علي حرب
بعد صمتٍ طويل، خصَّ السيِّد حسن القزويني، إمام المركز الإسلامي فـي أميركا «آي سي أي» (ICA)، «صدى الوطن» بالرد على الرسائل المجهولة المصدر التي هاجمته وتناولته شخصياً مع المركز، وذلك فـي مقابلة شاملة تنشرها على جزئين.
وكانت الرسائل، التي استهلكت الحيِّز الأكبر من الجزء الأول من المقابلة، قد أُرسلت عبر البريد إلى المنازل فـي مدينة ديربورن والجوار تتهم القزويني بالفساد، من بين اتهامات شخصية خطيرة أخرى. وقد نفى السيِّد القزويني جميع هذه الادعاءات التي وردت فـي الرسائل واصفاً إياها بأنها هجمات على الجالية المسلمة، وتهدف الى تشويه صورته فـي المجتمع.
تزعم واحدة من الرسائل أن القزويني «يرسل بشكل غير قانوني مال الخُمس لمؤسسات والده فـي العراق وفـي ولاية كاليفورنيا». والخُمس هو شكل من أشكال الزكاة حسب الشريعة الاسلامية. وتبلغ نسبته ٢٠ بالمئة من الفائض المالي السنوي للدخل الشخصي بعد تسديد كافة المصاريف والتبعات المالية.
وحول هذا الاتهام قال القزويني إنَّ مال الخمس لا يعود ريعه إلى المركز الإسلامي، وبالتالي لا يمكن له أنْ يحتفظ به. وأوضح «أن الخُمس يجب أن يكون مقسَّماً إلى نصفـين، سهم الإمام الذي يعود إلى الإمام المهدي (ع)، وهو من نسل النبي الأعظم وعلي (عليهما السلام) ويعتقد المسلمون الشيعة الإمامية بغيبته وبعودته فـي آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أنْ مُلئت ظلماً وجوراً».
وتابع القزويني يتم توزيع سهم الإمام إلى آية الله العظمى المرجع الديني الذي يمثل الإمام المهدي، والمرجع فـي الإسلام هو من علماء الدين الذين يبلغون درجة من الإجتهاد والمعرفة والتقوى التي تسمح لهم بإصدار الأحكام الدينية والفتاوى وفقاً لتفسيرهم الخاص للشريعة.
وأضاف «نحن ننظر إلى المراجع الدينية كممثلين للإمام المهدي، لأنه غائب. والمرجع هو الوحيد الذي يُسمح له بالتصرف بسهم الامام. كما أن بعض المراجع يسمحون للمركز الذي يجمع الخُمس أنْ يحتفظ بجزء أو كل سهم الإمام. فمثلاً آية الله العظمى السيِّد علي الحسيني السيستاني يأخذ ٥٠ فـي المئة من سهم الإمام، بينما يسمح للمركز الذي جمع الخُمس بالاحتفاظ بالنصف الآخر. فـي حين ان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله كان يسمح للمركز الذي يجمع الخُمس فـي الاحتفاظ بكامل الخُمس. ويُستعمل سهم الإمام عادةً لمساعدة الفقراء وتشغيل المؤسسات الدينية».
وأطلع القزويني «صدى الوطن» على حزمة من إيصالات تحويل الأموال من المركز الاسلامي لمكتب المرجع الشيعي الأعلى السيِّد على السيستاني ومركزه الرئيسي فـي العراق. وأضاف «كل من يقول أنَّ سهم الإمام لا يذهب إلى المركز هو كاذب ولا توجد هناك مؤسسة إسلامية واحدة ضاهتني فـي جمع اسهم الإمام بقدر ما جمعت للمركز الإسلامي وأنا أتحدى أي شخص أن يثبت خلاف ذلك. هذه المسألة هي مغالطة كبيرة من قبل المتَّهِمين».
وكشف القزويني ان المركز جمع حوالي مليون دولار من أموال الخُمس على مدى السنوات العشر الماضية.
واستطرد القزويني، أما النصف الآخر من الخُمس فهو «سهم السادة» وهو لا يمكن التبرع به إلاّ إلى أفراد معوزين ينحدرون من سلالة النبي محمد (ص). وذكر انه يعطي المانحين لأسهم السادة خيارات منح هذا السهم لسادة معوزين يعرفونهم وإذا لم تكن لديهم معرفة بأحد عادة يطلبون منه التصرف بهذا السهم بما يراه مناسباًً بما فـي ذلك تحويله للجمعية الخيرية، التي يديرها بنفسه هو والده، وتقوم بإدارة وتشغيل دار للأيتام ومستشفى فـي العراق واسمها «مؤسسة الغوث والتنمية»، وهي منظمة غير ربحية مسجلة فـي الولايات المتحدة والعراق.
وأشار القزويني «أنا لا أقترح (إسم) دار الأيتام لأنه موجود فـي العراق، ولكن لأن والدي وأنا مسؤولان عنه كما ان لدى العراق أكبر عدد من الأيتام فـي العالم، ووفقاً لدائرة فـي منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بالأطفال «اليونيسيف»، هناك ٥ ملايين يتيم عراقي. ولكن فـي نهاية المطاف، الأمر كله فـي يد الجهة المانحة. أنا لا أملي على المانحين أين يذهب المال فإذا كان شخص ما يريد أنْ يرسل المال لأحفاد النبي الفقراء فـي الصين، فلا نقول له لا تفعل، بل نشجعه على فعل ذلك».
وأكد القزويني، الذي تبوأ ادارة المركز منذ عام ١٩٩٧، «أنَّ كل التبرعات جرى توثيقها وكل متبرع يحصل على وصل استلام حتى يحسم قيمة تبرعه من الضرائب السنوية وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، والعملية برمتها تُراعى فـيها أقصى حدود الوضوح والشفافـية». وأفصح عن أنه تلقى أيضاً تبرعات خاصة لدار الأيتام التي يديرها ولا علاقة لها بتاتاً بالمركز الإسلامي «وهذا ليس شيئاً أحاول إخفاءه».
وأعرب القزويني عن دعمه للجهود والأنشطة الخيرية فـي أي مكان فـي العالم وليس لديه تفضيل للعراق، بلده الأصلي. كما أشار إلى جهوده الخاصة فـي جمع التبرعات للمساهمة فـي مشروع لمكافحة الجوع والعطش فـي أفريقيا من قبل مؤسسة «مدرار» الخيرية اللبنانية من خلال فرعها فـي أميركا، لأن «اليتيم هو يتيم فـي أي مكان ومن غير المقبول أن تصل العنصرية عند بعض الناس إلى حد القول: لماذا أنت تساعد الأيتام فـي العراق»؟ وبالنسبة لأولئك الذين يقولون» لماذا أنت ترسل مال المركز إلى العراق؟، فالرد هو أنَّ سهم السادة لا يعود إلى المركز».
وأكد القزويني انه جمع حوالي ٤ ملايين دولار للمركز الإسلامي على مدى العقد الماضي من تلقاء نفسه. وقال «أنا لا أتحدث عن جمع التبرعات العادية عندنا. وهذا كله موثَّق، حيث انَّي فـي كل عام فـي مناسبة عاشوراء أتحدث مع الجهات المانحة وأجمع للمركز ما يعادل ٣٠٠ ألف دولار. وإذا كان هناك أي شخص يسعى لدفع ديون المركز، فهذا الشخص هو أنا. لقد جمعت تبرعات وأموالاً للمركز الإسلامي أكثر من أي عالم ديني فـي أي مؤسسة».
القزويني يدافع عن رون أمين
كذلك هاجمت الرسائل رئيس مجلس أمناء المركز الإسلامي، رون أمين، متهمةً إياه بترك الصلاة أو الصوم، وبأن القزويني كان وراء انتخاب أمين. ورد القزويني أنَّ رون إنتُخب ديمقراطياً وفقاً لنظام المركز الداخلي ونفى وجود أي دور له على الإطلاق فـي الإنتخابات وأنه لم يعرف حتى أنَّ أمين كان مرشحاً للمنصب ولم يكن على علم بأسماء المرشحين ولم يتدخل اطلاقاً فـي عملية الإنتخاب. لكنه أشاد بأمين ووصفه بأنه «رجل خلوق كان نشطاً فـي الجالية لعدة عقود وكان عضواً فـي مجلس الأمناء لسنوات طويلة ولم يأت من المريخ. ونحن لسنا (على شاكلة) شرطة المطاوعة فـي المملكة العربية السعودية حتى نذهب إلى بيوت الناس لنرى إذا كانوا يُصلُّون أم لا. لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأخذ الناس بمظاهرهم. وإذا جاء شخص ما إلى المسجد ليصلي ويقول أنا مسلم فليست وظيفتنا التشكيك فـي صحة إيمانه، خصوصاً عندما لا نملك دليلاً».
وأضاف القزويني أن أمين واجه الهجمات لأنه يحاول تنفـيذ الإصلاحات فـي المركز الإسلامي.
وتزعم الرسائل المجهولة المصدر أيضاً أنَّ القزويني قد ارتكب فاحشة الزنا من خلال دخوله فـي عقد زواج متعة مع امرأة متزوجة. ونفى القزويني الإتهام جملةً وتفصيلاً ووصفه بأنه واحد من سلسلة الأكاذيب المتعمدة لتشويه صورته وإلحاق الأذى بعائلته، متحدياً «مطلقي هذه الأكاذيب ان يقدموا دليلهم، فهم غير قادرين على ذلك لانها أكاذيب مختلقة لا أساس لها لتدمير صورتي امام المجتمع وإلحاق الأذى بالمسلمين والمركز الإسلامي».
وحول الإدِّعاء بأنَّ القزويني يمتلك منزلاً بقيمة ٤٠٠ ألف دولار، فـي حين أنَّ سلفه الراحل الشيخ محمد باقر شري مؤسس المركز الإسلامي، عاش فـي منزل كلفته ٧٥ ألف دولار، قال إنَّ منزله يحمل نفس القيمة، إنْ لم يكن أقل تكلفة من بيت الإمام شري. وانه لم يسدد سوى جزء يسير من ثمن المنزل.
وأبرز القزويني وثائق مصرفـية تظهر أنَّ كلفة منزله تبلغ ٣٠٧٠٠٠ دولار، لكنه لا يزال مديناً بمبلغ ٢٧٦٠٠٠ دولار.
وأبدى القزويني تيقنه بأنَّ الرسائل المغرضة المجهولة المصدر لم تؤثر على سمعته، بسبب وعي الجالية ولكن «من الناحية النفسية، أنا لست سعيداً. فأنا اشعر بالضرر والألم شخصياً عندما اقرأ رسالة مهينة لي ولعائلتي. أي شخص يتأذَّى لأي شيء من هذا القبيل ولكن على الرغم من الألم، أنا لا أتخذ القرارات بناءاً على الغضب وهذا الهجوم والتجني لن يمنعني من مواصلة عملي».
وأفصح السيِّد القزويني أن زوجته، وهي الآن فـي إيران، قد سمعت عن الرسائل وطلبت منه أن يشاركها فـي المضمون و«فـي البداية رفضت أن أرسل لها نسخة من الرسائل وقلت لها انها سوف تكدرها ولكنها أصرت، وعندما رأتها أصبحت حزينة للغاية، وهذا أمر مؤلم حقاً».
من أرسل الرسائل؟
وقال القزويني انه لا يعرف هوية الشخص (أو الأشخاص) الذين بعثوا بهذه الرسائل، واضاف «لكن نتيجة تحليلها يمكنني أنْ أستخلص أنَّ مؤلف هذه الرسائل هو طرف معادٍ للإسلام. وخلال عملي طيلة ١٨ عاماً هنا واجهت الهجمات الشرسة، ومعظمها من اللوبي الصهيوني».
وأردف القزويني ان الرسائل «تحمل نفس «داعش»، فـي مضمونها، ولم يستبعد إمكانية وجود شخص مفتر من داخل المركز يمكن أن يكون مسؤولاً عنها». وأضاف «فـي هذه الرسائل، أسمع النغمة التي ليست لديها فقط مشكلة مع حسن القزويني، ولكن مع دين الإسلام. ما يفعله هؤلاء الناس هو بالتأكيد ضد مصالح المركز ومصالح الجالية».
وخلص إلى القول أن الهجوم عليه يستفـيد منه أعداء الإسلام فقط، «وإذا نظرنا إلى المسألة من منظور مادي، أنا أجمع أكبر قدر من المال للمركز الإسلامي. فالتهجم عليَّ هو هجوم على المركز. وإذا نظرنا إلى الأمر من منظور رمزي، فالقزويني هو شخصية إسلامية معروفة. لقد حاضرت فـي أكثر من ٤٠٠ جامعة وكنيسة، لذلك فتدمير صورتي هي محاولة للنيل من أحد رموز المسلمين فـي أميركا».
Leave a Reply