثر ولهاً وتلهفاً وتدفقاً، فـيجرها الشوق المستبد اليه .. ويحلمها الطوفان من جنون الى آخر لكن هذه الأنثى كلما رفع سقف التحدي عالياً، قفزت أعلى من توقعاته لتثبت له أنها أنثى التحديات الشاهقة.
خذلها قلبها المحب ووافقت على الزواج وتم عقد القران واتفقا على أن يكون حفل الزواج قريباً، بعد ذلك اصطحبها فـي رحلة بحرية بعدما حقق حلمه، وضع قبلة على عنقها كما لو كان يلفها بشال من القُبل، أن يضع الرجل قبلة حيث تود إمرأة أن تتعطر تاركاً خلفة كيمياء قُبل من شذىً وأذىً، ومن مكرٍ وعنبر، لا نجاة لإمرأة من عبقها، لم تدم السعادة طويلاً لأن اتصالاً من إحدى صديقاتها نغص عليها هذه الرحلة حين أخبرتها بأنه متزوج من سيدة فـي بلده الأم وله أطفال بعمر الزهور، شردت بخيالها بعيداً ثم عادت لتصرخ فـي وجهه هل صحيح ما سمعت؟ كان محتاج أن يجن ولو كذباً ليمارس على الحبيبة سطوة ذكائه الشرقي كسارق لم يمسك يوماً بالجرم المشهود!.
عادا من الرحلة والخيبة تسكنها ولكنه لم يتجرأ التلفظ بحرف واحد. تهشمت أحلامها داخلها برجل لا تعرفه إلا قليلاً ويعرفها كثيراً، أدخلها فـي حالة دوار عشقي يصعب الخروج منها.
برغم ذلك كانت تحافظ على مسافة الأمان على لهفتها عليه تبطئ السير نحوه، فما أسرعت الخطى نحو رجل إلا وخانها رهانها.
غاب عنها لأيام دون الإتصال بها أو الإكتراث لمشاعرها، لكن شغفها لمعرفة ما يجري جعلها تتصل به وتطلب مقابلته لبلورة الأمر.
حضر بوجه متجهم ودخل منزلها دون أن يقبلها ولا يصافحها، ولا ينحني كأول مرة ليقبل يدها ولأن ينظر حتى لعينيها بنظره، لا علاقة عابرة تستحق أن يخسر من أجلها زوجته وأولاده. نظرت إليه لم يكن ذلك الرجل الذي أحبته، جلست مقابلة له وبادرته لماذا غدرت بي وجعلتني أسيرة حبك؟
ماذا تراني سأقول لأهلي عن سوء إختياري وعن الرجل الذي أرغمتهم على القبول به زوجاً لإبنتهم، وهو من جنسية أخرى لا تمت لمجتمعهم بصلة. وفوارق اجتماعية لا يرضى بها كثيراً من الأهل ولكنهم رضخوا لرغبتي وكان ما كان.
لم يعط حتى مبرراً لما فعل بل جلس كأنه لم يسمع شيئاً، جن جنونها، وصرخت به سأقتطعك من شجرة ذاكرتي رغم أن قلبي يأبى أن يغادر ذلك الحب مكانه، ويتشبث بأوراق الماضي الصفر، سأشرع بإعلان الحرب على هذا الحب على أن أتخلص من كل شيء ظننت أنه كان جميلاً لكنه كان أكثر وجعاً.
لم أحزن على رجل أشعل من أجل كل المتفرقعات. ثم أطفأ الأنوار فـي عز مباهجها الضوئية وحوّل نهارها ليلاً بعد أن كان ليلها به نهاراً.
أصبحت أكرهك بقدر ما أحببتك، أكره أن أرى اسمك بين الأسماء. أغرب عن وجهي وانسحب من حياتي بلا رجعة، لأنك لا تستحق هذا الحب الذي منحتك إياه. غداً ستشرق الشمس من جديد معلنة بداية حب جديد مزهر بورود لم تذبل أبداً.
Leave a Reply