غدير العراضي
تشير إحصاءات «مركز التحكم بالأمراض» الأميركي بأن ٥٢ مليون شخص فـي الولايات المتحدة ممن تزيد أعمارهم عن ١٢ سنة إستهلكوا الأدوية بموجب وصفات طبية، لأغراضٍ غير طبية، فـي مراحل حياتهم. وتبلغ نسبة السكان فـي الولايات المتحدة ٥ فـي المئة من مجمل سكان العالم لكنها تستهلك نسبة ٧٥٪ أدوية العالم.
والجاليات العربية غير محصَّنة أو فـي مأمن من سوء إستخدام أدوية الوصفات الطبية. ووفقاً لمركز «صحة وتنمية الشباب الراشدين» يتم عرض منشطات الوصفات الطبية على ٦١،٨ فـي المئة من طلاب الجامعات بينما يقوم ٣١ فـي المئة منهم باستخدامها لأغراض غير طبية.
المراهقون يتناولون أدوية مثل «أديرال»، بالاضافة إلى المسكنات والمهدئات والمنشطات الأخرى والتي يمكن أن تؤدي إلى الإدمان.
و«أديرال» هو دواء يستخدم لعلاج اضطراب نقص الانتباه مع النشاط المفرط «أي دي أتش دي» (ADHD). غير أن بعض طلاب الجامعات الذين لم يُشخَّصوا بهذا المرض يتعاطونه بشكلٍ مسيء للحفاظ على «درجات جيدة» خلال دراساتهم الجامعية.
ووظيفة «أديرال» الطبية الطبيعية هي مساعدة المرضى
المصابين بـ «أي دي أتش دي» على التصويب الذهني والحفاظ على التركيز والسيطرة على الارتجاف والتحرك اللاإرادي للجسد. غير أن الطلاب الذين لم يُشخَّصوا بهذا المرض يقومون بالاستفادة من هذا الدواء ويتناولونه قبل الامتحانات لمساعدتهم على التركيز أو الدراسة لساعات طويلة بشكل أكثر زخماً. ونظراً للشعبية المنقطعة النظير لتطبيق جديد على وسائل التواصل الاجتماعي اسمه «يك ياك» (Yik Yak)، ينشر الطلاب أي شيء يدور فـي أذهانهم مع امتياز البقاء مجهولي الهوية. ويحمل التطبيق موقعاً وشريطاً مختلفاً لكل حرم جامعي. ومثلاً فـي موقع جامعة ميشيغن-ديربورن يتحدَّث بعض الطلاب المجهولين عن تناول دواء «أديرال».
ومؤخراً كتب احد هؤلاء الطلاب يقول «عندما آخذ حبة «أديرال» أشعر أن بإمكاني إجراء مناظرة مع الرئيس أوباما، وتجعلني واثقاً ودقيقاً جداً فـي كل شيء وصولاً الى طريقة المشي لدي».
لبيبة رضوان، عاملة اجتماعية وصحية تعمل ضمن كادر المجلس العربي الأميركي والكلداني وهي مجازة متقدمة فـي معالجة الإدمان، قالت «إن تعاطي المخدرات الموصوفة طبياً والكحول فـي مجتمعاتنا، هو مشكلة صحية عامة وخطيرة». وأضافت رضوان «إنَّ المخدرات الأكثر انتشاراً فـي سوء
الاستخدام هي «الماريوانا»، وفـي المرتبة الثانية تأتي أدوية الوصفات الطبية والكحول. الفئة العمرية الأكثر مشاركة فـي التعاطي هي ١٨عاماً وما فوق».
فـي ما يخص سوء استعمال أدوية تسكين الألم و«أديرال»،
فإنَّه أكثر انتشاراً بين مجموعة الذكور المراهقين فـي الجالية العربية الأميركية.
ووفقاً لرضوان، فإنَّ المخدرات الموصوفة طبياً يمكن الوصول إليها بسهولة سواء من خلال خزانة أدوية الوالدين أو من صديق أو قريب، وعادة لا يتم اكتشاف المشاكل إلا بعد وقوع الكارثة.
وأكدت رضوان ان المجلس العربي الأميركي والكلداني يستخدم النظام الإلكتروني لتتبع أثر الدواء.
وأردفت «اذا قام هؤلاء الزبائن بالتسوق من أجل الوصفات الطبية، فلدينا نظام لتتبع حصولهم على أدويتهم بدون علمهم بذلك. وكلما كان الزبائن اكثر اندماجاً بالثقافة والمجتمع الغربي كلما ازداد سوء استعمال وتعاطي العقاقير بينهم.».
وعلى الرغم من أنَّ تعاطي المخدرات بوصفة طبية هو مشكلة شائعة لدى المراهقين، لكن فـي حوزة رضوان بعض قصص النجاح. واحدة من هذه القصص تتعلق بشاب فـي العشرين من العمر يسكن فـي مدينة هامترامك الذي بدأ بإستهلاك حبوب «فـيكودين» بعد ان استدل عليها وهو فـي الصف التاسع، فأخذ يتحول ببطء إلى مدمن. وفـي غضون عامين، كان يشتري الحبوب من الشوارع ومن الأصدقاء وقد اقتيد إلى المستشفى عندما اكتشف والداه إدمانه.
واستطردت «الآباء لا يدركون حالة اولادهم حتى تقع المصيبة»، وأضافت أنه «من النادر جداً ان يأتي المدمنون ويطرقوا على أبواب ذويهم طلباً للمساعدة استدراكاً للمأزق. إنهم عادة يكتشفون إدمان أولادهم بعد إدخالهم غرفة الطوارئ».
ومع تلقي العلاج الدائم أصبح المريض المدمن من هامترامك نظيفاً من سموم الحبوب ويقظاً منذ عام تقريباً.
وعادة يختلف العلاج تبعاً لإساءة الاستعمال ومدى الاعتماد على الأدوية. الإعتماد على العقاقير هي مشكلة جسدية تتطلب المعالجة الفـيزيائية لذلك يتم تحويل المدمنين إلى مراكز اعادة التأهيل أو برامج التخلص من السموم. ولعلاج إساءة استخدام الأدوية، يجب إقحام مجموعات الدعم أو المشورة الخاصة الفردية فـيه.
كذلك اقترحت رضوان برنامج وقاية يسمى «صحة المراهقين» الذي يستهدف الأطفال وأولياء الأمور. والبرنامج يقوم بتثقيفهم من خلال المباريات أو الأنشطة التي تساعد على منع حصول أي إدمان خطير لدى أطفال المدارس.
Leave a Reply