تعتمد معالجة قضايا أكثر من ١٠٠٠٠ ضحية من ضحايا الاغتصاب فـي ديترويت على سخاء المتبرعين.
على الأقل هذا هو الهدف من المبادرة غير التقليدية القائمة حالياً لحل جريمة الإغتصاب فـي ديترويت، حيث تعوِّل السلطات القضائية على الأفراد والشركات للتبرع لما يُعتقد بأنه أول برنامج عمل خيري قضائي من نوعه فـي البلاد: والهدف حل قضايا الاغتصاب العالقة.
فقد أكتشف مكتب المدعي العام فـي مقاطعة «وين» ١١٠٠٠ ملفّ أدلة إغتصاب لم تمس بعد فـي وحدة تخزين شرطة ديترويت قبل خمسة أعوام، وأعلن أنه تعاون مع اثنين من المنظمات غير الربحية لجمع ١٠ ملايين دولار بغية دفع تكاليف التحقيقات ومقاضاة متسببي قضايا الاغتصاب التي لم تُحل بعد.
ومنذ اكتشاف أدلة الاغتصاب القديمة فـي عام ٢٠٠٩، قام المدعون العامون بإجراء الفحوصات على ٢٠٠٠ من الأدلة ووجدوا ٦٧٠ منها تطابق الحمض النووي. ومن تلك الأدلة،
تم تحديد هوية ١٨٨ من المغتصبين التسلسليين، أُدين ١٥ منهم بأحكام. من بين هولاء شيلي اندريه بروكس، الذي
يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة لإدانته باغتصاب وقتل سبع نساء – الجرائم التي كان من الممكن تلافـيها لو تم فحص
الأدلة الأصلية التي جُمعَتْ من إعتداء سابق قام به المغتصِب نفسه.
وكانت النساء السبع قد قُتلن بعد ان انتهى بروكس لتوِّه من اعتداء جنسي على امرأة أخرى، ولكن أدلة الاغتصاب لم تُختبر.
وتعهدت المدعية العامة فـي مقاطعة «وين» كيم ورثي، وهي نفسها ضحية اعتداء جنسي سابقة، بوضع حد لهذه المظالم. وقد أمَّن مكتبها ما يكفـي من المال لدفع تكاليف التحقيقات والفحوص المخبرية لكل الملفات المتبقية فـي ديترويت بمساعدة مؤسسة «النساء فـي ميشيغن» وهي منظمة غير ربحية عمرها ٢٩ عاماً وتُعتبر رأس حربة فـي الجهود لجمع الأموال لهذا الغرض.
«اننا نحاول تغيير طريقة التعاطي مع (تحقيقات) الاعتداء الجنسي والتعامل معها فـي هذه المقاطعة»، كما أعلنت ورثي خلال مؤتمر صحفـي عقدته فـي ديترويت حضره أيضاً رئيس بلدية ديترويت مايك داغن ومحافظ مقاطعة «وين» ورن أفينز ورئيس مكتب التحقيقات الفدرالي السابق أندرو أرينا، والمدير التنفـيذي لـ«مفوضية الجريمة فـي ديترويت»، والمدعي العام لولاية ميشيغن بيل شوتي.
وأشارت ورثي أنه «حتى لو لم يحدث لي ذلك (الاعتداء الجنسي)، أنا لا أعتقد أنني سأكون أقل عاطفـية حيال هذا الموضوع». وقالت «ورثي عن قضيتها الخاصة إنها تعرضت للإغتصاب من قبل شخص أمسكها من الخلف بينما كانت تُمارس رياضة الركض عندما كانت طالبة قانون فـي جامعة «نوتردام». وأردفت أنها لم تبلِّغ عن الهجوم، من الخوف بأنه يمكن لهذا البلاغ تعطيل مهنتها القانونية».
«هذه الشراكة … تمثل واحدة من جهود الأمة الأولى لتصحيح هذا الخطأ» قالت كارولين كاسان، الرئيسة التنفـيذية لمؤسسة «المرأة فـي ميشيغن». وأردفت «فـي عالمنا اليوم، هذا بيان فائق الأهمية بأن الجرائم المرتكبة ضد النساء لن تنحى جانباً أو يجري تجهيل الفاعل فـيها بأي شكل من الأشكال».
ويطلق على حملة جمع التبرعات «قلنا بما فـيه الكفاية» (الاعتداء الجنسي فـي ديترويت.) وحتى الآن، ساهم الأفراد وأرباب العمل والمال المانحين من ٤٥ ولاية وثماني دول، بمبلغ يقارب ٧٥٠ ألف دولار لهذه القضية.
ولاية ميشيغن نفسها وضعت جانباً ميزانية ٤ مليون دولار لفحص الأدلة، ويُتوقَّع ان تُنجَز الاختبارات على أدلة الاغتصاب فـي شهر أيار (مايو) القادم.
ولكن فحص الأدلة هو مجرد جزء من المعادلة فـي حل الجريمة. إذا كان هناك تطابق فـي فحص الحمض النووي تحتاج القضية إلى التحقيق والمحاكمة، والتي تكلف أموالاً طائلة.
وقد رصد مكتب المدعي العام فـي ميشيغن بدوره ٣ ملايين دولار لمحاكمة قضايا الاغتصاب على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من المال للقبض على الآلاف من المغتصبين الذين ما زالوا أحراراً طليقين. وتقول السلطات إن المغتصبين، يقومون بما معدله ١١ حالة اغتصاب قد تكون مرتبطة بالعديد من الجرائم الأخرى.
نقص المال هذا كان عقبة رئيسية فـي حل قضايا الاغتصاب فـي ديترويت. وعدم وجود الموارد البشرية، من الشرطة والمدعين العامين والمحققين، هو حجر عثرة أخرى، فضلا ًعن فقدان الثقة بين الضحايا وبين الوكالات العدلية والأمنية التي أساءت التعامل مع قضاياهم، مما سمح للعديد من المهاجمين بإيذاء الآخرين. على سبيل المثال، فـيما يلي بعض المشتبه بهم بالاغتصاب الذين أدينوا منذ تم اكتشاف أدلة الاغتصاب التي لم يتم فحصها.
المغتصبون المتسلسلون مثل ديشون ستاركس – الذي كان كشف تحقيق أجرته صحيفة «فري برس» عن الإفراج المشروط عنه فـي اذار (مارس) ٢٠١٣ بعد أن قضى فترة تسع سنوات فـي السجن، على الرغم من وجود نتائج فحص الحمض النووي المتعددة التي تربط بينه وبين حالات اغتصاب أخرى.
«أشعر أنهم كانوا يمكن أن يفعلوا أكثر من ذلك»، قالت امرأة ضحية من ولاية أوهايو البالغة من العمر ٣٤ عاماً تعرضت لاعتداء من قبل ستاركس فـي ديترويت فـي عام ٢٠٠٣. لكن ستاركس اليوم يخدم فترة تمتد من ٤٥ الى ٩٠ عاماً فـي السجن بسبب هذا الاعتداء وغيره.
حالة إيريك يوجين ويلكس
وفقاً لمكتب المدعي العام لمقاطعة وين، فـي ٢١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦، تظاهر أيريك يوجين ويلكس بأنه شرطي سري وعرض على امرأة صماء تنتظر فـي محطة للحافلات، أنْ يوصلها لبيتها بسيارته . وقال الادعاء انها قبلت عرض ويلكس فما كان منه إلاّ ان قاد السيارة إلى تقاطع شارعي «سانت أوبين» و«ماك» فـي ديترويت، حيث اغتصبها، ثم حاول تنظيفها لتدمير الأدلة ومن ثم سمح لها بالذهاب.
وسارعت المرأة الضحية إلى المستشفى حيث تم جمع أدلة الاغتصاب – ولكن لم يتم فحصها لمدة ست سنوات.
وحالما تم اكتمال فحص الأدلة أخيراً، جرى ربط ويلكس بثلاث حالات اغتصاب أخرى. وهو يقضي الآن حكماً بالسجن من ٨ سنوات الى ٣٠ سنة. كما أُدين آخران وهما: ريجنالد هولندا، الذي يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة لخطف واغتصاب أربع نساء قبل أن يتم كشفه من خلال اختبار الحمض النووي. وغابرييل كوبر الذي يقضي حكماً بالسجن من ٣٠ إلى ٧٠ سنة لاغتصاب ثلاث نساء. وتعتزم «مفوضية الجريمة فـي ديترويت» المساعدة فـي تمويل وحدة «القضية الباردة» التي ستحاكم ما يقدر عددهم بنحو ٣٠٠٠ قضية اغتصاب لم تُحَل بعد. وقد ساعدت المفوضية، والتي سوف تتقدم بطلب منح مالية للمساعدة فـي إنشاء هذه الوحدة، فـي خفض كلفة فحوص الأدلة من ١٠٠٠ دولار إلى ٤٩٠ دولار.
السلطات المحلية تؤكد أن أدلة الاغتصاب التي لم تُفحص لا تقتصر على ديترويت فقط. وحتى الآن، تم تحديد أكثر من ٤٠٠ ألف أدلة اغتصاب غير مدقَّق بها على الصعيد الوطني. معظم هذه الأدلة تقع فـي المناطق التالية:
• ممفـيس، بولاية تنسي: أكثر من ١٢٠٠٠ أدلة.
• كليفلاند، بولاية أوهايو: ما يقرب من ٤٠٠٠ أدلة.
• تولسا، بولاية أوكلاهوما: أكثر من ٣٧٠٠ أدلة.
• لاس فـيغاس، بولاية نيفادا، أكثر من ٤٠٠٠ أدلة.
• دالاس، بولاية تكساس، ٤١٤٤ أدلة.
• توليدو، بولاية أوهايو: ٢٣٠٠ أدلة.
وأشارت بيغ تاليت التي تعمل على تأمين التمويل العام والخاص لاختبار ملفات أدلة الاغتصاب نيابة عن مؤسسة «النساء فـي ميشيغن» أن «الحقائق الاقتصادية فـي ديترويت ومقاطعة وين تبين أن حل قضايا الاغتصاب الباردة هو وراء قدرة الحكومة على المساعدة وأن المساعدة المالية الخاصة أمر ضروري». وشددت أيضاً على أن الحملة «قيل بما فـيه الكفاية» هدفان: تأمين العدالة للضحايا وجعل ديترويت أكثر أمناً للجميع.
وأضافت تاليت فـي بيان مُعد سلفاً ان «المضي قدماً لخلق منطقة منزوعة الاعتداء الجنسي فـي ديترويت أمر بالغ الأهمية لتنشيط المنطقة»، واستطردت «ديترويت الآمنة والصحية ستجلب منافع إقتصادية كبيرة على المنطقة بأسرها».
للحصول على معلومات أو للتبرع لحملة «قيل بما فـيه الكفاية» الرجاء زيارة الموقع التالي: enoughsaiddetroit.org
Leave a Reply